محادثات السيسي وبوتين: عودة الطيران وطلب الدعم في ليبيا

01 يوليو 2019
بوتين والسيسي في قمة العشرين باليابان (يوري كادوبنوف/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد" أن "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تلقى وعداً من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بالعمل على حسم مسألة استئناف الرحلات الجوية بشكل كامل بين البلدين قبل نهاية العام، وذلك خلال اللقاء الذي جمعهما في مدينة أوساكا اليابانية على هامش قمة مجموعة العشرين، لكن بوتين امتنع عن إعطاء موعد نهائي لعودة الرحلات، وأكد أنه سيطلع على التقارير الفنية الخاصة بهذا الملف فور عودته إلى موسكو". وبحسب مصادر ملاحية مصرية، فإن الشركات السياحية الروسية خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي، أوقفت تسفير رحلات "شارتر" إلى مطارات قريبة من شرم الشيخ، بما في ذلك مطارا أم الرشراش، المسمى "إيلات" من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والقاهرة، نظراً لأنها لم تحقق الجدوى الاقتصادية المرجوة بسبب زيادة تكلفة الرحلات البرية إلى شرم الشيخ نتيجة الحاجة لاستعدادات أمنية عالية المستوى بالنظر للوضع الأمني الذي تعيشه سيناء حالياً مع انخفاض عدد السواح في الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وعدم إقبال السائح الروسي محدود الدخل على دفع المزيد من الأموال مقابل رحلة برية إضافية للوصول إلى وجهته النهائية.

وذكرت هذه المصادر أن التقرير الفني الروسي الأخير حول حالة المطارات الإقليمية المصرية في إبريل/ نيسان الماضي، سجل بعض الملاحظات السلبية ولكنها بشكل عام أقل من التقارير السابقة، لكن موسكو ما زالت تشترط تطبيق أنظمة قياس بصمة بيومترية متقدمة، وبصمة الوجه، في مطاري شرم الشيخ والغردقة. الأمر الذي لم يتحقق بالكامل بسبب مشاكل مادية، واكتفت السلطات المصرية بتركيب بعض الأجهزة في المناطق الخاصة بدخول وخروج الأمتعة وعمل الموظفين للسيطرة، علماً بأن مصر لم تطبق نظام بصمة الوجه في مطار القاهرة إلا الشهر الماضي فقط، وبدأ العمل بها، بهدف التأمين وإحكام السيطرة على منافذ المطار.
وعلى الرغم من أن شركة "إيروفلوت" الروسية الحكومية استأنفت رحلاتها من موسكو إلى القاهرة والعكس في إبريل 2018، بناء على بروتوكول استئناف الرحلات وتأمين المطارات الذي وقّعه البلدان، إلا أن الموعد المبدئي لعودة الطيران إلى مدن البحر الأحمر والأقصر كان شهر أغسطس/ آب الماضي. وأوصى وفد التفتيش الأخير باستمرار التأجيل.

ويعتمد البروتوكول والوثائق التكميلية الموقّعة مطلع العام الماضي بين البلدين حلاً وسطاً حول سلطات واختصاصات الخبراء الأمنيين الروس، إذ كانت موسكو ترغب في ألا يختصوا فقط بالتفتيش على الإجراءات الأمنية الخاصة بالرحلات الروسية، بل تمتد سلطاتهم للرقابة على الإجراءات الأمنية الخاصة بباقي الرحلات. وفي النهاية اتفق الطرفان على أن تكون للمراقبين الروس سلطة مراقبة على الرحلات من وإلى روسيا فقط.

على صعيد آخر، أفادت المصادر الدبلوماسية بأنه "على الرغم من الأهمية الاستثنائية لهذا الملف بالنسبة لمصر، فإن الحديث فيها لم يستغرق كثيراً من المناقشات بين الرئيسين. وتم الاتفاق قبل عقد اللقاء على ترك التفاصيل للوزراء المعنيين وسلطتي الملاحة الجوية في البلدين، فيما اهتمّ الجانبان بشكل أكبر بالوضع في ليبيا والسودان، إذ طلب السيسي من بوتين دعماً أكبر للتحركات المصرية الإماراتية لإعادة تفوق مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ميدانياً والضغط على الدول الأوروبية المعنية، لاستبعاد جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية بشكل عام من الحلول السياسية المستقبلية في ليبيا".

وأضافت المصادر أن "السيسي تحدث عن ضرورة رفع الحظر المفروض على مليشيات حفتر، باعتباره الجيش الوطني الليبي. الأمر الذي أكد بوتين أنه سيكون محل بحث في الفترة المقبلة، مشيراً في الوقت نفسه إلى صعوبة إعلان موسكو دعم أي طرف ليبي في الفترة الحالية بشكل علني. ويبدو أن هذا بسبب العلاقات الجيدة التي تربط موسكو بداعمين إقليميين كبار لحكومة الوفاق في طرابلس، على رأسهم تركيا والجزائر".



وعلى الرغم من أن استقبال بوتين لحفتر مطلع الشهر الماضي تم تفسيره على نحو واسع بأنه انحياز لطرف على حساب آخر، إلا أن المصادر الدبلوماسية أكدت أن "هذا اللقاء كان للسيسي دور كبير في عقده، ولكن الدعم الذي يمكن أن يحصل عليه حفتر في الخفاء من روسيا، من خلال مصر أو أطراف أخرى، لم يحن الوقت بعد للإفصاح عنه رسمياً، وأن موسكو تحاول الحفاظ على هذه الشعرة الدبلوماسية التي عبرت عنها في موقفها في إبريل الماضي عندما استخدمت حق النقض لمنع إصدار بيان من مجلس الأمن لحث مليشيات حفتر على وقف الزحف نحو طرابلس، وأصرت على أن يكون البيان موجهاً لجميع القوى المتحاربة في ليبيا".

وبحسب المصادر، فإن السيسي يحاول انتزاع "موقف واضح من بوتين مستغلاً سعي موسكو الحثيث للاستفادة من حقول النفط الليبية مستقبلاً ومزاحمة باريس وروما في حربهما على الثروات الطبيعية هناك، آخذاً في الاعتبار سيطرة حفتر على حقول النفط حتى الآن"، وهي السيطرة التي ربما تكون محل شك مستقبلاً، بعد تلقيه هزيمة موجعة في غريان تهدد بشكل داهم نجاح حملته على طرابلس.

واستطردت المصادر المصرية شارحة تأثير الهزيمة الأخيرة على التحركات المصرية بقولها: "السيسي يعلم جيداً أن حملة طرابلس إذا فشلت فلا يمكن الرهان على حفتر مجدداً، وسيكون على القاهرة إعادة إنتاج بديل يحظى بقبول أولاً من الأطراف المعادية لحكومة الوفاق، ثم من الأطراف الأوروبية المراقبة وعلى رأسها باريس وروما، وهو أمر غير مقبول للسيسي حتى الآن".

أما على المستوى السوداني، فذكرت المصادر أن "بوتين كان في حاجة لمعرفة المزيد عما يجري هناك، والإشكاليات في الاتحاد الأفريقي حول المفاوضات الداخلية"، مشيرة إلى أن الأمر نفسه كان محل "استماع دقيق" من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لنظيره المصري سامح شكري في اجتماعاتهما مع وزيري دفاع البلدين الأسبوع الماضي في موسكو. وأوضحت أن "الروس لا يملكون صورة كاملة عما يحدث شأنهم شأن عواصم عديدة، ويحاولون فتح قنوات مع الجميع لاستشراف حلول للأزمة، وما إذا كان من المفيد استمرار الرهان على المجلس العسكري الانتقالي الحاكم حالياً، أو دعم شخصيات محددة فيه". وأشارت المصادر إلى أن "القاهرة سبق وطلبت من موسكو وعواصم غربية المساعدة في الضغط على الدول الأفريقية لإقرار المقترح المصري لمد الفترة الانتقالية للمجلس العسكري بالتوازي مع دراسة مبادرة الاتحاد الأفريقي، والتي تبدو غير أساسية في خطة التحركات المصرية، لكن من غير الممكن إهمالها حالياً".