ونشر مكتب رئاسة الوزراء، يوم أمس الإثنين، مسودة تشريع تكشف الخطوات التي ستتبعها بريطانيا في حال عدم التوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، حيث ستطبق بريطانيا إجراءات تجارية جمركية مستقلة، ابتداء من اليوم الأول، بعد نفاذ بريكست في مارس/ آذار 2019.
وتعد هذه المرة الأولى التي ترسم فيها الحكومة البريطانية صورة الوضع المتوقع في حال عدم التوصل إلى اتفاق، وذلك لدفع الاتحاد الأوروبي إلى التنازل عن بعض مطالبه الأولية، التي يرغب الاتحاد في التوافق عليها قبل الانتقال إلى المباحثات التجارية.
وتشير الأوراق البيضاء التي نشرت البارحة، أن بريطانيا ستعمل وفقاً لقواعد منظمة التجارة العالمية، في ما يتعلق بالجمارك والتجارة في حال عدم الاتفاق، حيث ستضع رسومها الجمركية والضرائب الخاصة بها، بالإضافة إلى جعل الحدود ضمن الأراضي البريطانية لتجنب صفوف الانتظار الطويلة في الموانئ.
كما يشمل التصور المقترح، أن تقوم وزارة التجارة الدولية بوضع خطة تعرف باسم "المشروع التالي"، والتي تشمل مقترحاً بإسقاط التعرفة الجمركية كلياً وتشكيل حلف اقتصادي مع عدد من الاقتصادات الآسيوية.
وقالت ماي في كلمة ألقتها أمام البرلمان البريطاني ووجهتها لبروكسل "نحن مستعدون لكل الاحتمالات وترون الآن دليلاً على ذلك".
إلا أن المشروع ينص على أن بريطانيا "تأمل وتتوقع" التوصل إلى اتفاق، وأن هذه الخطط ليست إلا خطة احتياطية.
كما تشير الورقة إلى أن تأثير هذه الإجراءات سيكون على أشده في الموانئ، ولذلك ستقوم الحكومة البريطانية بتوفير ميزانية ضخمة لتجهيز البنية التحتية اللازمة للتأقلم مع هذه التغيرات.
ويشمل ذلك بناء محطات ضخمة في الداخل البريطاني تقام عليها نقاط التفتيش الحدودية، حيث يتم تفتيش جميع العربات الداخلة إلى بريطانيا.
يأتي التصعيد في خطاب ماي قبيل زيارة ستقوم بها، الأسبوع المقبل، إلى بروكسل لحضور اجتماع للمجلس الأوروبي، وستقرر بناء على ذلك مدى التقدم الحاصل في المواضيع الشائكة التي تشمل فاتورة بريكست، وحقوق المواطنين والحدود الإيرلندية.
كما سيتجه ديفيد ديفيس إلى بروكسل، اليوم، لينضم إلى الجولة الحالية من مفاوضات بريكست، وذلك رغم تسليم الحكومة أن الاتحاد الأوروبي سيرفض البدء بالمحادثات التجارية قبل شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، حين انعقاد المجلس الأوروبي.
وكانت تيريزا ماي قد ذكرت في كلمتها أمام مجلس العموم وجود "تقدم ملموس وحقيقي" منذ خطابها الأخير الذي ألقته في فلورنسا الشهر الماضي.
إلا أن الرد الأوروبي كان بنفي حصول أي تقدم في المفاوضات "لم يتم، حتى الآن، الوصول إلى تفاهم حول الخطوة الأولى، وهي إجراءات الطلاق، ولذلك لا تزال الكرة في ملعب المملكة المتحدة." وفقاً للمتحدث باسم البعثة الأوروبية مارغاريتيس سكيناس.
واستقبل مؤيدو بريكست في مجلس العموم تصريحات ماي وورقتها البيضاء بالترحيب. إلا أنها واجهت اتهامات بخيانة بريكست بعد أن أعلنت عن حتمية القبول بسلطة محكمة العدل الأوروبية خلال الفترة الانتقالية المتوقع أن تمتد لعامين بعد موعد بريكست.
وقالت ماي، إن صفقة انتقالية "قد تعني البدء بقبول سلطة محكمة العدل الأوروبية في القوانين التي نشكل جزءاً منها في هذه الفترة".
ولكن جاكوب ريس موغ، وهو أحد متصدري مؤيدي بريكست عن حزب المحافظين، قد علّق على ذلك قائلاً "إذا استمرت سلطة محكمة العدل الأوروبية، فلن نكون قد غادرنا الاتحاد الأوروبي. إنه ربما أكثر الخطوط الحمر أهمية لضمان احترام تصويت الخروج من الاتحاد الأوروبي".
وكان إنهاء سلطة محكمة العدل الأوروبية واستبدالها بالمحاكم البريطانية أحد المطالب الرئيسية لجمهور بريكست، إلا أنه أيضاً يشكل أحد المشاكل العالقة مع الاتحاد الأوروبي في مرحلة التفاوض الأولية. فالاتحاد الأوروبي يصر على أن يخضع المواطنون الأوروبيون المقيمون في بريطانيا بعد بريكست إلى سلطة المحكمة الأوروبية لضمان حقوقهم، بينما كانت الحكومة البريطانية تصر على أن سلطة المحاكم البريطانية بعد بريكست خط أحمر.
ووجه جيريمي كوربن، رئيس حزب العمال المعارض، انتقادات حادة لحكومة المحافظين الحالية في رده على تصريحات ماي، واتهمها وحكومتها بتعريض مستقبل البلاد للخطر في ظل النزاع الداخلي الذي تشهده الحكومة.
كما شهدت الجلسة البرلمانية أيضاً رفض تيريزا ماي التعليق على أسئلة وجهها لها النواب العماليون حول تلقيها استشارة قانونية تنص على قدرة البرلمان البريطاني بوقف بريكست إن رأى في ذلك مصلحة وطنية.