وكانت المحكمة العليا البريطانية قد أصدرت قرارها، أمس، بالإجماع بأن القرار الحكومي بمنع البرلمان من الانعقاد أمر مرفوض.
وكان رد جونسون من نيويورك، حيث يحضر اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه يحترم القضاء في بلاده، ولكنه "يختلف بشدة مع ما قاله القضاة".
وأعلن المتحدث باسم مجلس العموم جون بيركو، أمس، أن البرلمان سيعاود الانعقاد صباح الأربعاء بعد أسبوعين من الإغلاق.
وبالرغم من أن يوم الأربعاء يشهد عادة جلسات استجواب لرئيس الوزراء، قال متحدث باسم رئاسة الوزراء إنه من المستحيل الجزم في ما إذا كان جونسون سيمثل أمام مجلس العموم اليوم.
ويستعد قادة الأحزاب المعارضة لجلسة اليوم من خلال اجتماع مطول، مساء الثلاثاء، بحث فيه العمال والديمقراطيون الليبراليون والقوميون الاسكتلنديون وآخرون الطرق الأمثل للضغط على جونسون وضمان التزامه بقانون منع "بريكست" من دون اتفاق، والذي ينص على تأجيل موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ما لم يكن هناك اتفاق بحلول 19 أكتوبر/تشرين الأول.
ويستبعد أن تتجه المعارضة البرلمانية نحو التصويت بسحب الثقة من الحكومة الحالية قبل ضمان سحب عدم الاتفاق كلياً من قائمة الخيارات المتاحة أمام بريطانيا، وهو الأمر الوحيد الذي تتفق عليه هذه الأحزاب في الوقت الحالي.
إلا أن بوريس جونسون كان قد أعلن مراراً أنه لن يطلب تمديد "بريكست" في حال فشل في التوصل لاتفاق مع الزعماء الأوروبيين خلال القمة المرتقبة في بروكسل في 17 و18 أكتوبر/ تشرين الأول.
ولا توجد الكثير من الخيارات المتاحة أمام جونسون، فهو يسعى للدفع نحو الانتخابات العامة المبكرة، بينما تريد الأحزاب المعارضة إلحاق أكبر أذى ممكن بسمعته قبل دخول هذه الانتخابات، وبالتالي ينتظر أن تتقدم حكومة جونسون بطلب يكون الثالث من نوعه خلال شهر، لتقديم موعد الانتخابات.
وكان جونسون قد فشل في المرتين السابقتين في الحصول على أغلبية الثلثين المطلوبة.
وقد تستغل المعارضة الفرصة للسيطرة على أجندة البرلمان مجدداً، وسن قانون يمنع جونسون من إغلاق البرلمان مجدداً حتى التأكد من تأجيل موعد بريكست.
أما متشددو بريكست فألقوا بثقلهم خلف رئيس الوزراء.
وقال ستيف بيكر، رئيس مجموعة الأبحاث الأوروبية في البرلمان البريطاني، والتي تضم متشددي بريكست من المحافظين، معلقاً على قرار المحكمة: "بالطبع إنها أزمة دستورية حادة، وبالتأكيد يعمق هذا (الحكم) من الأزمة. أود أن أقول إنني لست وحدي ورئيس الوزراء من يعارض هذا الحكم".
وهاجم بيكر خطة العمال "بجعل رئيس الوزراء رهينة في دواننغ ستريت" برفضهم التوجه لانتخابات عامة، ولكنه أكد أيضاً أنه لن يصوت لصالح أي صفقة يأتي بها جونسون تماثل صفقة رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي.
وبالنظر لضيق الوقت المتاح أمام موعد "بريكست"، فإن الصفقة القادمة إن أتت ستكون صفقة ماي معدلة، وخاصة في ما يتعلق بخطة المساندة الأيرلندية.
وتضع تعليقات بيكر إشارات استفهام حول قدرة جونسون على تمرير أي اتفاق قد يأتي به من بروكسل في البرلمان في الأيام القليلة المتبقية قبل موعد "بريكست".
ومع عدم قدرته على الدفع بالانتخابات العامة، واحتمال عدم قدرته على تمرير اتفاق "بريكست" معدل في البرلمان، وذلك إذا نجح فعلاً في التوصل إليه، ومع رفض البرلمان البريطاني الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، يبقى الخيار الوحيد أمام جونسون طلب تأجيل موعد "بريكست"، وفقاً للقانون الذي أقرّه مجلس العموم قبل أسبوعين، وهو ما سيجلب الحرج الانتخابي لجونسون الذي كان شعار حملته الانتخابية في شهر يوليو/تموز الماضي تطبيق "بريكست" في موعده "مهما كان الثمن".
وبينما تبحث الحكومة في احتمال وجود ثغرات قانونية في قانون منع "بريكست" من دون اتفاق، وذلك للالتفاف على ضرورة تأجيله، فإن جونسون سيفكر ملياً قبل الدخول في معمعة قضائية أخرى قد تنتهي مثل ما جرى أمس في المحكمة العليا، وتكون الضربة القاضية لمستقبله ومستقبل حزبه السياسي.