يختلف فصل التفريخ من نوع إلى آخر بأيام قليلة أو أشهر معدودة أو فصول مختلفة. فطيور البوم تبكر في بناء أعشاشها إلى درجة أنّ أكثرها يفرّخ في فبراير/ شباط، والطيور المقيمة عادة ما تبدأ تفريخها في شهر مارس/ آذار، بينما الطيور المصيّفة المفرّخة (أي التي تأتي مهاجرة لتفرّخ في بلادنا) فلا تعشش قبل شهر أبريل/ نيسان. وهناك طيور لا تعشش إلاّ في فصل الخريف، بينما نجد بعض الأنواع تفرّخ على مدار السنة. فكيف ذلك ولماذا؟
في البداية لا بدّ من ربط التفريخ بعاملين أساسيين هما الغذاء والضوء. الغذاء يجب أن يكون متوفراً كي يتمكن الطائر من إطعام نفسه وإطعام صغاره من أجل إنجاح عملية التفريخ واستمرارية النوع. في لبنان ومصر وسورية وقبرص ومالطا وإيطاليا وبعض الدول الأخرى التي يكثر فيها قتل الطيور، لا بدّ من إضافة عامل ثالث لكي تتكاثر الطيور وهو الأمان.
قد تستغني الطيور عن عادة الهجرة وعن عامل الضوء إذا ما كان الطعام متوفراً طوال العام في بيئتها وهذه حال طيور المدن كالحمام واليمام وعصفور الدوري وهي طيور تعيش على فتات أطعمة الناس وعلى الحشرات التي تصدمها السيارات. أما بالنسبة للطيور البرية الأخرى فعامل الضوء أساسي إذ تنشط الغدد الجنسية مع ازدياد طول ساعات النهار الذي يبلغ أقصاه في فصل الربيع. لهذا السبب تتكاثر الطيور وغير الطيور من الحيوانات والزواحف والحشرات في فصل الربيع. فالضوء يدخل إلى العين فيؤثر على الغدة النخامية التي تعطي أوامرها لتنشيط الغدد الجنسية. ولهذا السبب نجد أنّ مربّي الدجاج يبقون على الإضاءة ليل نهار كي يضع الدجاج بيضاً أكثر.
في العودة إلى البوم، قد نتساءل لماذا يعشش هذا الطائر في وقت مبكر من السنة حين يكون الطقس بارداً وخطراً على البيض إذا لم يتناوب الأب والأم على الحضن طوال الوقت؟ في الواقع إنّ البوم طائر كبير نسبياً وهو بذلك في حاجة إلى وقت ليربي صغاره الذين يعتمدون على أنفسهم عندما يصبح الطقس دافئاً أي عندما تتوافر القوارض نتيجة تكاثرها في هذه الفترة.
أما عن الطيور التي تعشش في الخريف فهي أيضاً مرتبطة بتعشيشها بوجود الغذاء المناسب. فصقر إليونورا يعشش في الخريف، ولذلك فهو يهاجر إلى مناطق قرب الشواطئ والسواحل ليتربص بالطيور المائية المهاجرة (في فصل الخريف) وينقض عليها من مكان مرتفع شبيه بمنحدرات الصخر الواقعة فوق نفق شكا (رأس الشقعة، شمال لبنان).
ومن الطيور ما يضع بيضاً ويحضنه ليفقس ويربي الصغار مرتين أو ثلاث مرات في فصل التفريخ العادي لكنّه قد يغيّر مكان العش في كلّ مرة يضع فيها بيضاً فيتجه إلى المرتفعات الأعلى بالتزامن مع سخونة الجو في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز كحال النعار السوري المهدد عالمياً بخطر الانقراض والذي يتكاثر في نجاح بحمى عنجر (شرق لبنان).
ومن الطيور تلك التي لا تتكاثر إلاّ إذا هطلت الأمطار التي تجلب معها العشب وبالتالي الحشرات والقوارض، وهذه هي حال طيور الدرب أو العضيض أو الجزار أو أبو صريده وحال البوم في الأماكن الصحراوية والجافة التي لا تشهد أمطاراً سوى مرة كلّ سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات. إنّها الأنواع التي تسمى الانتهازية فتضع بيضاً أكثر من المعتاد في الظروف الملائمة، وتمتنع عن وضع البيض في الظروف الصعبة.
أخيراً لا بدّ من الإشارة إلى أنّ عدد البيض الذي تضعه الأنثى يقلّ كلّما كبر حجم الطائر، كما تطول مدة حضن البيض ومدة رعاية الفراخ. وهي استراتيجية تتبعها على سبيل المثال النسور التي تضع بيضة واحدة وتحضنها لمدة 3 أشهر، والبطاريق التي تضع بيضة واحدة وتحضنها لمدة 6 أشهر.
*اختصاصي في علم الطيور البرية
اقــرأ أيضاً
في البداية لا بدّ من ربط التفريخ بعاملين أساسيين هما الغذاء والضوء. الغذاء يجب أن يكون متوفراً كي يتمكن الطائر من إطعام نفسه وإطعام صغاره من أجل إنجاح عملية التفريخ واستمرارية النوع. في لبنان ومصر وسورية وقبرص ومالطا وإيطاليا وبعض الدول الأخرى التي يكثر فيها قتل الطيور، لا بدّ من إضافة عامل ثالث لكي تتكاثر الطيور وهو الأمان.
قد تستغني الطيور عن عادة الهجرة وعن عامل الضوء إذا ما كان الطعام متوفراً طوال العام في بيئتها وهذه حال طيور المدن كالحمام واليمام وعصفور الدوري وهي طيور تعيش على فتات أطعمة الناس وعلى الحشرات التي تصدمها السيارات. أما بالنسبة للطيور البرية الأخرى فعامل الضوء أساسي إذ تنشط الغدد الجنسية مع ازدياد طول ساعات النهار الذي يبلغ أقصاه في فصل الربيع. لهذا السبب تتكاثر الطيور وغير الطيور من الحيوانات والزواحف والحشرات في فصل الربيع. فالضوء يدخل إلى العين فيؤثر على الغدة النخامية التي تعطي أوامرها لتنشيط الغدد الجنسية. ولهذا السبب نجد أنّ مربّي الدجاج يبقون على الإضاءة ليل نهار كي يضع الدجاج بيضاً أكثر.
في العودة إلى البوم، قد نتساءل لماذا يعشش هذا الطائر في وقت مبكر من السنة حين يكون الطقس بارداً وخطراً على البيض إذا لم يتناوب الأب والأم على الحضن طوال الوقت؟ في الواقع إنّ البوم طائر كبير نسبياً وهو بذلك في حاجة إلى وقت ليربي صغاره الذين يعتمدون على أنفسهم عندما يصبح الطقس دافئاً أي عندما تتوافر القوارض نتيجة تكاثرها في هذه الفترة.
أما عن الطيور التي تعشش في الخريف فهي أيضاً مرتبطة بتعشيشها بوجود الغذاء المناسب. فصقر إليونورا يعشش في الخريف، ولذلك فهو يهاجر إلى مناطق قرب الشواطئ والسواحل ليتربص بالطيور المائية المهاجرة (في فصل الخريف) وينقض عليها من مكان مرتفع شبيه بمنحدرات الصخر الواقعة فوق نفق شكا (رأس الشقعة، شمال لبنان).
ومن الطيور ما يضع بيضاً ويحضنه ليفقس ويربي الصغار مرتين أو ثلاث مرات في فصل التفريخ العادي لكنّه قد يغيّر مكان العش في كلّ مرة يضع فيها بيضاً فيتجه إلى المرتفعات الأعلى بالتزامن مع سخونة الجو في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز كحال النعار السوري المهدد عالمياً بخطر الانقراض والذي يتكاثر في نجاح بحمى عنجر (شرق لبنان).
ومن الطيور تلك التي لا تتكاثر إلاّ إذا هطلت الأمطار التي تجلب معها العشب وبالتالي الحشرات والقوارض، وهذه هي حال طيور الدرب أو العضيض أو الجزار أو أبو صريده وحال البوم في الأماكن الصحراوية والجافة التي لا تشهد أمطاراً سوى مرة كلّ سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات. إنّها الأنواع التي تسمى الانتهازية فتضع بيضاً أكثر من المعتاد في الظروف الملائمة، وتمتنع عن وضع البيض في الظروف الصعبة.
أخيراً لا بدّ من الإشارة إلى أنّ عدد البيض الذي تضعه الأنثى يقلّ كلّما كبر حجم الطائر، كما تطول مدة حضن البيض ومدة رعاية الفراخ. وهي استراتيجية تتبعها على سبيل المثال النسور التي تضع بيضة واحدة وتحضنها لمدة 3 أشهر، والبطاريق التي تضع بيضة واحدة وتحضنها لمدة 6 أشهر.
*اختصاصي في علم الطيور البرية