لا تنوي سلطات الاحتلال الاستسلام لقرار الاتحاد الأوروبي القاضي بـ"وسم المنتوجات والبضائع التي يتمّ استيرادها من المستوطنات المُقامة في الضفة الغربية والجولان السوري المحتل"، معلنة عن "استراتيجية شاملة لمواجهة تبعات هذا القرار". وذكرت في هذا الصدد نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي، تسيفي حوتبيلي، أن "إسرائيل تتعاطى مع وسم منتوجات المستوطنات على أنه قرار بمقاطعتها".
ويتضح أن الاستراتيجية الإسرائيلية لمواجهة القرار الأوروبي تقوم على ثلاثة مكوّنات رئيسية، وهي: محاولة التأثير على درجة تطبيق القرار، ومنع تطوره ليشمل منتوجات مناطق أخرى داخل إسرائيل، وتعزيز التعاون والشراكة الثنائية مع أكبر عدد من الدول الأوروبية.
وكشف موقع "والا" الإخباري، يوم السبت، أنه "في أعقاب اجتماع طارئ عقده كبار موظفي وزارة الخارجية الإسرائيلية، تقرّر أن تشنّ إسرائيل حملة دبلوماسية، لإقناع أكبر عدد من الدول الأوروبية بعدم احترام القرار. ومن المقرر أن تقوم حوتبيلي بزيارة عدد من الدول الأوروبية لهذا الغرض".
اقرأ أيضاً: توجّس إسرائيلي من أوروبا متعدّدة الأديان
وفي إطار الاستراتيجية الإسرائيلية، تقرّر أيضاً أن يتم الاتصال بعدد كبير من النواب الأوروبيين، عبر تشكيل وفود برلمانية إسرائيلية، يشارك فيها نواب من الائتلاف والمعارضة لشرح أسباب اعتراض إسرائيل على هذا القرار.
ومن المفارقة أن من بدأ حملة الزيارات هذه، كان أعضاء في المعارضة، وتوجّهت وزيرة الخارجية السابقة النائبة، تسيبي ليفني، إلى ألمانيا، وعقدت اجتماعاً مع وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير، تساءلت في أعقابه عن "المنطق الأوروبي الذي يسمح برفع العقوبات عن إيران ويفرضها على إسرائيل".
وحول الحجج التي ستسوقها إسرائيل في محاولتها لإقناع الأوروبيين بـ"عدم التشدّد في تطبيق قرار وسم منتوجات المستوطنات"، قال مصدر بارز في وزارة الخارجية الإسرائيلية، إن "القرار يقلّص من قدرة الاتحاد الأوروبي على أداء دور الوسيط في الجهود المبذولة للتقريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
ونقل موقع "تل أبيب تايمز"، يوم الخميس، عن المصدر قوله: "سنقول لوزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، إنكم بهذا القرار تطلقون الرصاص على أرجلكم، لأن مثل هذا القرار لا يمكن أن يسهم في توفير بيئة للمفاوضات". ومما يعكس نمط تذاكٍ واستخفافا واضحا بوعي الأوروبيين، يضيف المصدر: "لقد عارض الأوروبيون دوماً البناء في المستوطنات بوصفه سلوكا أحادي الجانب، في حين أن قرار وسم منتوجات المستوطنات قرار أحادي الجانب أيضاً".
في الوقت ذاته، تحاول إسرائيل إخراج علاقاتها الثنائية مع الدول الأوروبية من دائرة تأثير القرار المتعلق بوسم منتوجات المستوطنات، وذلك عبر محاولة تطوير مجالات التعاون الاقتصادي والشراكة الإستراتيجية مع الدول الأوروبية. وقد كشفت صحيفة "ميكور ريشون" في عددها الصادر يوم الخميس، أن "إسرائيل وبريطانيا وقّعتا أخيراً على اتفاق ينص على إجراء مناورات مشتركة في مجال مواجهة الهجمات الإلكترونية".
ونوّهت الصحيفة إلى أن "وفداً بريطانياً سيصل تل أبيب للتباحث حول مجالات تطوير التعاون التكنولوجي"، مشيرة إلى أن "إسرائيل تراهن على الاستفادة من تجربة المؤسسة الاستخبارية البريطانية، جي سي أتش كيو، التي تُعدّ أهم المنظمات العاملة في مجال تأمين المعلومات".
في سياق متصل، عبّرت المنظمات اليهودية العالمية عن انزعاجها من القرار الذي اتخذه المجلس البلدي للعاصمة الآيسلندية، ريكيافيك، يوم الثلاثاء، بمقاطعة كافة المنتوجات الإسرائيلية وضمنها منتوجات المستوطنات. وقد شدّد المجلس على أن "القرار سيظلّ ساري المفعول حتى انتهاء الاحتلال للأراضي المحتلة".
وذكر موقع صحيفة "جيروزاليم بوست"، يوم السبت، أن "رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، رونلد لودر، شجب القرار واستنكره. وعبّر عن استغرابه لعدم تحرك الحكومة الآيسلندية لمواجهته وإسقاطه". وطالب لودر، وهو ملياردير مقرّب من نتنياهو، الحكومة الآيسلندية بـ"ضرورة التوضيح لشعبها أن مثل هذه القرارات لن تأتي بأي نتيجة، وأنها قرارات خاطئة يجب أن لا يؤخذ بها على الإطلاق".
اقرأ أيضاً: من حركات التحرر إلى حملات المقاطعة