26 يناير 2021
محمد علي والمصريين... بين الثورة و"الانقلاب المصطنع"
إن الموقف الراهن في مصر والمترتب على خطاب المقاول محمد علي، يفرض حتمية التحليل الموضوعي لأبعاده، ففي ضوء اعتبارات المضمون وردود الأفعال والتفسيرات المحتملة والأهداف المتباينة للأطراف الفاعلة، يصبح من الصعوبة القول إن ما يحدث ثورة شعبية حقيقة، بل إن الاحتمال الأرجح أن يكون محاولة لانقلاب ناعم من داخل النظام ذاته على عبدالفتاح السيسي الذي أصبح عبئا على داعميه.
فمنذ مقطعه المصور الأول فى الرابع من سبتمبر/ أيلول 2019، أكد محمد علي أنه ليس مهتما بالسياسة ولا ينتمي لأي فصيل، واقتصرت مطالبه على الحصول على مستحقاته المالية المتأخرة لدى القوات المسلحة، كما تركز حديثه حول تفاصيل تتعلق بالفساد المالي الذي يمارسه بعض قادة المؤسسة العسكرية، وعلى رأسهم السيسي.
وقد انتشرت تلك المقاطع بشكل واسع نظرا لما تحتويه من تفاصيل تتعلق بذلك الفساد، ونالت اهتماما كبيرا من جانب كل من وسائل الإعلام الموالية والمعارضة لنظام الانقلاب العسكري الحاكم في مصر، على السواء، وإن اختلف المحتوى.
فبينما ركز موالو النظام على تشويه محمد علي والتقليل من شأن أقواله، أبرزتها المعارضة دليلاً على فساد النظام، لكن ما زاد الأمر سوءا هو إقرار السيسى بصحة أقوال محمد علي في ما يتعلق بالفساد المالي المشار إليه، وكذلك إعلانه عزمه على استمرار هذا الفساد في تحد كبير للشعب ولكل أجهزة النظام الحاكم التي نصحته بعدم إثارة الموضوع.
وعلى عكس ما أعلنه محمد علي سابقا، فإن مضمون خطابه قد تغير بشكل ملحوظ بعد حديث السيسي هذا، فتحوّل من المطالبة بمستحقاته المالية فقط إلى الدعوة لثورة ضد السيسي، مؤكدا أن ضباطا في الجيش والشرطة يدعمونه، وأن التظاهرات لن تواجه بالقمع، كما ظهر في الوقت ذاته أشخاص يقولون إنهم ضباط عاملون أو سابقون في الجيش والشرطة، ومن متحدثين باسم رموز عسكرية رفيعة الرتب، وكذلك من قوى سياسية معارضة في الداخل والخارج، وكلهم يدعمون محمد علي ويدعون لإسقاط السيسي.
كما طالب محمد علي وزير الدفاع الفريق محمد زكي باعتقال السيسى، الأمر الذي يطرح سؤالا حول ماهية مطالب محمد علي تحديدا، هل يدعو إلى ثورة شعبية أم إلى انقلاب عسكري، أم أنه يروج لنفس الخدعة القديمة "ثورة شعبية يحميها الجيش"؟، ليمهد لانقلاب عسكرى ناعم.
وكان من اللافت للنظر أن يغادر السيسي مصر يوم الجمعة 20 سبتمبر/ أيلول 2019 -نفس اليوم الذي حدده محمد علي للتظاهر ضده- متوجها إلى الولايات المتحدة الأميركية لحضور اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وذلك قبل عدة أيام من افتتاحها. وعلى الرغم من نفي وسائل الإعلام الموالية للسيسي ونظامه، أو على أحسن الأحوال تقليلها من حجم المظاهرات التى اندلعت تلبية لدعوة محمد علي، فقد روجت لها وأبرزتها وسائل الإعلام المعارضة بوصفها ثورة شعبية.
ومما يدعو للدهشة أن تبدو قوى المعارضة وكأنما معركتها ضد السيسي فقط، متناسية الدروس المستفادة من ثورة يناير 2011 ومن الانقلاب العسكري 2013، كما يبدو أنها تتجاهل أن معركتها الحقيقة ضد نظام الحكم العسكري برمته، فما السيسي إلا أحد أوجه المؤسسة العسكرية الحاكمة في مصر منذ قيام دولة العسكر عام 1952، وإن كان أكثرها قبحا ودموية، ولا يمكن أن تكون قوى المعارضة محقة بدعم انقلاب عسكري على آخر، فنضالهم يجب أن يكون من أجل قيم الحرية والديموقراطية في ظل دولة مدنية، وليس من أجل تحسين شروط العبودية تحت حكم عسكري.
وبغض النظر عن حجم تلك التظاهرات، فإن إتاحة الشوارع والميادين للمتظاهرين، وعدم مواجهتها بالقوة الغاشمة كما اعتاد نظام الحكم العسكرى، قد يعكس رضا بعض قيادات المؤسسة العسكرية والأمنية عنها، بل والإعداد المسبق لها، الأمر الذي يشير إلى انقسام وصراع داخل النظام الحاكم، وفي حال كان ذلك حقيقة فإن تلك التظاهرات لا تعدو كونها غطاء مدنيا قد تم ترتيبه للتمهيد لانقلاب عسكرى ناعم ضد السيسي، مع ضمان عدم خروج الأمورعن سيطرة المؤسسة العسكرية كما حدث سابقا.
وإن تحول ذلك إلى واقع، فلن يكون جديدا على المؤسسة العسكرية أو وزير الدفاع الذي سبق له عام 2013- وقت أن كان قائدا للحرس الجمهوري- أن ساهم في الانقلاب على الرئيس محمد مرسي رحمه الله، أول رئيس مدني منتخب في مصر، وذلك بالمخالفة للدستور والقانون والقسم الوظيفي. كما أن الشعب المصري سوف يكتشف عما قريب أنه لم يكن سوى لعبة في أيدي عسكر انقلبوا على بعضهم بعضاً، ولن يحقق الشعب آماله في الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة التي يناضل من أجلها منذ زمن، ولسوف يكتشف حينها أن محمد علي ودعوته لم يكونا سوى خديعة أخرى من العسكر للإبقاء على هذا الشعب فى حظيرة الطاعة المذلة كما حدث في الثلاثين من يونيو 2013، ولسوف يدفع المصريون من حياتهم وكرامتهم ودمائهم أثمانا غالية كما دفعوا ولا يزالون منذ قيام دولة العسكر، ولا سيما بعد انقلاب 2013.
إن المعركة الحقيقية في مصر هي معركة وعي في المقام الأول.. فهل منا رجل رشيد؟
فمنذ مقطعه المصور الأول فى الرابع من سبتمبر/ أيلول 2019، أكد محمد علي أنه ليس مهتما بالسياسة ولا ينتمي لأي فصيل، واقتصرت مطالبه على الحصول على مستحقاته المالية المتأخرة لدى القوات المسلحة، كما تركز حديثه حول تفاصيل تتعلق بالفساد المالي الذي يمارسه بعض قادة المؤسسة العسكرية، وعلى رأسهم السيسي.
وقد انتشرت تلك المقاطع بشكل واسع نظرا لما تحتويه من تفاصيل تتعلق بذلك الفساد، ونالت اهتماما كبيرا من جانب كل من وسائل الإعلام الموالية والمعارضة لنظام الانقلاب العسكري الحاكم في مصر، على السواء، وإن اختلف المحتوى.
فبينما ركز موالو النظام على تشويه محمد علي والتقليل من شأن أقواله، أبرزتها المعارضة دليلاً على فساد النظام، لكن ما زاد الأمر سوءا هو إقرار السيسى بصحة أقوال محمد علي في ما يتعلق بالفساد المالي المشار إليه، وكذلك إعلانه عزمه على استمرار هذا الفساد في تحد كبير للشعب ولكل أجهزة النظام الحاكم التي نصحته بعدم إثارة الموضوع.
وعلى عكس ما أعلنه محمد علي سابقا، فإن مضمون خطابه قد تغير بشكل ملحوظ بعد حديث السيسي هذا، فتحوّل من المطالبة بمستحقاته المالية فقط إلى الدعوة لثورة ضد السيسي، مؤكدا أن ضباطا في الجيش والشرطة يدعمونه، وأن التظاهرات لن تواجه بالقمع، كما ظهر في الوقت ذاته أشخاص يقولون إنهم ضباط عاملون أو سابقون في الجيش والشرطة، ومن متحدثين باسم رموز عسكرية رفيعة الرتب، وكذلك من قوى سياسية معارضة في الداخل والخارج، وكلهم يدعمون محمد علي ويدعون لإسقاط السيسي.
كما طالب محمد علي وزير الدفاع الفريق محمد زكي باعتقال السيسى، الأمر الذي يطرح سؤالا حول ماهية مطالب محمد علي تحديدا، هل يدعو إلى ثورة شعبية أم إلى انقلاب عسكري، أم أنه يروج لنفس الخدعة القديمة "ثورة شعبية يحميها الجيش"؟، ليمهد لانقلاب عسكرى ناعم.
وكان من اللافت للنظر أن يغادر السيسي مصر يوم الجمعة 20 سبتمبر/ أيلول 2019 -نفس اليوم الذي حدده محمد علي للتظاهر ضده- متوجها إلى الولايات المتحدة الأميركية لحضور اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وذلك قبل عدة أيام من افتتاحها. وعلى الرغم من نفي وسائل الإعلام الموالية للسيسي ونظامه، أو على أحسن الأحوال تقليلها من حجم المظاهرات التى اندلعت تلبية لدعوة محمد علي، فقد روجت لها وأبرزتها وسائل الإعلام المعارضة بوصفها ثورة شعبية.
ومما يدعو للدهشة أن تبدو قوى المعارضة وكأنما معركتها ضد السيسي فقط، متناسية الدروس المستفادة من ثورة يناير 2011 ومن الانقلاب العسكري 2013، كما يبدو أنها تتجاهل أن معركتها الحقيقة ضد نظام الحكم العسكري برمته، فما السيسي إلا أحد أوجه المؤسسة العسكرية الحاكمة في مصر منذ قيام دولة العسكر عام 1952، وإن كان أكثرها قبحا ودموية، ولا يمكن أن تكون قوى المعارضة محقة بدعم انقلاب عسكري على آخر، فنضالهم يجب أن يكون من أجل قيم الحرية والديموقراطية في ظل دولة مدنية، وليس من أجل تحسين شروط العبودية تحت حكم عسكري.
وبغض النظر عن حجم تلك التظاهرات، فإن إتاحة الشوارع والميادين للمتظاهرين، وعدم مواجهتها بالقوة الغاشمة كما اعتاد نظام الحكم العسكرى، قد يعكس رضا بعض قيادات المؤسسة العسكرية والأمنية عنها، بل والإعداد المسبق لها، الأمر الذي يشير إلى انقسام وصراع داخل النظام الحاكم، وفي حال كان ذلك حقيقة فإن تلك التظاهرات لا تعدو كونها غطاء مدنيا قد تم ترتيبه للتمهيد لانقلاب عسكرى ناعم ضد السيسي، مع ضمان عدم خروج الأمورعن سيطرة المؤسسة العسكرية كما حدث سابقا.
وإن تحول ذلك إلى واقع، فلن يكون جديدا على المؤسسة العسكرية أو وزير الدفاع الذي سبق له عام 2013- وقت أن كان قائدا للحرس الجمهوري- أن ساهم في الانقلاب على الرئيس محمد مرسي رحمه الله، أول رئيس مدني منتخب في مصر، وذلك بالمخالفة للدستور والقانون والقسم الوظيفي. كما أن الشعب المصري سوف يكتشف عما قريب أنه لم يكن سوى لعبة في أيدي عسكر انقلبوا على بعضهم بعضاً، ولن يحقق الشعب آماله في الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة التي يناضل من أجلها منذ زمن، ولسوف يكتشف حينها أن محمد علي ودعوته لم يكونا سوى خديعة أخرى من العسكر للإبقاء على هذا الشعب فى حظيرة الطاعة المذلة كما حدث في الثلاثين من يونيو 2013، ولسوف يدفع المصريون من حياتهم وكرامتهم ودمائهم أثمانا غالية كما دفعوا ولا يزالون منذ قيام دولة العسكر، ولا سيما بعد انقلاب 2013.
إن المعركة الحقيقية في مصر هي معركة وعي في المقام الأول.. فهل منا رجل رشيد؟