تنطلق قافلة جوالة من الكتب من طنجة إلى تطوان فالسحيمة في المغرب، بدءاً من العشرين من الشهر الجاري وتتواصل حتى 12 من كانون الثاني/ يناير المقبل.
وفقاً لمنظّمي القافلة، "نادي يونسكو طنجة"، فإنها مبادرة تهدف إلى تشجيع الأطفال واليافعين على القراءة من خلال توفير 65 ألف كتاب.
بهذا يبدأ مشروع جديد ينتمي إلى تلك التظاهرات العربية التي تحمل خطاباً متفائلاً في التشجيع على القراءة وبناء شخصية طفل أو شاب قارئ، وترتكز برامجها على توفير الكتاب، ولا شك أن مشاريع توفير كتب في قرى نائية وبلدات فقيرة ليس فيها مكتبات هو أمر في غاية الأهمية والضرورة.
غير أن ثمة سؤال بديهي حول هذه المشاريع؛ فهل يكفي توفير الكتاب في مكان ما لصناعة قارئ؟ ثم هل ينجح التشجيع في تحويل اهتمام الشخص إلى القراءة؟ وهل من الصعب حقاً في هذا العصر الوصول إلى كتاب؟ وكيف يمكن لهذه التظاهرات أن تنافس هيمنة العالم الافتراضي وعلاقاته وألعابه على اليافعين واستبداله ولو لبعض الوقت بعالم قرائي يعيش محنة العزوف عنه؟
من جهة أخرى، فإن مشاريع التشجيع على القراءة تتنوّع بين صغيرة مثل هذه (تلقت دعماً من خمسين فناناً وكاتباً من المغرب) ترمي إلى توفير الكتب والتنقل بها، أو تلك التي تسعى إلى الحصول على دعم لتأسيس مكتبات مختلفة، وهذا ليس بالأمر السيئ، لكن هناك قفزة مخيفة انطلقت العام الماضي، وأخذت مشاريع تشجيع القراءة إلى مستوى اقتصادي مختلف.
العام الماضي، أطلقت الإمارات مسابقة بعنوان "تحدي القراءة" نتيجتها جائزة تصل قيمتها إلى مليون دولار، يبدو الأمر كما لو أن فعل القراءة الفردي المعرفي المتأمل يمكن تحويله إلى سلعة تنافسية، والأمر يشبه ما يحدث في السنوات الأخيرة مع الكتابة وجوائزها، فمقولة القائمين على العروض السخية التي من هذا النوع إن لا معرفة غير قابلة لأن تكون صالحة للبيع والشراء والربح والخسارة.
من يستطيع أن يصنع قارئاً؟ التجارب المدوّنة في هذا المجال تقول إن القارئ يعرف كيف يصل إلى الكتاب مهما كان الأمر صعباً، فإن كان هناك من مشروع تنموي بهذا الاتجاه فلا بد أن يكون متكاملاً من البيت إلى المدرسة والجامعة، وأن يتمتّع بالاستمرارية ويصرّ عليها، وأن يبتكر أساليب جديدة مرتبطة بالعالم الرقمي، وإلا فإنه على الأرجح لن يصمد في المنافسة، ما لم تصل جائزة إلى مليون دولار!