لم يحدد مجلس الأمن الدولي رسمياً موعداً لجلسة خاصة لنقاش مكافحة وباء كورونا في برنامجه الرسمي للشهر الحالي، الذي صادق عليه أخيراً. مع ذلك، فإنه من المتوقع أن يعقد خلال الأيام المقبلة جلسة، بطلب من إحدى الدول الأعضاء، للتصويت على مشروع قرار تونسي - فرنسي تدور حوله نقاشات محبطة، كما وصفها بعض السفراء، من بينهم سفير إستونيا ورئيس مجلس الأمن للشهر الحالي سفين يورغينسون. فالخلافات بين الولايات المتحدة والصين سياسية أكثر من كونها حول الصياغة، أو اللغة، كما قال سفير تونس لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن قيس قبطني، في مقابلة خاصة مع "العربي الجديد" في نيويورك نشرت أخيراً. وأبرزها، منظمة الصحة العالمية، ورفع أو تجميد العقوبات الأممية على الدول، لتتمكن من مكافحة انتشار الوباء بشكل أفضل. وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في أكثر من مناسبة خلال الأسابيع الماضية، إلى أن مكافحة الوباء وتبعاته يجب أن تشمل القطاعين الاقتصادي والاجتماعي كذلك، وليس الصحي فقط، وأنه من الضروري أن تأتي جميعها في إطار وتعاون وقيادة دولية.
وبدأت الدول العشر غير دائمة العضوية بالتحرك، واتفقت على مشروع قرار تونسي، ومن ثم بدأت تتفاوض مع الدول الخمس دائمة العضوية، وتحديداً فرنسا، التي كانت تعمل على مشروع قرار خاص بها. واتفقت الدول العشر على فقرة تؤكد خصوصاً دور منظمة الصحة العالمية، ومنظمات الأمم المتحدة عامة، في العمل على مكافحة الفيروس، والوصول إلى المجتمعات في الدول الفقيرة والنامية ومناطق النزاعات. كذلك تؤكّد دعم مجهوداتها ودورها في تنسيق الجهود الدولية للتوصل إلى لقاح وأدوية يكونان متاحين للجميع بأسعار معقولة، وبدعم للدول الفقيرة.
وأخرج عجز مجلس الأمن عن التحرك بشكل سريع غوتيريس عن صمته، فوجّه انتقادات واضحة إلى دول كبيرة، وعلى رأسها أميركا والصين، من دون أن يسميهما بالاسم. ووصف، خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي قدّم فيه أهم المستجدات حول دعوته إلى وقف إطلاق النار، والتي يدعمها مشروع القرار، وأهميتها لجهود مكافحة الوباء على المستوى الدولي، مجلس الأمن بأنه شبه معطل، ما يجعل عمله والتنسيق والتعاون الدولي صعبين. وأكد الحاجة الملحة إلى توحّد الدول لمواجهة الجائحة، ومعها التحديات المتعلّقة بالأمن والسلم الدوليين. وحول غياب القيادة الدولية، قال غوتيريس إن "المجتمع الدولي منقسم على ذاته، في ظل غياب قيادة دولية توحّده في مواجهة انتشار خطر الوباء". ولفت إلى غياب التضامن الكافي مع الدول النامية، على مستويات عدة، لدعمها طبياً واقتصادياً واجتماعياً لمكافحة الوباء.
غياب الولايات المتحدة، ومحاولتها خلق نظام موازٍ تقوده هي بدلاً من الأمم المتحدة، جعلا بعض الدول تحاول البحث عن طرق بديلة لدعم النظام الدولي متعدّد الأطراف. في هذا السياق، يمكن النظر إلى القمة التي عقدتها دول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، بمشاركة غوتيريس وغياب أميركا وروسيا، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الإثنين، وتم خلالها جمع تبرعات بنحو 8.2 مليارات دولار لدعم الجهود الدولية للبحث عن اللقاح، بمساعدة من منظمة الصحة العالمية. وتعتبر هذه دفعة أولى لتمويل الخطوات الأولى للعثور على لقاح وأدوية وإجراء بحوث حول المرض وانتشاره. وأشار غوتيريس إلى أن توفير اللقاح، إن تم التوصل إليه، لكي يكون متاحاً للجميع، قد يتطلب خمسة أضعاف هذا المبلغ. يأتي هذا في الوقت الذي سجل فيه العالم أكثر من 3.5 ملايين إصابة، و247 ألف وفاة، 67 ألفاً منها في الولايات المتحدة. ومن هنا من المهم أن يتبنّى المجلس قراراً حول كورونا، بل أن يشمل هذا القرار إشارة إلى ضرورة أن تنسق الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية المجهودات الدولية، لأنها أوجدت قبل 70 سنة لهذه الأسباب. وكانت الولايات المتحدة واحدة من الدول الرئيسية التي أسستها، واليوم تحاول سياسات ترامب تدميرها.