دخل مجلس النواب، الغرفة الأولى للبرلمان المغربي، على خط الأزمة التي فجّرها تقرير لمنظمة العفو الدولية (أمنستي) حول تعرض الصحافي المغربي عمر الراضي للاستهداف باستخدام برمجيات التجسس، التابعة لشركة "إن إس أو" الإسرائيلية.
وأبدت فرق (كتل) الأغلبية والمعارضة، خلال الجلسة التي عقدت مساء الاثنين، عن استنكارها لما تضمنه تقرير منظمة العفو من اتهامات "خطيرة ومغرضة" ضد المملكة، داعية إلى تقديمها الحجج والأدلة على ذلك.
وفي السياق، اعتبر فريق حزب "الأصالة والمعاصرة" (معارضة) خلال تدخله، أن تقرير المنظمة "يستهدف مسار البناء الديمقراطي للمغرب"، متسائلا عن "دواعي وخلفيات استهداف المغرب من طرف منظمات تعمل وفق أجندات سياسية معينة بغاية الابتزاز".
وفيما دعا الفريق الحكومة برئاسة سعد الدين العثماني إلى اتخاذ الحيطة والحذر، ومواصلة الإصلاحات، والتعبئة الجماعية لاستكمال البناء الديمقراطي والحقوقي في المملكة، ثمن فريق حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي، طلب الحكومة من منظمة العفو الدولية "تقديم ما لديها من أدلة على ادعاءاتها أو الاعتذار في إطار ما يفرض نبل مهمة الدفاع عن حقوق الإنسان التي انتدبت نفسها لها".
من جهته، اعتبر فريق حزب "الحركة الشعبية"، المشارك في الحكومة، أن تقرير العفو الدولية "يشكل حلقة أخرى من سلسلة التقارير التي دأبت هذه المنظمة على إصدارها في حق المغرب، والتي تغيب عن غالبيتها المصداقية المطلوبة، والتحري الدقيق"، لافتا إلى أن ذلك "يطرح التساؤل عن خلفيتها التي سيتبين أنها تخدم أجندة أخرى في المهمة المنوطة بها، وهي خدمة أجندة لا علاقة لها بالدفاع عن حقوق الإنسان". ودعا الفريق إلى "اتخاذ التدابير الضرورية اتجاه المنظمات التي تحاول المساس بالمغرب".
وفي الوقت الذي أعلن فيه الفريق الاشتراكي، المشارك في الحكومة، "أنه من الواجب الوقوف ضد أي تقارير حقوقية تجانب الواقع بهدف المس بما حققته بلادنا"، عبر فريق "التقدم الاشتراكية" (معارضة) عن "رفضه الإساءة إلى الوطن من أي جهة كانت، وبالأحرى جهات أجنبية تتغافل على ما حققه المغرب من مكتسبات في حقوق الإنسان، وهو ورش باشره المغرب منذ أزيد من عقدين".
بالمقابل، اعتبر فريق حزب "الاستقلال"، ثاني أكبر حزب معارض، أن حكومة العثماني أخفقت في التعامل مع المنظمات الحقوقية الدولية، معتبرا أنه "كان الأجدى الحوار والتواصل والجواب الواضح بدل إصدار بلاغات". وأضاف أن "الجواب البليغ على هذه الأمور هو المضي قدما في المسار الحقوقي والديمقراطي دون أدنى تردد"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن إلا الاعتزاز بمسار الحقوق والحريات في بلادنا".
وقبل انعقاد الجلسة البرلمانية، كانت الأزمة بين الرباط ومنظمة العفو الدولية، محط نقاش خلال الاجتماع الأسبوعي لمكتب المجلس، الذي يضم رئيس المجلس ورؤساء الفرق والمجموعة النيابية.
وعبر المجتمعون، بحسب بيان لمكتب المجلس وصل "العربي الجديد"، عن رفضهم المطلق لـ "ما تضمنه هذا التقرير من أكاذيب ومعلومات تستهدف المؤسسات الوطنية وتحاول يائسة النيل من المسار الحقوقي لبلادنا"، معتبرين أنه "يندرج ضمن العديد من التقارير التي اعتادت هذه المنظمة من خلالها توجيه تهم زائفة ومغرضة لتبخيس المكتسبات المغربية والإنجازات المتوالية والثابتة التي راكمتها المملكة في مجال حقوق الإنسان كما هي متعارف ليها دوليا".
وينتظر أن يتم خلال الأيام القادمة، عقد لقاء تواصلي حول توضيحات الحكومة بشأن تقرير منظمة أمنستي مع كل من وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، مصطفى الرميد، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بحضور كافة أجهزة المجلس. هذا اللقاء التواصلي ستعقبه اجتماعات اللجن المعنية (لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان ولجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج)، من أجل تدارس الموضوع من كافة جوانبه.
وسادت منذ الخميس الماضي حالة من التوتر في علاقة الرباط بالمنظمة الحقوقية الدولية، في ظل الاتهامات المتبادلة بالتشهير والتشهير المضاد، على خلفية تقرير حول تعرض الصحافي المغربي، عمر الراضي للتجسس على هاتفه، في وقت تطرح فيه أكثر من علامة استفهام حول مآل الصراع بينهما وإن كان سينتهي بإغلاق مكتب المنظمة في المغرب أم بإعادة الأمور إلى نصابها.