دانت مجموعات حقوقية إعدام خمسة عشر شخصاً بعد محاكمة عسكرية وصفوها بأنها "تفتقر للمعايير الأساسية للحق في المحاكمة العادلة". وكانت محكمة عسكرية مصرية قد قضت بتنفيذ حكم الإعدام بحق خمسة عشر شخصًا من المحكوم عليهم في القضية رقم 411 جنايات كلي الإسماعيلية لسنة 2013 والمعروفة إعلاميًّا بـ"خلية رصد الضباط".
واعتبرت المنظمات الحكم "امتدادًا لمسلسل أحكام الإعدام التي لا تراعي أدنى قواعد وضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين". وبتنفيذ حكم الإعدام، يوم الثلاثاء، على 15 شخصا، يرتفع عدد الأشخاص المدنيين الذين نُفذت عليهم أحكام بالإعدام من القضاء العسكري منذ عام 2013 إلى 21 شخصا، وهو ما يعد أكبر عدد إعدامات تتفذه الحكومة في تاريخها.
في مايو/أيار 2015 تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 6 متهمين فى القضية رقم 43 لسنة 2014 جنايات عسكرية شمال القاهرة، والمعروفة إعلاميًّا باسم قضية "خلية عرب شركس"، والتي شابتها انتهاكات عدة سواء على مستوى الضبط والتحقيق، أم على مستوى تجاهل النيابة والمحكمة العسكرية بلاغات الاختفاء القسري والتعذيب، التي تقدم بها المتهمون وذووهم.
ويتوالى صدور أحكام بالإعدام من القضاء العسكري فى قضايا عدة منها القضية رقم 22 لسنة 2015 جنايات عسكرية طنطا، والمعروفة إعلاميا بقضية إستاد كفر الشيخ، والقضية رقم 174/2015 جنايات عسكرية غرب والمعروفة إعلاميًّا باسم العمليات النوعية، والقضية رقم 264/2015 والمعروفة إعلاميًّا باسم اقتحام مركز شرطة طامية، وغيرها.
وفوجئ أمس أهالي المتهمين الخمسة عشر بأن السلطات المصرية قد نفذت حكم الإعدام بهم على الرغم من أن قانون الإجراءات الجنائية فى مادته 472 قد نصَّ أن "لأقارب المحكوم عليه بالإعدام أن يقابلوه فى اليوم الذي يعين لتنفيذ الحكم، على أن يكون ذلك بعيدًا عن محل التنفيذ"، وقد تم تنفيذ حكم الإعدام بسجني برج العرب ووادي النطرون وفقًا لما تم إبلاغ أهالي المتهمين به.
والمحكوم عليهم بعقوبة الإعدام 15 شخصا وهم أحمد عزمي حسن محمد، عبد الرحمن سلامة سالم، علاء كامل سليم، مسعد حمدان سالم، حليم عواد سليمان، إبراهيم سالم حماد، إسماعيل عبد الله حمدان، حسن سلامة جمعة، دهب عواد سليمان، يوسف عياد سليمان، محمد عايش غنام، سلامة صابر سليم، فؤاد سلامة جمعة، محمد سلامة طلال، وأحمد سلامة طلال.
ويذكر أنه قد صدر حكم أول درجة فى 16 يونيو/حزيران 2015 بإعدام خمسة عشر متهمًا والسجن لمدة خمس عشرة سنة لقاصر وبراءة ثلاثة آخرين، وبتأكيد محكمة النقض العسكرية للحكم فى 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، لم يعد أمامهم إلا انتظار التنفيذ والذي جاء بعدها بثلاثة وأربعين يومًا.
ووفقًا لقرار الاتهام، تعود وقائع القضية إلى الهجوم على كمين الصفا 2 في العريش فى 15 أغسطس/آب 2013 حيث تم توجيه تهمة القتل العمد إلى تسعة عشر متهمًا، برَّأت المحكمة فيما بعد ثلاثة منهم، وكذلك اتُّهموا جميعًا بحيازة بنادق آلية وذخائر. وأسفر هذا الهجوم عن مقتل ضابط ورقيب وسبعة جنود آخرين.
وقالت المنظمات الموقعة على البيان المشترك "تكشف أوراق القضية الرسمية من تحقيقات النيابة العسكرية ومحاضر جلسات المحكمة عددًا من الانتهاكات التي شابت حقوق المتهمين في الحصول على محاكمة عادلة، والتى لم تؤثر في عقيدة واطمئنان المحكمة أثناء تأسيسها للحكم الصادر بإعدام خمسة عشر متهمًا فى هذه القضية. "أولًا: تعرَّض عدد من المتهمين لفترات اختفاء قسري وصلت إلى أربعة أيام في أماكن احتجاز غير قانونية فى قطاع تأمين شمال سيناء، وهى الكتيبة 101 حرس الحدود، ومعسكر الزهور في الشيخ زويد".
وكانت النيابة قد بررت إبقاء احتجازهم في أوراق القضية، استنادًا إلى الحالة الأمنية في البلاد ولعدم وجود قوة تأمين كافية، لمنع هروبهم. لم تخلُ أيضًا أوراق القضية من توثيق لوجود آثار تعذيب تعرَّض لها المتهمون، حيث أسفرت مناظرة النيابة إلى عموم جسد إبراهيم سالم (المنفذ عليه حكم الإعدام) عن وجود جروح وإصابات بعينه ومعصميه وساعده الأيمن وساقه اليمنى، بالإضافة إلى آثار كدمات وسحجات في منطقة الصدر والبطن والظهر، وهو الأمر الذي أثبتته النيابة في محضر تحقيقها معه.
إلى جانب الاختفاء القسري والتعذيب، للخمسة عشر متهمًا الذين تم إعدامهم، فإن تسعة متهمين لم يكن لديهم محامٍ أثناء عملية التحقيق، والستة متهمين الآخرون قامت النيابة بندب ثلاثة محامين للحضور معهم، ما يشكل إخلالًا في حقهم في الدفاع.
وقالت المنظمات "لم تمنع المحكمة العسكرية تنفيذ حكم سالب للحياة على أشخاص شابت محاكمتهم مخالفات لضمانات المحاكمة العادلة، وفى ظل اتجاه تشريعي يوسع اختصاصات القضاء العسكري، واتجاه قضائي نحو استخدام عقوبة الإعدام استخدامًا سياسيًّا".
كما طالبت بالحد من اختصاص القضاء العسكري في محاكمة مدنيين، والتعليق الفوري للعمل بعقوبة الإعدام لِمَا تمثله من انتهاك صارخ للحق في الحياة والمحاكمة العادلة.
وأكدت المجموعات الحقوقية، أن الاستمرار في إصدار أحكام الإعدام، خصوصًا من محاكم عسكرية، وتنفيذ بعض منها هو إهدار لقيم العدالة ولا يحقق الهدف المعلن من قِبَل الدولة بمكافحة الإرهاب.
والمجموعات الموقعة على البيان هي: مركز عدالة للحقوق والحريات، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين، ومركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومجموعة ضد الإعدام.