جاءت تصريحات رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، قبل أسبوع لدى وكالة بلومبيرغ، حول وضع نصف ثروته في الذهب، بسبب الأزمات التي تشهدها المنطقة في الآونة الأخيرة، لتثير ردود فعل واسعة في أوساط المستثمرين وكذلك أصحاب المدخرات، لا سيما في الدول العربية، وسط تكهنات بزيادة المضاربة في المعدن النفيس، بينما حذر محللون ماليون في بنوك استثمار عالمية من مخاطر توجيه الأموال إلى سلة واحدة من الأصول.
وتوقع ساويرس في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ الاقتصادية الأميركية الأسبوع الماضي، أن يصل سعر أونصة (أوقية) الذهب إلى 1800 دولار، مقابل سعرها الحالي الذي يدور حول 1300 دولار، مضيفاً أن بعض الأسهم ستتهاوى أسعارها، كونها مبالغٌ فيها بصورة كبيرة.
وما أن أظهرت تحليلات لفاعلين في الأسواق، عدم دقة تقديرات رجل الأعمال المصري، حتى عاد ساويرس، الذي اعتاد اقتناص الفرص الاستثمارية، وأصبح من بين أثرياء العالم، ليغرد على تويتر قبل يومين، قائلاً إنه لم يشترِ الذهب، وإنما وضع نصف ثروته في شركات تعمل بالتنقيب عن المعدن النفيس.
وقال باري ريتولز، محلل الأسواق، في مقالة بوكالة بلومبيرغ، إنه "ليس من الحكمة مطلقاً تركيز الاستثمارات في نوع واحد من الأصول، مهما كانت الثقة في ارتفاعها، وبصفة خاصة إذا كان الاستثمار مستنداً على مثل هذا النوع من التوقعات التي ذكرها ساويرس"، مضيفاً أن الاستراتيجية التي تحدث عنها ساويرس "تعكس عدم فهم المرء لقدراته الشخصية في توقع حركة السوق بناء على التقييمات".
وبعد انتهاء الأزمة المالية التي ضربت العالم في عامي 2008 و 2009، ومع التأكد من انحسارها في 2011، كانت التوقعات تشير إلى ارتفاع أغلب الأسهم، مع انخفاض أسعار المعادن الثمينة، ومنها الذهب بالطبع، كما الشركات المرتبطة بها.
وبالفعل استمر الاتجاه الصعودي للأسهم، وزادت وتيرته خلال عامي 2016 و2017، وبدرجة أكبر خلال أول شهرين من العام الحالي 2018.
أما سعر الذهب، فبعد تسجيله أعلى مستوى في تاريخه خلال 2011، وهو 1895 دولاراً للأونصة، الذي جاء كنتيجة طبيعية لاندفاع المستثمرين لشرائه اعتباراً من 2008 مع احتدام الأزمة المالية، أخذ في الانخفاض، حتى سجل أقل من 1100 دولار للأونصة في نهاية 2015، لكنه بدأ في التعافي مرة أخرى خلال العامين الماضيين.
وقال جاري تاناشيان، محلل الأسهم المستقل، وفق بلومبيرغ إنه لا يمكن القطع بوجود اتجاه صعودي للذهب "إلا لو أجزمنا ببدء الاتجاه الهبوطي للأسهم العالمية"، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وأصدر مجلس الذهب العالمي يوم الخميس الماضي، تقريراً أشار فيه إلى انخفاض الطلب العالمي على الذهب خلال الربع الأول من العام الجاري إلى أدنى مستوى له منذ 2008، ليبلغ 973 طناً، مقابل 1047 طناً في نفس الفترة من العام الماضي بتراجع بلغت نسبته 7%.
وأرجع التقرير هذا الانخفاض إلى تراجع الطلب في الصين، التي يوجد فيها أكبر سوق للسبائك والعملات الذهبية في العالم، بنسبة 26% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وجاء في التقرير أيضاً أن "تراجع القلق من ضعف اليوان الصيني، الذي كان الدافع الأكبر لتوجه الصينيين نحو شراء الذهب قبل عامٍ تقريباً، سبب انخفاض طلبهم على الذهب". وارتفع اليوان الصيني مقابل الدولار بحوالي 9% منذ مارس/آذار 2017.
واليوم الثلاثاء، انخفضت أسعار الذهب بنسبة 0.1% لتصل إلى 1313 للأونصة، مع استمرار الدولار قرب أعلى مستوياته للعام 2018، بفعل القوة النسبية للاقتصاد الأميركي.
وقال نعيم أصلان، كبير محللي الأسواق في شركة ثينك ماركتس للاستثمار في تقرير للشركة: "ارتفع الدولار وهبط الذهب بعد أن عبر بعض أعضاء مجلس البنك الفيدرالي الأميركي عن تقبلهم لفكرة الإسراع بوتيرة رفع معدلات الفائدة، إذا اقتضى الأمر".
وفي تقريره الشهري عن توقعات سعر الذهب على موقع "اف اكس امباير"، قال كولين فيرست يوم الإثنين الماضي "سيكون التركيز على الدولار في الشهر القادم، حيث تتوقع الأسواق أن تستمر العملة الأميركية في التحرك من قوة إلى قوة. بدأ هذا في نهاية الشهر الماضي، وتأمل السوق أن يستمر".