وتسعى بغداد، وفقاً لمسؤولين عراقيين أحدهم محقق في معتقل الكاظمية، شمالي بغداد، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، للحصول على فكرة كاملة عن هيكلية التنظيم وطريقة تفكيره عسكرياً وخطواته المستقبلية، فضلاً عن محاولة معرفة المناطق المحتملة لتواجد زعيم التنظيم العراقي إبراهيم عواد البدري، المعروف بأبو بكر البغدادي، ومساعديه بعد هزيمة التنظيم وانحسار عدد مقاتليه.
وتتعاون وحدة تحليل المعلومات التابعة للجيش الأميركي مع فريق المحققين الذين يؤدون عملهم بسرية عالية. وقدمت لهم هذه الوحدة، أخيراً، أجهزة حديثة تستخدم في مجال التحقيق. وعلى خلاف باقي المعتقلات العراقية، فإن المحققين في العنبر الجنوبي من معتقل الكاظمية حيث يخضعون قيادات داعش البارزة للتحقيق، لا يستخدمون التعذيب أو الضرب في عملهم، لكنهم يركزون على الجانب النفسي للمعتقل، ويحاولون الحصول على المعلومات بانسيابية من المعتقلين الذين قد يواجهون بالنهاية أحكاماً تراوح بين الإعدام والسجن مدى الحياة، وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب في العراق.
ومن بين المعتقلين لدى بغداد مواطنين عرب، أحدهم سعودي، والآخر أردني وسوري أيضاً، فضلاً عن تركماني عراقي.
ويقول ضابط في لجنة التحقيق، لـ"العربي الجديد"، إن "عدداً من المعتقلين حالياً ممن يخضعون للتحقيق منذ أشهر، تبين أنهم كانوا معتقلين في سجون النظام السوري وعليهم أحكام مشددة، لكن تم إطلاق سراحهم بعد الأحداث السورية (الثورة) بأشهر قليلة". وأوضح أن أحد هؤلاء شارك بالتخطيط لاعتداء على تجمع لمتطوعي الجيش العراقي في بغداد عام 2007، وأسفر عن مقتل وجرح العشرات قبل أن يعتقل في سورية بعد مدة حيث دخلها بجواز سفر مزيف، وهناك حوكم واعتقل بتهم إرهابية بعد العثور على معلومات خطيرة في "ذاكرة إلكترونية" يملكها، تؤكد أنه إرهابي ومجرم خطير، لكن أطلق سراحه من سجن مركزي سوري رغم عدم إتمام مدة محكوميته.
ووفقاً للضابط نفسه، فإن الصراع الذي جرى بين الجيش الإسلامي والصحوات العشائرية من جهة، وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين من جهة أخرى عام 2006، أدى الى تسلم الاستخبارات السورية عدداً من أسماء أعضاء القاعدة البارزين ممن يتواجدون في سورية. وبحسب الضابط "تم اعتقالهم وقسم منهم أدين والآخرون أبقي عليهم بلا أي محاكمة، لكنهم جميعاً أفرج عنهم بعد الأحداث السورية ضد النظام"، وفقاً لقوله.
وأوضح الضابط أن "جاسم محمد، المعروف باسم أبو محمد الغريب، وهو أحد أفراد تنظيم القاعدة البارزين آنذاك، أهدرت عشائر الأنبار دمه مطلع 2007 وصدرت بحقه مذكرة اعتقال ثم حوكم غيابياً وأدين بالإعدام، وفرّ إلى سورية، وهناك تم اعتقاله بمعلومات من عراقيين متعاونين مع السوريين مقابل إقامة دائمة او امتيازات كان نحو 2 مليون عراقي يقيمون في سورية يحلمون بها آنذاك، لكن رغم اعتقاله من قبل الأمن السوري لم يحكم عليه بأي قضية، وظل داخل السجن وأطلق سراحه نهاية 2011 وترك ليلتحق بمجموعة إسلامية شكلت لاحقاً خلية إرهابية اندمجت مع النصرة، ثم تنظيم داعش، وفقاً لاعترافاته خلال التحقيق الذي يجريه فريق عراقي معه في بغداد". وخلص الضابط إلى القول إن "الحكومة السورية أطلقت سراح عدد غير قليل من السجناء الإسلاميين المتطرفين من السجون، وهذا ما يحتاج إلى تفسير، خصوصاً أنهم لم يكملوا مدة حكمهم".
ويُعتبر أحمد الرفعة، أحد أعضاء تنظيم "داعش" البارزين في مدينة الموصل والذي قتل في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2016، بضربة جوية أميركية استهدفت مبنى في حمام العليل، أحد أبرز المعتقلين السابقين لدى نظام الأسد، والذي أطلق سراحه هو الآخر مطلع 2012 رغم عدم إكمال محكوميته.
سعد الجحيشي (51 عاماً)، وهو ابن أخت الرفعة، يتحدث مع "العربي الجديد"، عما سمّاه الساعات الأولى التي تم اكتشاف خروج خاله من السجن. يقول الجحيشي "هاجمتنا حمايل من حمدان (مجموعة من عشيرة الحمدانيين) قالوا إن خالي قتل رجلاً منهم لأنه يعمل شرطياً، وهذا عام 2014 بعد سقوط الموصل، وكانوا يبحثون عن خالي الثاني أو ابنه لقتله، لكنهما والحمد لله لم يكونا متواجدين وإلا لقتلوهما ثأراً، وحينها لم نكن نصدق أن أحمد الرفعة خرج من السجن، وتبين أنه أطلق سراحه من سنوات من سجن الاستخبارات السورية، ويعمل مع داعش ودخل العراق أخيراً".