بعد مرور أكثر من عشرة أيام على بدء عمليّة "عاصفة الحزم" في اليمن، تتفاقم مشكلة اليمنيّين العالقين في مطارات العالم إذ يعجزون عن العودة إلى ديارهم. وفي مصر، كانت مبادرة طالبية تهدف إلى مساعدة العالقين في القاهرة وتوفير بعض المستلزمات لهم.
محمد السماوي أحد هؤلاء العالقين في مصر. هو كان قد قصد القاهرة بهدف تلقي العلاج الطبي. لكنه حتى الآن لم يستطع العودة إلى البلاد. ويروي السماوي معاناة اليمنيّين في القاهرة، نتيجة عدم قدرتهم على توفير تكاليف العيش. فيقول: "اضطر البعض إلى الاستدانة من أقرباء وأصدقاء لهم لكي يتمكنوا من دفع بدلات إيجار سكنهم وشراء الطعام والشراب"، مشيراً إلى أن بعض العائلات تكتفي بوجبة غذائية واحدة في اليوم، لتوفير ما تملكه من مال للأيام المقبلة.
تجدر الإشارة إلى أنه وقبل العودة إلى الديار، غالباً ما يكون اليمني الذي يقصد الخارج بهدف العلاج، قد استنفد كل ما يملكه من مال في المستشفيات وفي شراء الهدايا. وأمام هذا الواقع، أطلق بعض الطلاب اليمنيّين في القاهرة مبادرة تهدف إلى مساعدة مواطنيهم عن طريق جمع الأموال وشراء المواد الغذائية وتأمين السكن لمن لا يملكه.
سمر أمين الخرباش التي تتابع في مصر دراستها في الطب، وهي مؤسسة المبادرة. تقول: "عندما بلغني خبر الحظر الجوي، شعرت بهول الكارثة. فكثيرون هم اليمنيون الذين قد يعلقون في مصر ومعظمهم من المرضى أو الذين خضعوا لعمليات جراحية. ومن المرجح أنهم صرفوا كل ما يملكونه من نقود". ففكرت بجمع المال من زملائها لمساعدة هؤلاء، لكن الأمر لم يكن كافياً. فالمبالغ التي ستجمع لن تكفي لتوفير احتياجات الآلاف. بالتالي، كان لا بدّ من إطلاق مبادرة وتخصيص أرقام هاتف للراغبين في التبرّع.
وفي 28 مارس/آذار الماضي، نشرت الطالبة على صفحتها الخاصة على موقع "فيسبوك" معلومات حول المبادرة، وأنشأت وسم #يمن_يد_تمتد. فتبرّع عدد كبير من الخيّرين للحملة في حين تفاعل عدد كبير من الطلاب اليمنيّين إما بالتبرّع أو بالجهد.
وتلفت الخرباش إلى أن "التقاعس الرسمي وعجز وزارة الخارجية اليمنية عن إعادة اليمنيين إلى بلادهم أو توفير الاحتياجات لهم، جعل العالقين في مصر يتواصلون مع ناشطي الحملة ويهملون السفارة اليمنية". تضيف أن مشكلة تأمين السكن هي أصعب ما واجهته الحملة، وهو الأمر الذي جعل بعض الطلاب يتبرعون بشققهم الخاصة إلى بعض الأسر العالقة في مصر.
من جهته، يوضح الإعلامي نبيل سهيل، وهو أحد الناشطين في المبادرة، أنها "جاءت نتيجة الأحداث التي اندلعت بشكل مفاجئ في اليمن أخيراً، والتي منعت أكثر من أربعة آلاف يمني في مصر من العودة إلى ديارهم"، لافتاً إلى أن "بعضهم كان فى المطار آتياً من دول أخرى مثل الهند والأردن وماليزيا والصين. ومرورهم بمصر كان مجرّد ترانزيت".
ويقول سهيل إن عدد المستفيدين من الحملة خلال الأيام الثلاثة الأولى، وصل إلى 326 يمنياً، واستؤجرت لهم 15 شقة على حساب فاعلي الخير، بالإضافة إلى السلال الغذائية التي قدّمت لكلّ أسرة. يضيف أن القيّمين على الحملة ينشرون يومياً تقريراً حول تبرّعات فاعلي خير على صفحة الحملة على "فيسبوك".
إلى ذلك، كانت السفارة اليمنية في القاهرة قد عمدت إلى جمع الإحصائيات والتواصل مع الجهات الرسمية والمنظمات الدولية للعمل على إنهاء الأزمة الإنسانية للعالقين اليمنيين من المرضى والزائرين. وفي هذا السياق، التقى السفير اليمني محمد الهيصمي بمسؤولين في مكتب الأمم المتحدة في القاهرة، وبحث معهم ضرورة توفير ممرات إنسانية ووسائل سفر آمنة لإعادة
هؤلاء إلى ديارهم برعاية الأمم المتحدة.
4916 عالقاً خارج البلاد
قدّر موقع وزارة الدفاع اليمني الذي يسيطر عليه الحوثيون، عدد العالقين اليمنيّين في دول العالم في الفترة الممتدة ما بين 26 و31 مارس/آذار الماضي بأكثر من أربعة آلاف و916 يمنياً، معظمهم في مصر والأردن وإثيوبيا وإرتريا وإمارة أبو ظبي والهند. لكنّ متابعين شكّكوا في دقة هذا الرقم، مشيرين إلى أنه قد يعود إلى عدد العالقين في مصر وحدها، وليس إجمالي اليمنيّين العالقين حول العالم.