23 ابريل 2017
متى يتخلص مودي من إرث مجزرة أحمد آباد؟
أصبح رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، سادس زعيم هندي يخاطب الكونغرس الأميركي، في الثامن من يونيو/حزيران الجاري. ومنذ توليه منصب رئيس الوزراء، في مايو/أيار 2014، التقى مودي الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ست مرات.
وقبل سنتين من زيارته هاته، لم يكن الرجل مُرحباً به في الولايات المتحدة الأميركية، بسبب دوره المزعوم في مجزرة أحمد آباد في ولاية غوجارات في عام 2002. فبينما كان ناريندرا مودي رئيس وزراء تلك الولاية، تم حرق أكثر من ألفين من المسلمين على قيد الحياة، وضرب بعضهم حتى الموت، وكان معظمهم من النساء والأطفال.
وبطريقةٍ أو بأخرى، ما زال أثر مجزرة غوجارات باقياً في التاريخ، فقد عادت قضيتها إلى السطح، في وقتٍ أراد فيه رئيس الوزراء الهندي من العالم أن ينسى الحدث إلى الأبد. ففي الثاني من يونيو/حزيران الجاري، دانت محكمة هندية 24 من المتطرفين الهندوس في قضية سكان مُجمّع جلبيرج، بعد اتهامهم بذبح 69 من المسلمين كانوا يختبئون هناك. كما برأت المحكمة نفسها نحو 30 شخصاً آخرين، بحجة قلة الأدلة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني سنة 2011، حُكم على 31 من نشطاء منظمة باجرانج دال الهندوسية المتطرفة بالسجن مدى الحياة، لإدانتهم بقتل وذبح 33 مسلماً كانوا يقطنون في بيت واحد. وبسبب الضغط السياسي والبيروقراطي الكبير، فقد بقيت القضية حبيسة التنفيذ إلى حدود سنة 2009، وحتى الإجراءات القانونية لم تتم بالسلاسة التي تتطلبها المعايير القضائية المتبعة في الهند. كما أنه، ومنذ عام 2002، قضى متهمون رئيسيون نحبهم. وللتذكير، أدين أكثر من مائة شخص في أعقاب مجزرة أحمد آباد، بما في ذلك مايا كودناني، أحد وزراء حكومة مودي. وقد أدلى أكثر من 300 شاهد بشهادته في المحاكمة التي دامت سنوات، بحيث بدأت سنة 2009، وتأجلت بسبب طعون قانونية، وبسبب وفاة متهمين رئيسيين عديدين.
والأدلة والقرائن على تواطؤ مودي في هذه المجزرة كثيرة، ليس أقلها المقابلات العديدة مع بعض المتطرفين الهندوس، والتي صوّرت بالكاميرا، وبيانات الحلف باليمين العديدة، كما أن الأدلة التي جاءت في سياق المجزرة وفيرة.
وتبقى قصة كوثر بانو ينفطر لها القلب، فقد اعترف المجرم بابوبهاي باتيل، والملقب بـ"بابو باجرنجي" بشق رحم أم وتعليق جنينها في سيفه في منطقة باتيا، وتم تسجيل هذا الفعل الشنيع بكاميرا خفية. وقد تحدث المجرم لصحافي في جريدة تهلكا (Tehelka) الإلكترونية، كيف أنه شارك في أعمال إجرامية أخرى، كانت تقضي باقتياد مسلمين، وإجبارهم على القفز في آبار مليئة بالبنزين وإطارات عجلات مشتعلة. واعترف هذا المجرم، والذي يقضي عقوبة الحبس مدى الحياة منذ 2012، بأن مودي قام بتدوير المسار القضائي لصالحه، بحكم المنصب الذي كان يشغله. وفي الفيديو نفسه، والموجود على "يوتيوب"، يقول بابوبهاي باتيل إن "السيد مودي سمح لنا بفعل كل ما نريد بأولئك الناس ثلاثة أيام، قبل تدخّل الجيش ووكالات أمنية أخرى".
وعلاوة على ذلك، قال ضابط الشرطة، سانجيف بهات، للمحكمة العليا في الهند، حالفاً على اليمين، إن رئيس وزراء ولاية غوجارات، نارندرا مودي، قال لهم في اجتماع إنه ينبغي أن يُسمح للهندوس بالتنفيس عن غضبهم الناجم عن موت حجاجٍ لهم لقوا حتفهم، عندما اشتعلت نار في قطار كان يقلّهم إلى حجهم. وقد نفى مودي هذه التهم، وتمكّن من التملص من القضية تماما سنة 2012.
هناك أيضا قضية أخرى مرفوعة ضد مودي من زكية جفري، زوجة زعيم حزب المؤتمر السابق إحسان جفري، والذي لقي حتفه في أحداث سكان مجمع جلبيرج. وتقود جفري معركةً في القضاء من نوع آخر ضد مودي، للدور الذي لعبه في أثناء المجزرة، إلا أن القضية تبدو وكأن لا نهاية لها.
وعلى الرغم من أن قرائن عديدة تثبت تورط رئيس الوزراء الهندي، مودي، في تلك المجزرة، مثل الهتافات المفتخرة والآتية من متطرفين هندوس فرحوا بأنه سمح لهم بممارسة العنف، وإثبات أنهم ليسوا ضعفاء؛ إلا أنه يرفض رفضاً تاماً كل هاته التهم والقرائن الموجهة ضده.
وهناك أخبار تفيد بأن ناريندرا مودي زار أحمد آباد أعقاب المجزرة، لكنه اكتفى فقط بزيارة المناطق الهندوسية، حيث ساد الهدوء والسلام، وقد أكد الزيارة المجرم باجرانجي وآخرون عندما عبروا عن اعتزازهم بها. وصرح أحد المتشددين الهندوس الكبار في مقطع فيديو بأن الشرطة جاءت في وقت المجزرة، لكنهم ادّعوا أن مجزرة كبيرة كهاته لا يمكن أن تُرى من مكان واحد، وأضاف أن جثث الضحايا كانت ملقاة في أحمد آباد، لكن تشريحها جاء بعد ذلك، وأن الشرطة تلقت أوامر بذلك، الشيء الذي نفته الشرطة. وعندما لجأ شخص سليم إلى سيارة شرطة للاختباء، طلبت الشرطة من مسلحي منظمة باجرانج دال المتطرفة قتله، حتى لا يتسنى له الوقوف في منصة الشهود يوماً ما ليدلي بما رأى.
ومنذ تولي مودي منصب رئيس وزراء الهند، لم يتغيّر الكثير لمسلمي أحمد آباد الذين ما زالوا يعانون من اضطرابات ما بعد الكارثة. وتقول واحدة من ضحايا المجزرة، وهي أم لأربعة أطفال نصف محروقة، إنها فقدت طفلين في المجزرة، إنها تعرف فقط كيف تأكل لتبقى على قيد الحياة.
كان الأجدر بمودي أن يخاطب الكونغرس الأميركي بعد تبرئة المحكمة له من التهم الموجهة إليه بسبب المجزرة ضد المسلمين، لكنه عوض ذلك، فضّل مخاطبة الكونغرس على الرغم من أن الملف لم يُحسم بعد. ولم يجرؤ أحد ممن يدافعون عن الأقليات على الإشارة إلى مجزرة غوجارات، أو على الكلام عن ذبح المسلمين في الهند، من أجل استهلاكهم لحوم البقر. وفي الوقت الراهن، لن تنظر واشنطن إلى الجانب المظلم من سياسات مودي، ولا إلى أيديولوجيته الهندوسية القومية.
الغريب أن مودي مُنح، أخيراً، واحدا من أوسمة الشرف الكبرى، أهدته إياه المملكة العربية السعودية، كما أنه يتم استدعاؤه بشكل عادي إلى أغلب الاحتفاليات الكبيرة في العالم الإسلامي. وعلى ما يبدو، لا تبالي الدول الإسلامية قط بما يقع لمسلمي الهند، ولا تهتم بما يحصل في منطقتي جامو وكشمير.
وعلى المستوى الداخلي، زعيم حزب بهاراتيا جاناتا مرتاح، بسبب الضغط الضعيف الذي تمارسه على حزبه بعض قيادات الكونغرس ومجموعات معارضة أخرى. وهو يعلم جيداً أنه إذا تمكن من إبقاء الاقتصاد في حالةٍ جيدة، لن يكون هناك أي غضب، لا من الداخل ولا من الخارج. وقد عاد الرجل، الآن، إلى القضاء الهندي، ولديه سوابق عديدة في اتخاذ قراراتٍ لا تبدو، في الغالب، صحيحة سياسيا. ولذلك، لا يقف الإشكال في القضايا المرتبطة بمجزرة أحمد آباد عند حدود تعطيل الوقت، بل يتجاوزه إلى أبعد من ذلك: تدمير وإتلاف الأدلة، مع خوف مستمر يقضّ مضجع الشهود.
وسواء دين أم لم يُدن، فصورة ذاك الحاكم المتغطرس ستبقى في أذهاننا، كلما تمت الإشارة إلى مجزرة غوجارات.
وقبل سنتين من زيارته هاته، لم يكن الرجل مُرحباً به في الولايات المتحدة الأميركية، بسبب دوره المزعوم في مجزرة أحمد آباد في ولاية غوجارات في عام 2002. فبينما كان ناريندرا مودي رئيس وزراء تلك الولاية، تم حرق أكثر من ألفين من المسلمين على قيد الحياة، وضرب بعضهم حتى الموت، وكان معظمهم من النساء والأطفال.
وبطريقةٍ أو بأخرى، ما زال أثر مجزرة غوجارات باقياً في التاريخ، فقد عادت قضيتها إلى السطح، في وقتٍ أراد فيه رئيس الوزراء الهندي من العالم أن ينسى الحدث إلى الأبد. ففي الثاني من يونيو/حزيران الجاري، دانت محكمة هندية 24 من المتطرفين الهندوس في قضية سكان مُجمّع جلبيرج، بعد اتهامهم بذبح 69 من المسلمين كانوا يختبئون هناك. كما برأت المحكمة نفسها نحو 30 شخصاً آخرين، بحجة قلة الأدلة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني سنة 2011، حُكم على 31 من نشطاء منظمة باجرانج دال الهندوسية المتطرفة بالسجن مدى الحياة، لإدانتهم بقتل وذبح 33 مسلماً كانوا يقطنون في بيت واحد. وبسبب الضغط السياسي والبيروقراطي الكبير، فقد بقيت القضية حبيسة التنفيذ إلى حدود سنة 2009، وحتى الإجراءات القانونية لم تتم بالسلاسة التي تتطلبها المعايير القضائية المتبعة في الهند. كما أنه، ومنذ عام 2002، قضى متهمون رئيسيون نحبهم. وللتذكير، أدين أكثر من مائة شخص في أعقاب مجزرة أحمد آباد، بما في ذلك مايا كودناني، أحد وزراء حكومة مودي. وقد أدلى أكثر من 300 شاهد بشهادته في المحاكمة التي دامت سنوات، بحيث بدأت سنة 2009، وتأجلت بسبب طعون قانونية، وبسبب وفاة متهمين رئيسيين عديدين.
والأدلة والقرائن على تواطؤ مودي في هذه المجزرة كثيرة، ليس أقلها المقابلات العديدة مع بعض المتطرفين الهندوس، والتي صوّرت بالكاميرا، وبيانات الحلف باليمين العديدة، كما أن الأدلة التي جاءت في سياق المجزرة وفيرة.
وتبقى قصة كوثر بانو ينفطر لها القلب، فقد اعترف المجرم بابوبهاي باتيل، والملقب بـ"بابو باجرنجي" بشق رحم أم وتعليق جنينها في سيفه في منطقة باتيا، وتم تسجيل هذا الفعل الشنيع بكاميرا خفية. وقد تحدث المجرم لصحافي في جريدة تهلكا (Tehelka) الإلكترونية، كيف أنه شارك في أعمال إجرامية أخرى، كانت تقضي باقتياد مسلمين، وإجبارهم على القفز في آبار مليئة بالبنزين وإطارات عجلات مشتعلة. واعترف هذا المجرم، والذي يقضي عقوبة الحبس مدى الحياة منذ 2012، بأن مودي قام بتدوير المسار القضائي لصالحه، بحكم المنصب الذي كان يشغله. وفي الفيديو نفسه، والموجود على "يوتيوب"، يقول بابوبهاي باتيل إن "السيد مودي سمح لنا بفعل كل ما نريد بأولئك الناس ثلاثة أيام، قبل تدخّل الجيش ووكالات أمنية أخرى".
وعلاوة على ذلك، قال ضابط الشرطة، سانجيف بهات، للمحكمة العليا في الهند، حالفاً على اليمين، إن رئيس وزراء ولاية غوجارات، نارندرا مودي، قال لهم في اجتماع إنه ينبغي أن يُسمح للهندوس بالتنفيس عن غضبهم الناجم عن موت حجاجٍ لهم لقوا حتفهم، عندما اشتعلت نار في قطار كان يقلّهم إلى حجهم. وقد نفى مودي هذه التهم، وتمكّن من التملص من القضية تماما سنة 2012.
هناك أيضا قضية أخرى مرفوعة ضد مودي من زكية جفري، زوجة زعيم حزب المؤتمر السابق إحسان جفري، والذي لقي حتفه في أحداث سكان مجمع جلبيرج. وتقود جفري معركةً في القضاء من نوع آخر ضد مودي، للدور الذي لعبه في أثناء المجزرة، إلا أن القضية تبدو وكأن لا نهاية لها.
وعلى الرغم من أن قرائن عديدة تثبت تورط رئيس الوزراء الهندي، مودي، في تلك المجزرة، مثل الهتافات المفتخرة والآتية من متطرفين هندوس فرحوا بأنه سمح لهم بممارسة العنف، وإثبات أنهم ليسوا ضعفاء؛ إلا أنه يرفض رفضاً تاماً كل هاته التهم والقرائن الموجهة ضده.
وهناك أخبار تفيد بأن ناريندرا مودي زار أحمد آباد أعقاب المجزرة، لكنه اكتفى فقط بزيارة المناطق الهندوسية، حيث ساد الهدوء والسلام، وقد أكد الزيارة المجرم باجرانجي وآخرون عندما عبروا عن اعتزازهم بها. وصرح أحد المتشددين الهندوس الكبار في مقطع فيديو بأن الشرطة جاءت في وقت المجزرة، لكنهم ادّعوا أن مجزرة كبيرة كهاته لا يمكن أن تُرى من مكان واحد، وأضاف أن جثث الضحايا كانت ملقاة في أحمد آباد، لكن تشريحها جاء بعد ذلك، وأن الشرطة تلقت أوامر بذلك، الشيء الذي نفته الشرطة. وعندما لجأ شخص سليم إلى سيارة شرطة للاختباء، طلبت الشرطة من مسلحي منظمة باجرانج دال المتطرفة قتله، حتى لا يتسنى له الوقوف في منصة الشهود يوماً ما ليدلي بما رأى.
ومنذ تولي مودي منصب رئيس وزراء الهند، لم يتغيّر الكثير لمسلمي أحمد آباد الذين ما زالوا يعانون من اضطرابات ما بعد الكارثة. وتقول واحدة من ضحايا المجزرة، وهي أم لأربعة أطفال نصف محروقة، إنها فقدت طفلين في المجزرة، إنها تعرف فقط كيف تأكل لتبقى على قيد الحياة.
كان الأجدر بمودي أن يخاطب الكونغرس الأميركي بعد تبرئة المحكمة له من التهم الموجهة إليه بسبب المجزرة ضد المسلمين، لكنه عوض ذلك، فضّل مخاطبة الكونغرس على الرغم من أن الملف لم يُحسم بعد. ولم يجرؤ أحد ممن يدافعون عن الأقليات على الإشارة إلى مجزرة غوجارات، أو على الكلام عن ذبح المسلمين في الهند، من أجل استهلاكهم لحوم البقر. وفي الوقت الراهن، لن تنظر واشنطن إلى الجانب المظلم من سياسات مودي، ولا إلى أيديولوجيته الهندوسية القومية.
الغريب أن مودي مُنح، أخيراً، واحدا من أوسمة الشرف الكبرى، أهدته إياه المملكة العربية السعودية، كما أنه يتم استدعاؤه بشكل عادي إلى أغلب الاحتفاليات الكبيرة في العالم الإسلامي. وعلى ما يبدو، لا تبالي الدول الإسلامية قط بما يقع لمسلمي الهند، ولا تهتم بما يحصل في منطقتي جامو وكشمير.
وعلى المستوى الداخلي، زعيم حزب بهاراتيا جاناتا مرتاح، بسبب الضغط الضعيف الذي تمارسه على حزبه بعض قيادات الكونغرس ومجموعات معارضة أخرى. وهو يعلم جيداً أنه إذا تمكن من إبقاء الاقتصاد في حالةٍ جيدة، لن يكون هناك أي غضب، لا من الداخل ولا من الخارج. وقد عاد الرجل، الآن، إلى القضاء الهندي، ولديه سوابق عديدة في اتخاذ قراراتٍ لا تبدو، في الغالب، صحيحة سياسيا. ولذلك، لا يقف الإشكال في القضايا المرتبطة بمجزرة أحمد آباد عند حدود تعطيل الوقت، بل يتجاوزه إلى أبعد من ذلك: تدمير وإتلاف الأدلة، مع خوف مستمر يقضّ مضجع الشهود.
وسواء دين أم لم يُدن، فصورة ذاك الحاكم المتغطرس ستبقى في أذهاننا، كلما تمت الإشارة إلى مجزرة غوجارات.