مع حلول العام 2020، قد تفرغ صناديق التقاعد في المغرب، وخصوصاً الصندوق المغربي للتقاعد الذي بدأ بالانهيار أصلاً، من المدخرات. هذا يعني أن كارثة حقيقية تنتظر المتقاعدين في حال لم تتم معالجة هذه المشكلة على الفور. واقعٌ كانت كشفت عنه دراسة أعدها مكتب الدراسات الفرنسي "أكتوريا" عام 2010، قالت إن "الاحتياط سينفد من الصندوق كلياً مطلع العام 2020، إذا لم يتم إيجاد حلول عاجلة وسريعة لحل الأزمة، وحماية رواتب الأجيال القادمة، والحفاظ على مكتسبات المتقاعدين".
ويعرب أهالي المغرب بين الحين والآخر عن قلقهم حيال المستقبل، في ظل عدم تحسسهم أي مبادرة حقيقية من قبل الحكومة لحلحلة هذه الأزمة. فمحمد الذي يبلغ من العمر 42 عاماً، وهو موظف، قال:"إذا لم يعرفوا (الحكومة) استثمار أموالنا، فمن الأفضل أن نحتفظ بها وندخرها إلى حين الحاجة إليها". أما صفاء (38 عاماً)، فأوضحت أنه "إذا كانت الدولة عاجزة عن سد النقص الناتج عن الاختلاسات، فيجدر بها إعادة أموالنا التي كانت تقتطعها من رواتبنا مند كنا شباباً. ونحن لن نطالبها بأي فوائد". وأضافت أن "الخطوتين اللتين تنوي الحكومة اتخاذهما، المتمثلتين بزيادة الاشتراكات ورفع سن التقاعد، هما إجراءان قاسيان ولا يخدمان مصالح الموظفين".
وفي السياق، أعلن الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، ميلودي موخاريق، لـ "العربي الجديد"، أن "الحكومة توقفت عن المساهمة في صندوق التقاعد الخاص بموظفي القطاع العام منذ عام 1960، ما يعني أنها حجبت عن الصندوق مبلغ 19 مليار درهم". وطالب الحكومة "بالكشف عن مدخرات الموظفين التي يتم ضخها في الصندوق"، قائلا: "إذا أرادوا زيادة الاشتراكات، فليوضحوا لنا أين ذهبت المدخرات؟ وهل يتم تشغيلها في مشاريع لصالح الطبقة العاملة أو توظف لصالح المتقاعدين"؟
واتهم موخاريق الحكومات المتعاقبة ووزراء المالية "بتبديد مال الموظفين ومدخراتهم، في حين يجب استثمارها في مشاريع مدرة للدخل لمصلحة الطبقات العاملة". ورأى أن "الحكومة تريد تحميل الموظف والأجير تبعات الإصلاح، من خلال إرغامه على دفع اشتراكات أعلى للصندوق في مقابل رواتب أقل".
وتطرق موخاريق أيضاً إلى رفع سن التقاعد إلى 62 عاماً، وقال إن "الحكومة تصر على أن يكون ذلك إجبارياً، فيما نقترح أن يكون اختيارياً، لأننا نريد للمتقاعد أن يكون مرتاحاً، وألا يكون إصلاح الصندوق على حساب الموظفين والمأجورين". وطالب الدولة المغربية بتحمل بعض "تكاليف الإصلاح"، مؤكداً أن "هناك سوء تدبير".
ورغم إظهار الحكومة نية لإصلاح نظام التقاعد، إلا أن خطواتها لم ترقَ إلى تطلعات الناس والمتقاعدين بشكل خاص. وقال الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل إن "الحكومة تنفرد بالتخطيط واتخاذ القرارات من دون إشراكها".
وكان وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد دعا إلى "إصلاحات عاجلة لأنظمة التقاعد، وخصوصاً الصندوق المغربي للتقاعد"، وأكد أن "الكل مقتنع بالإصلاح".