قد يستغرب بعضهم وجود مشرّدين في بلد مثل بريطانيا، يؤمّن الخدمات الاجتماعية المجانية لجميع مواطنيه وكذلك للاجئين. ونسأل: ما هي الأسباب التي تؤدّي بهؤلاء إلى تلك الحال وإلى التسوّل؟ وكيف يُستقبل مزيد من اللاجئين، فيما يعاني مواطنون من التشرّد؟
تشير إحصاءات حكومية أخيرة إلى أنّ عدد الأفراد المقيمين في سكن مؤقت في بريطانيا، ارتفع بنسبة 13% في سبتمبر/ أيلول 2015 مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبقه، فيما ازدادت نسبة المقيمين في الفنادق ذات البدل الزهيد التي تعرف بـ "باد أند بريكفست" بنسبة 26%.
إلى ذلك، وافقت البلديات بين يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول الماضيين على نحو 14 ألفاً و670 طلب سكن، أي أكثر بنسبة 4% من العام الذي سبق، من أصل 29 ألفاً و50 طلباً. ويكمن السبب الأوّل أو الرئيسي للتشرّد في انتهاء عقود الإيجار التي تعود إلى القطاع الخاص، وتمثّل نسبتها 31% من مجموع الحالات.
في هذا الإطار، يقول ريك هندرسون، وهو الرئيس التنفيذي لمنظمة "هوملس لينك" التي تهتم بالأشخاص الذين لا مأوى لهم، إنّ "ازدياد أعداد المشردين في بريطانيا يدقّ جرس الإنذار، إذ يخسر كثيرون منازلهم، فيما تعجز البلديات عن دعمهم وتلبية احتياجاتهم السكنية".
من جهة أخرى، يختلف وضع بعض المشردين في بريطانيا عمّا نعهده في عالمنا العربي. جهات عديدة تكترث لأمرهم وتهبّ لمساعدتهم، قد تكون خاصة أو حكومية. تجدر الإشارة هنا إلى مجلة "ذي بيغ إيشو" (القضية الكبرى) الذي يحاول مشرّدو بريطانيا بيعها للمارة. وهذه الخطوة اللافتة، استوحت فكرتها من صحيفة "ستريت نيوز" التي يبيعها مشرّدون في نيويورك. وقد يمر السيّاح والأجانب بهم، من دون أن يعلموا أنّهم مشرّدون. في الواقع لا يلتفت أكثر المارة لتلك المجلة التي لا يحملها سوى مشرّدي بريطانيا.
تجدر الإشارة إلى أن المجلّة تصدر أسبوعياً، وقد أسّسها كل من رجل الأعمال الاجتماعي البريطاني، جون بيرد، والشاعر والرحالة الأسكتلندي، غوردون روديك، في سبتمبر/ أيلول 1991. والمجلة التي تنشر في أربع قارات ويعدّها صحافيون ويبيعها متسوّلون ومشرّدون، تشكّل مصدراً لمساعدة مشرّدي البلد وحثّهم على الاندماج في المجتمع من جديد.
وبهدف تمتين العلاقة بين المجلّة وباعتها من المشرّدين وتظهير واقع هؤلاء من خلاله، فإنها تتناول قصصهم والأسباب التي دفعت بهم إلى الشارع، وتعالج مواضيع حول مشاكل السكن والصحة والتعليم. وقد حقّقت نتائج إيجابية لنحو 40 ألف بائع.
إلى ذلك، تسعى منظمات إنسانية واجتماعية إلى معالجة مسألة التشرّد المتزايدة، في بلد يلجأ إليه آلاف الهاربين من ويلات الحروب والطغيان في بلدانهم، حالمين بحياة جديدة.
اقرأ أيضاً: أربع علامات للشخصيّة المتزعزعة