قصة محمد علي شهابي قصة كلّ لاجئ فلسطيني عادي، عاش في مخيمات لبنان بكلّ مآسيها، ولم يعرف حياة غيرها، بعيداً عن الوطن
"ولدت بعد نكبة عام 1948، بثماني سنوات، في شادر، في المخيم، وكنا نعيش في ذلك الشادر عشرة أشخاص، إلى أن سمح لنا لاحقاً بوضع حجارة وطين حول الشادر، فصار سقف الغرفة من الزينكو (معدني)، وكانت الحمامات مشتركة". هكذا يستهل محمد علي شهابي المنحدر من قضاء طبريا، في فلسطين المحتلة، حديثه إلى "العربي الجديد"، هو الذي يعيش في مخيم عين الحلوة، في صيدا، جنوب لبنان، في المكان نفسه الذي نصب فيه أهله شادراً أول مرة.
اليوم، يملك علي محلاً للخردة قرب منزله. كان سباكاً، لكنّه لم يعد قادراً على العمل بسبب ديسك في الظهر. يقول إنّ أهله عانوا كثيراً كما جميع الفلسطينيين، خصوصاً في مسألة العمل: "أصغر أسرة هجرت من فلسطين كان عدد أفرادها عشرة على الأقل، وكان الأب هو المعيل الوحيد للأسرة، وكان يعمل بالفاعل (تحميل وحفر وغيرهما من أعمال بدنية قاسية) أو بالزراعة، ويتقاضى أجراً زهيداً، لكنّه كان مضطراً إلى ذلك، ولولا وكالة الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى) التي كانت مؤسستها توفر الطعام، وفتحت المدارس لما عشنا، أو تعلمنا".
يتذكر دراسته: "مدارس الأونروا كانت من الشوادر أيضاً، وصفوفها حتى التاسع الأساسي فقط، ومن كان ميسوراً كان يتابع تعليمه الثانوي في مدارس خاصة، ومنهم من سافر إلى الخارج، وتعلم وبات يرسل لأهله المال لتعليم أشقائه الذين دخلوا إلى الجامعات. أما أنا فلم أتمكن من متابعة تعليمي، إذ فضلت أن يتابع أخي تعليمه، الذي كان قد أنهى دراسته قبلي، وكان لي أخ أكبر بات يومها معلماً في مدارس الأونروا، وهو من كان يساعد أبي ويساهم في تعليم أخي الذي يكبرني. وهكذا تعلمت مهنة السباكة". يضيف: "مات أبي عام 1970، وصرت لاحقاً أنا وأخي الأكبر نعيل الأسرة".
يذكر أنّ الأهالي قبل عام 1967، عانوا كثيراً من الأمن الداخلي اللبناني والمكتب الثاني (الاستخبارات العسكرية). فمثلاً، عندما يدخل عناصر المكتب إلى المقهى، كان على جميع من فيه أن يقفوا لهم احتراماً، أما من لا يقف فيُضرب ويهان، ويساق إلى المخفر. يتابع: "كان ممنوعاً على العامل الفلسطيني أن يتجاوز طريق القاسمية (إلى الجنوب من صيدا وإلى الشمال من صور) إذا كان آتياً من صيدا وما خلفها، من دون أن يستحصل على رخصة من استخبارات الجيش".
ويختم: "ما زلنا نعيش المعاناة نفسها، فنحن محرومون العمل وحقوقاً عدة. ويزيد الأمر سوءاً عدم السماح لمواد البناء بالدخول إلى المخيم، وخصوصاً الحديد، ما يعطل الأعمال".