في الوقت الذي تسعى فيه بعض القوى المدنية للاتفاق على مرشح محدد لدعمه في أول انتخابات رئاسية بعد انقلاب 3 يوليو الماضي، وصف مراقبون هذا الاستحقاق الانتخابي بـ "المسرحية العبثية" في ضوء ارتفاع أسهم وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الذي فوضه المجلس العسكري لخوض الانتخابات".
أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أحمد تهامي، قال إن "الجناح البراغماتي في السلطة التي حكمت مصر بعد 3 يوليو يدرك جيدا خطورة تحول انتخابات الرئاسة لاستفتاء على شخص المشير السيسي".
ومن ثم، والكلام لتهامي، "يسعى هذا الجناح الى إخراج مشهد الانتخابات الرئاسية بشكل يبدو ديمقراطيا وسيسمح لعدد من المرشحين بخوض السباق الرئاسي الذين يعلمون جيدا أنهم لا يشكلون أي خطورة على وزير الدفاع".
درس الاستفتاء
وأكمل تهامي، في تصريحات خاصة لمراسل "الجديد"، "يستطيع المرشحان الرئاسيان السابقان حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح لعب هذا الدور لإضفاء بعض المصداقية على عملية الانتخابات".
مشيرا إلى أن "السلطة الحاكمة تعلمت الدرس جيدا وتخشى تكرار سيناريو الاستفتاء على التعديلات الدستورية، الذي جرى يومي 14 و15 يناير الماضي، في انتخابات الرئاسة لتبدو أكثر ديمقراطية كما لو أنها تمت في مناخ تنافسي أمام الرأي العالمي".
وأضاف "الدفع بمرشح محسوب على بعض الاتجاهات الثورية وإفساح المجال لبعض شباب الثورة لدعمه سيكون الخيار الأمثل للجناح البراغماتي في السلطة أكثر من الجناح الأمني الذي يتعاطي مع المشهد بآليات مختلفة وهو ما تسبب في الإعلان عن نتيجة الاستفتاء الأخير بنسبة تأييد غير منطقية تجاوزت 98 %".
وعزز وجهة نظره قائلا: "يمثل حمدين أحد القوى الرئيسية في تحالف 30 يونيو الماضي، بينما يتمتع أبو الفتوح بطبيعة مختلفة لأنه يعترف بـ 30 يونيو ويرفض انقلاب 3 يوليو ويشوب مواقفه بعض التردد، قد يدفع حزب مصر القوية بمرشح غير أبو الفتوح من داخل الحزب أو خارجه في الانتخابات".
وأكمل: "قد تفسح السلطة الحاكمة لمرشحين مثل أبو الفتوح وصباحي، لكنها تعتبر ترشح رئيس أركان القوات المسلحة السابق، سامي عنان خطا أحمر لأنه بمثابة منافس حقيقي يهدد السيسي ويحظى ببعض التأييد داخل المؤسسة العسكرية وكذلك الأمنية".
"أرى ضروة أن يخوض التيار المدني انتخابات الرئاسة لفضح الانتهاكات المتوقع حدوثها"، بحسب عضو المكتب السياسي لجبهة "طريق الثورة"وسام عطا.
وتابع: "تؤكد الظروف والشواهد الراهنة التي أحاطت بالاستفتاء الأخير أن الدوبة تسير في اتجاه معين، وسيكون مصير كل من يعارض هذا المسار القتل والاعتقال والتنكيل"، على حد قوله.
واوضح: "ندرك أن الأجواء التي ستجري فيها ستكون غير ديمقراطية وأن الأمر أشبه بالمسرحية الهزلية، وهذا ما يدفعنا للتفكير بجدية في ضرورة خوض المعركة لفضح مزاعم السلطة التي تدعي بأن العملية ستكون ديمقراطية".
وعن مساعي التيار المدني لدعم مرشح واحد في الانتخابات، قال الناشط اليساري "أتحفظ على تسمية بعض القوى نفسها بالتيار المدني، فهناك قوى إسلامية مدنية، فحركة "سلفيو كوستا" أقرب لي من يساريي حزب التجمع".
وفيما يتعلق بتشابه موقفهم من الانتخابات الرئاسية المرتقبة بموقف جماعة الإخوان المسلمين التي وجهت لها انتقادات لإصرارها على خوض انتخابات مجلس الشعب عام 2010، على الرغم من تزايد فرص تزويرها آنذاك، قال عطا "أيدت حركة "شباب من أجل العدالة والحرية"، التي كنت عضوا فيها خوض الانتخابات لفضح التزوير، ثم دعونا بعد المرحلة الأولى الى مقاطعة المرحلة الثانية من الانتخابات".
جدير بالذكر أنه من المقرر أن يلتقي المرشحان الرئاسيان الخاسران خالد علي وحمدين صباحي لبحث تسمية مرشح رئاسي بعينه لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.