تسارعت التطورات يمنياً، خلال الأيام القليلة الماضية، وتغيّرت معها مضامين خطاب التحالف العربي بقيادة السعودية، من المسار "العسكري" إلى "الإنساني"، الأمر الذي بدا أنه ليس مصادفة، كونه تزامن مع إعلان مبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عدم الاستمرار في منصبه. فأصبح العنوان الأبرز في اليمن، على أبواب مرحلة جديدة، هو "العمل الإنساني"، على حساب "العسكري"، على الأقل، لفترة محدودة. وكان التحالف بقيادة السعودية، أعلن يوم الاثنين الماضي، عن تدشين عملية إنسانية عقب إعلان أممي مماثل عن "الاستجابة الإنسانية في اليمن". وتجلّى ذلك في انخفاض حدة التصعيد العسكري من قبل التحالف، وإبراز "الجانب الإنساني"، وهو ما فُسّر بأنه نتيجة لضغوط دولية، وبأنه مؤشر على احتمال وجود تفاهمات غير معلنة بين الرياض والمجتمع الدولي، مع جماعة أنصار الله (الحوثيين)، المسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء.
وتضمّن الخطاب السعودي، الذي خرج تدريجياً عن "العسكري" إلى "الإنساني"، إشارة واضحة بتهدئة لهجة التصعيد مع الحوثيين، من خلال مضامين الخطة الإنسانية السعودية، التي تشمل فتح عدد من المنافذ، بما فيها منفذ الخضراء في محافظة صعدة، معقل الحوثيين، ومنفذ الطوال الواقع في الجانب اليمني، في منطقة حرض بمحافظة حجة، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والمصنّفة كمنطقة مواجهات متقطعة بين قوات الشرعية والحوثيين منذ أكثر من عامين.
بالتالي فإن الخطة أوصلت، بطريقة أو بأخرى، رسالة مفادها أن "الرياض مقبلة على خطة إنسانية تشمل بدرجة أساسية المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وتستثني المحافظات الجنوبية"، موحية بأنها "إما خطة إعلانات دعائية للتضليل والردّ على الانتقادات الدولية حول الوضع الإنساني، وأن العمليات العسكرية مستمرة ولكن بخطاب إنساني"، أو أنه "تمهيد لتهدئة مع الحوثيين، قد يطول أمدها أو ينقص"، الأمر الذي لا توجد له مؤشرات منطقية، باستثناء تحولات الأيام الأخيرة.