ينتمي الناقد والأكاديمي الأردني الفلسطيني محمود السمرة (الطنطورة 1923 – عمّان 2018)، الذي رحل أمس السبت في العاصمة الأردنية، إلى نخبة أكملت دراساتها العليا في خمسينيات القرن الماضي وآمنت أن الدولة الحديثة يُنشئها مجتمع العلم الذي شيّد المؤسسات التعليمية والثقافية الأولى في البلاد.
حاز الراحل على درجة البكالوريوس في الأدب العربي من "جامعة القاهرة" عام 1950، لينتقل بعدها للعمل مدرّساً في الكويت، ومنها إلى لندن حيث حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من "معهد الدراسات الشرقية والأفريقية" عام 1958، ليعود إليها مرة أخرى ويؤسس مع الكاتب المصري الراحل أحمد زكي مجلة "العربي" ويشغل نائب رئيس تحريرها.
في عام 1964، سيعود صاحب "أدباء الجيل الغاضب" إلى عمّان ليلتحق بــ"الجامعة الأردنية" التي تأسّست قبل ذلك بسنتين، ليساهم مع أربعة رفاق هم: ناصر الدين الأسد (1921- 2015)، وعبد الرحمن ياغي (1924 – 2017) وعبد الكريم خليفة (1924)، وهاشم ياغي (1921 -2013) في إنشاء أول كلية جامعية تدرّس الآداب واللغات في الأردن.
آمن السمرة بأن أهم دور للجامعة يتمثّل بتحديث المجتمع حيث يبحث خريجوها في مشكلات الواقع ويجتهدون في تقديم حلول لها غير منحاز في ذلك لأيديولوجية يميناً أو شمالاً فالمعرفة لا تقبل التخندق والتحزب، وظلّ وفياً لرؤيته هذه خلال عمله أستاذاً وعميداً لكلية الآداب ونائباً لرئيس الجامعة ثم رئيساً لها.
تداعى عام 1973 مع سبعة عشر مثقفاً لتأسيس "رابطة الكتاب الأردنيين" التي ترأس هيئتها الإدارية عام 1981 لمدة عامين، وبين تيارين أساسين نظر أحدهما إلى الرابطة بوصفها منبراً للتعبير عن الكتّاب المسيّسين في زمن الأحكام العرفية وحظر الأحزاب، والآخر باعتبارها مؤسسة تحافظ على حرية الفكر بغض النظر عن لونه وانتمائه السياسي، انحاز السمرة إلى التيار الثاني.
عام 1991، عيّن صاحب "مقالات في النقد الأدبي" وزيراً للثقافة ليكتشف الأكاديمي والمثقف أن الوزارة لا تبني ثقافة كما سجلّ اعترافاته في سيرته الذاتية التي نشرها تحت عنوان "إيقاع المدى".
عشرات الكتب والدراسات، بين مؤلف ومحقّق ومترجم، تحمل اسمه؛ من بينها: "أدباء معاصرون من الغرب" (1964)، و"القاضي الجرجاني، الأديب الناقد" (1966)، و"غربيون في بلادنا" (1969)، و"متمردون: أدباء وفنانون" (1974)، و"العروبة والإسلام وأوروبا" (1984)، و"النقد الأدبي والإبداع في الشعر" (1997). إلى جانب كتب مترجمة مثل "القصة السيكولوجية" و"هنري جيمس" لـ ليون أيدل، و"إرنست همنغواي" لـ فيليب يونغ، و"روائع التراجيديا في أدب الغرب" لـ كلينث بروكس.