لا ترتبط سعادة الشعوب مباشرة بوفرة المال؛ إذ إن الخدمات الاقتصادية- الاجتماعية التي تضمن طمأنينة المواطنين إلى حياتهم ومستقبل أبنائهم تدخل كلاعب أساسي ضمن محددات السعادة. وكذلك، يبرز القلق الاقتصادي كسبب يخفّض من مستويات الراحة لدى المواطنين.
وقد كانت النتائج التي أظهرها مؤشر السعادة للعام 2014 مفاجأة. لا بل مثيرة للتعجب أيضاً؛ إذ كشف المؤشر وبشكل واضح أن دولا فقيرة كثيرة حول العالم تعيش في "سعادة عارمة"، فيما دول غنية بمواردها وطاقاتها لم تستطع أن تقدم لأبنائها هامشا من السعادة.
وقد بينت الدراسة ضعف العلاقة المباشرة بين المال والسعادة؛ فالدول الغنية، وعلى عكس ما هو متوقع، لم تكن هي نفسها الدول السعيدة. لا بل إن دولا فقيرة بمواردها، يعيش سكانها في جو من السعادة، لأسباب عديدة.
وقد أظهر مؤشر "هابي بلانت للعام 2014" أن دولاً كثيرة في منطقة الشرق الأوسط تعيش في جو من السعادة، بالرغم من فقر مواردها الطبيعية والمادية، وأن دولاً أخرى غنية بمواردها لم يحظ سكانها بنقاط عالية من السعادة.
إذ تبين، على سبيل المثال، أن الجزائر حازت أعلى نقاط للسعادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. حيث يعيش سكان الجزائر، بالرغم من ارتفاع معدلات البطالة والفقر، في جو من الراحة النفسية، ويشعرون بالراحة حيال مستقبلهم ومستقبل أولادهم.
فقد نالت الجزائر 52.2 نقطة من المؤشر. ولا شك في أن هذه النسبة لا تعتبر مرتفعة مقارنة مع دول العالم، إلا أنها الأعلى بين الدول العربية. وتلتها المملكة الأردنية، التي نالت 51.7 نقطة. وقد عبر الأردنيون بشكل عام عن رضاهم حيال الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، مقارنة مع دول الجوار. وقال غالبية المستطلعين إنهم مطمئنون تجاه الأوضاع السياسية والاستقرار في البلاد على المدى المتوسط والبعيد.
إلى ذلك، نال المغرب 47.9 نقطة؛ إذ إن المشاريع الاقتصادية والإعانات الاجتماعية، تنال رضى المواطنين. وأظهر المؤشر كذلك أن لبنان نال 42.9 نقطة، حيث لا يشعر اللبنانيون بسعادة في بلادهم. فيما حازت مصر 39.6 نقطة فقط.
وقد أظهر المؤشر أن المال لا يصنع السعادة بالنسبة إلى العديد من سكان العالم. إذ إن للسعادة عند الشعوب مفهوما مختلفا تماماً عن موارد الدولة. فالشعوب تحتاج إلى أنظمة اقتصادية واجتماعية قادرة على تلبية طموحاتهم، وتأمين المستلزمات الأساسية لمواجهة مشاكل الحياة.
وفي هذا الإطار، يشير خبير الأنثروبولوجيا، الدكتور سعيد عيسى، إلى أن رضى الشعوب وشعورهم بالأمان والأمن لا يتعلق مطلقا بمدى غنى الدول أو فقرها. ويقول لـ"العربي الجديد": "يحتاج المواطن بشكل رئيسي إلى الأمان والاطمئنان حيال المستقبل، وهو الباعث الرئيسي للسعادة؛ إذ إن المواطنين الذين يعيشون في دول قادرة على تأمين الاستقرار الاجتماعي، يشعرون بالسعادة".
ويؤكد عيسى أن الدول التي تقدم خدمات صحية مجانية، وتعليما مجانيا، وخدمات متساوية بين المواطنين، ترتفع فيها نسبة الرفاهية. ويشير عيسى إلى أهمية وجود نظام سياسي واقتصادي مستقر، يعيش داخله المجتمع باطمئنان وأمن. ووفق عيسى، فإن الأمر لا يتعلق بمدى ارتفاع دخل المواطن، بقدر ما يتعلق بوجود استقرار، والقدرة على تأمين الحاجيات الأساسية، خصوصاً المأكل، والمشرب، والطبابة، والتعليم.
من جهة أخرى، أشارت الدراسة إلى أن الدول الغنية بمواردها، لم يحظ سكانها بالسعادة المقبولة عالمياً. فعلى سبيل المثال، لم يحظ عدد من سكان الخليج بالسعادة المتناسبة مع مقدراتهم المالية.
وبحسب الخبير الاقتصادي، عدنان الدليمي، فإن هذه النتائج لم تكن غير متوقعة، إذ إنه وبالرغم من ارتفاع العائدات النفطية، وقدرة دول الخليج على تقديم كافة الخدمات الاجتماعية والصحية، إلا أن هناك العديد من المؤشرات التي يحتاجها الشعب ولا تزال محط دراسة من قبل الحكومات.
ويقول لـ"العربي الجديد": لا يمكن ربط السعادة بالمال، فدول الخليج تمتلك من الثروات الطبيعية، ما يجعلها الأغنى بين دول العالم، لكن بعضها في المقابل لم يحظ سكانه بمعدلات سعادة عالية، ويعود السبب إلى أسلوب الحياة، وتطلعات الشعوب. فهناك خوف دائماً من الاهتزازات العالمية للبورصة وأسعار النفط، ومن المعلوم أن الشعوب الخليجية تعتمد بشكل رئيسي على البورصة والنفط. ويضيف: "غياب عامل الاستقرار الاقتصادي والمالي يجعل الشعوب تعيش في قلق دائم، الأمر الذي يشعرها بالإحباط نوعاً ما".
(العربي الجديد)
وقد كانت النتائج التي أظهرها مؤشر السعادة للعام 2014 مفاجأة. لا بل مثيرة للتعجب أيضاً؛ إذ كشف المؤشر وبشكل واضح أن دولا فقيرة كثيرة حول العالم تعيش في "سعادة عارمة"، فيما دول غنية بمواردها وطاقاتها لم تستطع أن تقدم لأبنائها هامشا من السعادة.
وقد بينت الدراسة ضعف العلاقة المباشرة بين المال والسعادة؛ فالدول الغنية، وعلى عكس ما هو متوقع، لم تكن هي نفسها الدول السعيدة. لا بل إن دولا فقيرة بمواردها، يعيش سكانها في جو من السعادة، لأسباب عديدة.
وقد أظهر مؤشر "هابي بلانت للعام 2014" أن دولاً كثيرة في منطقة الشرق الأوسط تعيش في جو من السعادة، بالرغم من فقر مواردها الطبيعية والمادية، وأن دولاً أخرى غنية بمواردها لم يحظ سكانها بنقاط عالية من السعادة.
إذ تبين، على سبيل المثال، أن الجزائر حازت أعلى نقاط للسعادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. حيث يعيش سكان الجزائر، بالرغم من ارتفاع معدلات البطالة والفقر، في جو من الراحة النفسية، ويشعرون بالراحة حيال مستقبلهم ومستقبل أولادهم.
فقد نالت الجزائر 52.2 نقطة من المؤشر. ولا شك في أن هذه النسبة لا تعتبر مرتفعة مقارنة مع دول العالم، إلا أنها الأعلى بين الدول العربية. وتلتها المملكة الأردنية، التي نالت 51.7 نقطة. وقد عبر الأردنيون بشكل عام عن رضاهم حيال الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، مقارنة مع دول الجوار. وقال غالبية المستطلعين إنهم مطمئنون تجاه الأوضاع السياسية والاستقرار في البلاد على المدى المتوسط والبعيد.
إلى ذلك، نال المغرب 47.9 نقطة؛ إذ إن المشاريع الاقتصادية والإعانات الاجتماعية، تنال رضى المواطنين. وأظهر المؤشر كذلك أن لبنان نال 42.9 نقطة، حيث لا يشعر اللبنانيون بسعادة في بلادهم. فيما حازت مصر 39.6 نقطة فقط.
وقد أظهر المؤشر أن المال لا يصنع السعادة بالنسبة إلى العديد من سكان العالم. إذ إن للسعادة عند الشعوب مفهوما مختلفا تماماً عن موارد الدولة. فالشعوب تحتاج إلى أنظمة اقتصادية واجتماعية قادرة على تلبية طموحاتهم، وتأمين المستلزمات الأساسية لمواجهة مشاكل الحياة.
وفي هذا الإطار، يشير خبير الأنثروبولوجيا، الدكتور سعيد عيسى، إلى أن رضى الشعوب وشعورهم بالأمان والأمن لا يتعلق مطلقا بمدى غنى الدول أو فقرها. ويقول لـ"العربي الجديد": "يحتاج المواطن بشكل رئيسي إلى الأمان والاطمئنان حيال المستقبل، وهو الباعث الرئيسي للسعادة؛ إذ إن المواطنين الذين يعيشون في دول قادرة على تأمين الاستقرار الاجتماعي، يشعرون بالسعادة".
ويؤكد عيسى أن الدول التي تقدم خدمات صحية مجانية، وتعليما مجانيا، وخدمات متساوية بين المواطنين، ترتفع فيها نسبة الرفاهية. ويشير عيسى إلى أهمية وجود نظام سياسي واقتصادي مستقر، يعيش داخله المجتمع باطمئنان وأمن. ووفق عيسى، فإن الأمر لا يتعلق بمدى ارتفاع دخل المواطن، بقدر ما يتعلق بوجود استقرار، والقدرة على تأمين الحاجيات الأساسية، خصوصاً المأكل، والمشرب، والطبابة، والتعليم.
من جهة أخرى، أشارت الدراسة إلى أن الدول الغنية بمواردها، لم يحظ سكانها بالسعادة المقبولة عالمياً. فعلى سبيل المثال، لم يحظ عدد من سكان الخليج بالسعادة المتناسبة مع مقدراتهم المالية.
وبحسب الخبير الاقتصادي، عدنان الدليمي، فإن هذه النتائج لم تكن غير متوقعة، إذ إنه وبالرغم من ارتفاع العائدات النفطية، وقدرة دول الخليج على تقديم كافة الخدمات الاجتماعية والصحية، إلا أن هناك العديد من المؤشرات التي يحتاجها الشعب ولا تزال محط دراسة من قبل الحكومات.
ويقول لـ"العربي الجديد": لا يمكن ربط السعادة بالمال، فدول الخليج تمتلك من الثروات الطبيعية، ما يجعلها الأغنى بين دول العالم، لكن بعضها في المقابل لم يحظ سكانه بمعدلات سعادة عالية، ويعود السبب إلى أسلوب الحياة، وتطلعات الشعوب. فهناك خوف دائماً من الاهتزازات العالمية للبورصة وأسعار النفط، ومن المعلوم أن الشعوب الخليجية تعتمد بشكل رئيسي على البورصة والنفط. ويضيف: "غياب عامل الاستقرار الاقتصادي والمالي يجعل الشعوب تعيش في قلق دائم، الأمر الذي يشعرها بالإحباط نوعاً ما".
(العربي الجديد)