متى تعلن مصر إسرائيل دولة إرهابية؟

12 مارس 2015
+ الخط -

كان من البديهي أن ندرك، منذ البداية، أن أي تقارب عربي أو إسلامي مع الكيان الصهيوني سيكون على حساب المقاومة الفلسطينية، وخصماً من دورها وتأثيرها في الكفاح المسلح الشريف، لتحرير الأرض وإنهاء ذلك الاحتلال، وهو ما فعله النظام المصري في عهد المخلوع، حسني مبارك، بتقاربه مع العدو، وممارسة الضغوط على حركات المقاومة في غزة، عبر الترويض والابتزاز، وفي مقدمتها حركة المقاومة الإسلامية، حماس، وأداته في ذلك مدير المخابرات العامة، اللواء الراحل عمر سليمان، لتتحول بوصلة العلاقة والتنسيق مع حماس، من ممارسة الضغوط إلى نقلة خطيرة من نظرة الدولة المصرية من راع وشقيق أكبر إلى اعتبارها كياناً إرهابياً معادياً للدولة والشعب المصري، بعد حكم محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة، في 28 فبراير/شباط الماضي، باعتبار حماس منظمة إرهابية، حيث تقول حيثيات الحكم، إن الحركة تورطت في تفجيرات واغتيالات ضد الجيش والمدنيين، على الرغم من عدم قبول الدعوى لعدم الاختصاص، قبل شهر من هذا التاريخ في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، في نفسها المتعلقة بحركة حماس، على الرغم من أن المحكمة نفسها قضت بعدم الاختصاص، أيضاً، في 16 أبريل/نيسان الماضي، فيما يتعلق بتجميد أنشطة إسرائيل على اعتبار أنها قضية سياسية، ومن ثم اعتبارها دولة راعية للإرهاب.
هل نسي القضاء المصري شهداء الجيش المصري والوطن في حرب 1948، وهل نسي قضاؤنا الشامخ أسرانا في حرب يونيو/حزيران 1967 الذين تم دهسهم أحياء ودفنهم في رمال صحراء سيناء المخضبة بدماء شهدائنا الأبرار، ناهيك عن مجازر العدو في دير ياسين وقانا وصبرا وشاتيلا وغزة، فضلاً عن جرائمه المستمرة في الأراضي المحتلة والانتهاكات في حق بيت المقدس المبارك! ألا تستحق الجرثومة الخبيثة "إسرائيل" أن تُوصم بالإرهاب، ولو بالكلمات! فأين الاختصاص فيما يتعلق بحكم حركة حماس إذن! أم أن الأمر لا يعدو سوى تصفية حسابات وتنفيس عن مرارات مع حركة مقاومةٍ، خرجت من رحم جماعة الإخوان المسلمين الأم (عدو المرحلة)، والخصم اللدود الآن، والمعزولة عن الحكم بانقلاب عسكري دموي في الثالث من يوليو 2013؟
وليس خافياً على كل متابع منصف أن انقلاب 3 يوليو كان من أهم أسبابه تقليم أظافر المقاومة الفلسطينية عامة، وحركة حماس خصوصاً، وتقويض حركتها وخنقها وحصارها من أهم شريان حيوي داعم لها، وهي مصر الثورة (في عهد الرئيس محمد مرسي)، وهذا ما أكدته النخبة الإسرائيلية نفسها كثيراً في صحفها ومراكز أبحاثها المعنية بالأمن القومي الإسرائيلي، والأدلة على ذلك كثيرة، فقد قالت القناة العاشرة الإسرائيلية (26 يناير/كانون الثاني الماضي)، إن التعاون بين الجيش والاستخبارات في إسرائيل ومصر يتجاوز كل التوقعات، موضحة أن الجيش المصري يوافق على كل طلب يتقدم به الجانب الإسرائيلي، إذا كان متعلقاً بمواجهة الحركات الإسلامية المتشددة في سيناء وقطاع غزة (في إشارة واضحة لحركة حماس)، وذكر ألون بن دافيد، معلق الشؤون العسكرية في القناة الصهيونية بأن التعاون بين الجيشين المصري والإسرائيلي لا يتوقف على التنسيق وتبادل المعلومات الاستخباراتية، بل تعدّاه إلى التعاون الميداني، في إشارة واضحة إلى عمليات عسكرية مشتركة.
على الرغم من أن قرار القضاء المصري، أخيراً، تجاه المقاومة الفلسطينية الشرعية كان بمثابة طعنة في الشعور الوطني العربي والإسلامي، لكنه، حسب المقدمات وتوالي الأحداث وسير المؤشرات، كان متوقعاً وطبيعياً وهاجساً طالما أرّق كل وطني شريف. وعلى الرغم من قتامة المشهد، وكآبة المنظر العام، إلاّ أن المبدأ لا يتجزأ، وسيظل يفرض نفسه بأن حركات المقاومة، كرمزية لكفاح الشعب الفلسطيني الشرعي عن حقوقه، وفي القلب منها حماس، حركة مقاومة شرعية وشريفة، وستظل تاجاً على رأس كل عربي ومسلم، يرجو العزة لدينه ووطنه، على الرغم من أنف الحاقدين والكارهين والمتآمرين والخونة، وستبقى المسمّاة "إسرائيل" العدو الاستراتيجي الأكبر في ذاكرة كل الشرفاء في العالم العربي والإسلامي، ونقطة سوداء في جبين المجتمع الدولي "الحر".

5F03EF1D-A432-414E-B3C9-10864571035D
5F03EF1D-A432-414E-B3C9-10864571035D
رضا حمودة (مصر)
رضا حمودة (مصر)