يتعرّض أبناء سيناء، البوابة الشرقية للدولة المصرية، لمحن متعدّدة الأوجه، تبدأ بالتشريد والتهجير، ولا تنتهي حتى بالموت، ليكون الحصول على تصريح دفن لأحد ضحايا عمليات القصف العشوائي للجيش المصري أو اعتداءات الجماعات المسلّحة، أقرب ما يكون لرحلة "موت بالحياة"، على حد وصف أحد أبناء المنطقة في حديثه لـ"العربي الجديد".
اقرأ أيضاً (أبو الفتوح لـ "العربي الجديد": النظام سبب مشاكل سيناء)
ويقول شاهد عيان فضل عدم نشر اسمه، لأسباب تتعلّق بأمنه الشخصي: "ما نتعرض له من مجازر جماعية يبقى هو المحنة الأشد قسوة، وسط حرب وتعتيم إعلامي، وصل إلى حدّ حصر عدد شهدائنا من الأطفال والنساء، في بيانات المتحدث العسكري، ضمن قائمة ما يسميهم التكفيريين والإرهابيين".
ومنذ بدء الحملة العسكرية في سيناء وقعت العديد من المجازر بحق المدنيين العزل دون تسليط الضوء عليها أو تدخل من منظمات حقوق الإنسان، باستثناء بعض بيانات الشجب والإدانة. ويقول ناشط حقوقي من أبناء سيناء، رافضاً الكشف عن اسمه، لأسباب تتعلق بسلامته أيضاً: "لن ينسى أبناء سيناء المجازر التي وقعت منذ بدء الحملة العسكرية حتى يومنا هذا"، كاشفاً عن أبرزها، وهي:
مجزرة اللفيتات
ووقعت في 13 سبتمبر/أيلول 2013، وأثناء الحملة العسكرية في قرية اللفيتات جنوب مدينة الشيخ زويد، استهدفت إحدى الدبابات منزلاً صغيراً كان في داخله مدنيون أسفر عن مقتل 7 أفراد، 4 أطفال و3 سيدات.
ويتناقل النشطاء من أبناء سيناء مقاطع فيديو تظهر جثث الأطفال والنساء. وتبين الصور مدى بشاعة المنظر ووحشيته. رغم ذلك، جاء تعليق الجيش على هذه المجزرة وصور الأطفال بأنها صور من سورية،. تماما كما حدث في ليبيا بعد استهداف الطائرات المصرية مدينة درنة.
ومرت هذه المجزرة دون تحقيقات ولم تسلط منظمات حقوق الإنسان الضوء عليها.
مجزرة أبو فريح
في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2014، استهدفت طيارة إسرائيلية بدون طيار، أو كما يسميها الأهالي (الزنانة)، منزل عائلة (أبو فريح) في منطقة نجع شبانة جنوب مدينة رفح. أسفر هذا القصف عن مقتل 16 شخصاً، بينهم سبعة أطفال وثلاث نساء ورجل مسنّ والباقي من الشباب، ولم يوثق لهذه المجزرة سوى تنظيم ما يعرف بـ(ولاية سيناء)، إذ أظهرت الصور حجم المأساة وجثث الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم السنتين. مرت هذه المجزرة كمجزرة اللفيتات دون تسليط الضوء عليها، ولم تهتم القنوات بالفيديو لأنه مصور عن طريق تنظيم "ولاية سيناء".
مجزرة عائلة الهبيدي
في 8 أبريل/نيسان 2015، قامت قوات الجيش المتمركزة على كمين الوحشي، الواقع جنوب مدينة الشيخ زويد، بإطلاق القذائف العشوائية، أو كما يسميها أهالي سيناء (الدانات).
سقطت إحدى هذه القذائف على منزل عائلة الهبيدي، التي تسكن منطقة (الظهير)، جنوب مدينة الشيخ زويد، مما أسفر عن مقتل 13 مدنياً من بينهم ما لا يقل عن 4 أطفال و5 سيدات. تم نقل الجثث إلى مستشفى العريش، وكانت هناك تشديدات أمنية على المشرحة، ورفض أقارب الضحايا الحديث إلى أي جهة إعلامية لمخاوف أمنية.
يعلق الناشط السيناوي لـ"العربي الجديد"، أن هذه "مجرد نبذة مختصرة عن مجازر وقعت في سيناء وبالتحديد في المنطقة الشرقية في مدينتي الشيخ زويد ورفح، أقل ما توصف بها بأنها جرائم حرب، غالبية الضحايا هم من النساء والأطفال".
ويقول إن "التعتيم الإعلامي المفروض على سيناء يخفي وراءه العديد من الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين العزل. السؤال المهم: هل يمكن كسر هذا التعتيم من خارج سيناء؟ هل يمكن لمنظمات حقوق الإنسان أن تسلط الضوء على سيناء وتبذل قصارى جهدها لوقف المقتلة المتواصلة بحق أهالي سيناء؟ هل يمكن للدول العربية والإسلامية الضغط على الحكومة المصرية لوقف القتل والتهجير في سيناء؟"
اقرأ أيضاً (مصر: 41 تشريعاً ينتهك حقوق الإنسان في 3 شهور)