لكلّ هذه الأسباب جرى اعتبار بروست كاتباً يتلاعب بقرّائه، ومن هنا يأخذ مشروع رقمنة مخطوطاته الذي أعلن عنه مؤخراً بعداً إضافياً على خلفية أنه من المنتظر أن يفكّ شيفرة الكثير من أسرار كتابته.
المشروع أعلن عنه، مع بداية السنة الجديدة، "المركز الفرنسي للبحث العلمي"، ويتضمّن مجموعة شركاء من فرنسا وأميركا مثل مؤسسة "كور-بروست" المتخصّصة في جمع أرشيف الكاتب الفرنسي، و"معهد المخطوطات المعاصرة"، بالإضافة إلى مؤسسات تقنية متخصّصة في تنفيذ رقمنة المخطوطات التاريخية. وسيجري البدء بنشر مخطوطات بروست في موقع خاص بداية من تشرين الثاني/ نوفمبر 2018.
مخطوطات رواية "البحث ع الزمن المفقود"، على أهميّة ظهورها، لن تشكّل أكثر عنصر منتظر، فقد جرى الاشتغال عليها في وقت سابق من قبل مؤسسات أكاديمية، لكن ما ينتظره الباحثون والجمهور بشغف أكبر هو مجموعة رسائل بروست والتي جرى تجميعها من أماكن متباعدة في العالم.
هذا الانتظار للرسائل ليس اعتباطياً، فقد سبق أن ظهرت في الصحافة الأدبية في السابق بعض رسائله، أشهرها رسالة كتبها في 1909 إلى صديقه لوسيان دوديه، والتي أكّدت بعض الفرضيات حول شخصيات رواياته وفنّدت أخرى، حيث يتحدّث عن شخصية يعرفها تظهر ملامحها بشكل واضح في العمل، كما حسمت هذه الرسالة بعض الجدل حول تماهي بروست مع الراوي في "البحث عن الزمن المفقود".
لذا، يبدو ظهور ما يقارب عن ستة آلاف رسالة (تتضمّن تيليغرامات، وإهداءات كتب، ورسائل تعزية..) سبباً كافياً كي يطمع كثيرون في حلّ مزيد من الألغاز المتناثرة في مدوّنة بروست الضخمة.