اتخذت السعودية، خلال السنوات العشر الأخيرة، خطوات متسارعة نحو إنشاء مدن اقتصادية متنوعة في مختلف أنحاء البلاد، في محاولة تعزيز قدرات اقتصادها والاستفادة من العائدات النفطية، إلا أن المردود الاقتصادي لها ما يزال متواضعاً وفق مسؤولين وخبراء اقتصاد.
ويرى الخبراء، أن المدن الاقتصادية في المملكة لم تحقق سوى 20% من الأهداف التي وضعت لأجلها، مشيرين إلى أنها تحتاج إلى إعادة هيكلة لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وتوفير فرص عمل حقيقية، خصوصاً أن بعضها تحول إلى المتاجرة العقارية دون الاهتمام بالهدف الرئيسي الذي أنشئت من أجله.
وأطلقت السعودية، منذ عام 2005، أربع مدن اقتصادية عملاقة، وينتظر الانتهاء من اثنتين أخريين، فتم إنشاء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ على ساحل البحر الأحمر، وهي إحدى محافظات منطقة مكة المكرمة غرب المملكة، كما تم إطلاق مدن جازان (جنوب غرب)، وحائل (شمال)، و"وعد الشمال" في محافظة طريف شمال البلاد.
وكان من المخطط له، أن تكون مدينة رابغ الاقتصادية مركزاً لوجستياً، خصوصاً مع إطلاق ميناء الملك عبدالله، وتضم أيضاً، شركات صناعة الأدوية وتوزيع السلع الاستهلاكية والأغذية والبناء والسيارات، بينما كان مقرراً أن تحتوي "جازان" على مصانع تخلق أكبر عدد ممكن من الوظائف لأن المدينة تتميز بعدد سكانها الكبير، أما حائل فتركز على التجارة البحتة كونها تربط بين الدول الخارجية ومكة، في حين تضم مدينة "وعد الشمال" الصناعات التعدينية.
وتؤكد الهيئة العامة للاستثمار، أن بعض المدن الاقتصادية مرت بالفعل بمراحل تعثر مبكرة، مما دفع الهيئة لإعادة تقييم وضع كل مدينة على حدة، والخروج بخطط عمل تفصيلية وفقاً لظروفها.
ويرى الخبراء، أن المدن الاقتصادية في المملكة لم تحقق سوى 20% من الأهداف التي وضعت لأجلها، مشيرين إلى أنها تحتاج إلى إعادة هيكلة لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وتوفير فرص عمل حقيقية، خصوصاً أن بعضها تحول إلى المتاجرة العقارية دون الاهتمام بالهدف الرئيسي الذي أنشئت من أجله.
وأطلقت السعودية، منذ عام 2005، أربع مدن اقتصادية عملاقة، وينتظر الانتهاء من اثنتين أخريين، فتم إنشاء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ على ساحل البحر الأحمر، وهي إحدى محافظات منطقة مكة المكرمة غرب المملكة، كما تم إطلاق مدن جازان (جنوب غرب)، وحائل (شمال)، و"وعد الشمال" في محافظة طريف شمال البلاد.
وكان من المخطط له، أن تكون مدينة رابغ الاقتصادية مركزاً لوجستياً، خصوصاً مع إطلاق ميناء الملك عبدالله، وتضم أيضاً، شركات صناعة الأدوية وتوزيع السلع الاستهلاكية والأغذية والبناء والسيارات، بينما كان مقرراً أن تحتوي "جازان" على مصانع تخلق أكبر عدد ممكن من الوظائف لأن المدينة تتميز بعدد سكانها الكبير، أما حائل فتركز على التجارة البحتة كونها تربط بين الدول الخارجية ومكة، في حين تضم مدينة "وعد الشمال" الصناعات التعدينية.
وتؤكد الهيئة العامة للاستثمار، أن بعض المدن الاقتصادية مرت بالفعل بمراحل تعثر مبكرة، مما دفع الهيئة لإعادة تقييم وضع كل مدينة على حدة، والخروج بخطط عمل تفصيلية وفقاً لظروفها.
ويقول الأمين العام لهيئة المدن الاقتصادية، مهند هلال، إن إطلاق هذه المدن بتوسع، كان بهدف طرح مبادرات جديدة أمام القطاع الخاص، وخلق موازنة اقتصادية إقليمية.
ويضيف هلال لـ"العربي الجديد" : "هدفنا من هذه المدن إحياء المناطق والمدن الأقل نمواً، وتوفير الوظائف لأبناء وبنات السعودية، وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد السعودي".
لكنه يعترف، أن رفع سقف التوقعات الذي صاحب إطلاق المدن صعّب من مهمتها ونتج عنه أثر عكسي، قائلاً: "أوضحت الدارسات التي أجريناها حول أسباب التعثر، أنه لم يكن مناسباً إطلاق حملة لتسويق المدن قبل أن تكتمل الملامح الأساسية للمشروع، وهذه من التجارب والدروس المستفادة".
وبحسب أستاذ الاقتصاد، بدر العثمان، فإن المشكلة كانت في التقديرات الخاطئة، والأهداف التي رسمت لهذه المدن، دون النظر للمعوقات التي كانت ستقف أمامها.
ويقول العثمان لـ"العربي الجديد": "من البداية لم يكن مفهوماً منطق إطلاق ست مدن اقتصادية دفعة واحدة، على رغم قلة تجربتها وخبرتها، وعدم وجود خبرات إدارية وتشغيلية، كان المأمول من هذه المدن أن تخلق مليوني وظيفة على الأقل قبل عام 2020، ولكن بعد عشر سنوات ما يزال الرقم الذي تم خلقه من الوظائف أقل بكثير من المتوقع".
ويضيف أن "أغلب المدن الاقتصادية تحولت للمتاجرة في العقارات، مع أنها تكلفت نحو 120 مليار دولار، الخطأ الأكبر كان تسليم هذه المدن لمقاولين ومطورين عقاريين وليس إلى شركات متخصصة، لهذا تعاملوا مع هذه المدن على أنها مخططات عقارية، وليس بالطريقة الاحترافية، وهو ما جعل هذه المدن تتعطل منذ بداياتها، لغياب الخبرة والتجربة".
اقرأ أيضا: الرياض تلغي تصاريح 8 شركات استقدام عمالة
ويقول رئيس المركز الخليجي للدراسات الاقتصادية والمحلل الاقتصادي، ربيع السندي، إن بعض المدن نجحت في أماكن، وفشلت في أخرى، لأسباب مرتبطة بالبيئة الموجودة فيها. وأوضح السندي، في تصريح خاص، أن تدخل البلديات والأمانات في بعض المدن تسبب في تعطل فكرتها الرئيسية ودفعها للفشل، مشيراً إلى أن مقياس النجاح، هو أن تؤدي هذه المدن الدور المطلوب منها.
ويؤكد السندي أن أهم المشاكل، التي تسببت في تعطل المدن الاقتصادية، هو أن هذه المدن لم يكن لها مجلس أعلى يشرف عليها سابقاً، فكان هناك تدخل في الصلاحيات تسبب في شل يدها، موضحاً أن الهيئة العامة للاستثمار تشرف على المدن الصناعية الصغيرة الخفيفة، ولا تدخل المدن الكبيرة في صلاحياتها، ولو كان هناك مرجع أعلى للمدن لما تعرضت بعضها للمشاكل الحالية.
ويبدو أن السعودية انتبهت، أخيراً، لخطأ تشتت المدن الاقتصادية تحت عدة جهات، فقررت، أخيراً، إنشاء مجلس أعلى للمدن لمنحها المزيد من الاستقلالية وحرية العمل.
ويؤكد خبراء أن تعدد الجهات المسؤولة داخل هذه المدن، كان السبب الأول في تعثر الكثير منها، نتيجة لكثير من البيروقراطية، معربين عن أملهم في أن ينجح المجلس الذي تم تسميته، الأسبوع الماضي، في إعادة المدن القائمة حالياً للطريق الصحيح.
ويقول رئيس اللجنة الصناعية في غرفة الشرقية، فيصل القريشي، إن فشل العديد من المدن الاقتصادية يعود إلى أسباب إدارية ومالية، كما أن القطاع الخاص لم يكن قادراً على تحمل تطوير مدن بهذه المساحات الكبيرة، حتى لو جمع مئات ملايين الريالات، لأن بناءها يجب أن يكون بالشكل المناسب الذي يجعلها متكاملة، بعكس أن تقوم الدولة بتطويرها.
ويضيف القريشي في تصريح خاص "مهما بلغت قوة القطاع الخاص وخبرته، فإنه لم يكن يستطيع تطوير مدن بهذا الحجم والتي تعادل إحداها مساحة جدة تقريباً".
وفي السياق ذاته، يؤكد الخبير الصناعي، عبدالمجيد العبدالمحسن، أنه بعد عشر سنوات لم يتحقق الكثير من رؤية المدن الاقتصادية، لأنه من البداية لم يكن معروفاً من سيكون المسؤول عنها، ولهذا فشلت في جذب الاستثمارات الأجنبية.
ويقول "نحتاج لإعادة هيكلة المدن الاقتصادية، لكي نعيدها للطريق الصحيح، وأن تُرسم لها سياسات طويلة المدى وليس إجراءات مفاجئة، فالاستثمارات الأجنبية تحتاج إلى رؤى واضحة حتى تضمن نجاحها في المنطقة".
ويضيف: "يجب أن تكون هذه المدن الصناعية الاقتصادية الشريان الحي، الذي يجب الانطلاق منه من خلال التسويق والإعلان المستمر لجلب كبريات الشركات والمصنعين لإنشاء استثماراتهم داخل هذه المدن، وهذا يحتاج لإعادة بلورة من جديد لكل شيء فيها".
وتطمح السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم في تنويع اقتصادها المعتمد بنحو 90% على النفط، في محاولة لخلق فرص عمل للسعوديين وكذلك الحفاظ على معدلات نموها. وأثر تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية بأكثر من 50% منذ منتصف العام الحالي، على إيرادات الدول النفطية في منطقة الخليج.
ودفع التراجع في أسعار النفط العديد من الدول إلى إعادة التفكير في بنية اقتصاداتها، لكنها ما تزال تراهن على عودة الاستقرار إلى سوق النفط.
وتوقع صندوق النقد الدولي، أن يدخل نحو مليونيْ شخص إلى سوق العمل في دول مجلس التعاون الخليجي، بحلول عام 2020، في إشارة إلى أن انخفاض أسعار النفط لن يؤثر على نسق مشروعات الدول الخليجية.
وتحتضن منظومة العمل الخليجية أعداداً كبيرة من العمالة الوافدة، تقدرها أبحاث متخصصة بنحو 17 مليون عامل في العام الجاري 2015، وذلك انتقالاً من نحو 250 ألف عامل فقط في عام 1975.
اقرأ: السعودية تتجه لإصدار أول سندات خارجية لتغطية عجز الموازنة
ويضيف هلال لـ"العربي الجديد" : "هدفنا من هذه المدن إحياء المناطق والمدن الأقل نمواً، وتوفير الوظائف لأبناء وبنات السعودية، وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد السعودي".
لكنه يعترف، أن رفع سقف التوقعات الذي صاحب إطلاق المدن صعّب من مهمتها ونتج عنه أثر عكسي، قائلاً: "أوضحت الدارسات التي أجريناها حول أسباب التعثر، أنه لم يكن مناسباً إطلاق حملة لتسويق المدن قبل أن تكتمل الملامح الأساسية للمشروع، وهذه من التجارب والدروس المستفادة".
وبحسب أستاذ الاقتصاد، بدر العثمان، فإن المشكلة كانت في التقديرات الخاطئة، والأهداف التي رسمت لهذه المدن، دون النظر للمعوقات التي كانت ستقف أمامها.
ويقول العثمان لـ"العربي الجديد": "من البداية لم يكن مفهوماً منطق إطلاق ست مدن اقتصادية دفعة واحدة، على رغم قلة تجربتها وخبرتها، وعدم وجود خبرات إدارية وتشغيلية، كان المأمول من هذه المدن أن تخلق مليوني وظيفة على الأقل قبل عام 2020، ولكن بعد عشر سنوات ما يزال الرقم الذي تم خلقه من الوظائف أقل بكثير من المتوقع".
ويضيف أن "أغلب المدن الاقتصادية تحولت للمتاجرة في العقارات، مع أنها تكلفت نحو 120 مليار دولار، الخطأ الأكبر كان تسليم هذه المدن لمقاولين ومطورين عقاريين وليس إلى شركات متخصصة، لهذا تعاملوا مع هذه المدن على أنها مخططات عقارية، وليس بالطريقة الاحترافية، وهو ما جعل هذه المدن تتعطل منذ بداياتها، لغياب الخبرة والتجربة".
اقرأ أيضا: الرياض تلغي تصاريح 8 شركات استقدام عمالة
ويقول رئيس المركز الخليجي للدراسات الاقتصادية والمحلل الاقتصادي، ربيع السندي، إن بعض المدن نجحت في أماكن، وفشلت في أخرى، لأسباب مرتبطة بالبيئة الموجودة فيها. وأوضح السندي، في تصريح خاص، أن تدخل البلديات والأمانات في بعض المدن تسبب في تعطل فكرتها الرئيسية ودفعها للفشل، مشيراً إلى أن مقياس النجاح، هو أن تؤدي هذه المدن الدور المطلوب منها.
ويؤكد السندي أن أهم المشاكل، التي تسببت في تعطل المدن الاقتصادية، هو أن هذه المدن لم يكن لها مجلس أعلى يشرف عليها سابقاً، فكان هناك تدخل في الصلاحيات تسبب في شل يدها، موضحاً أن الهيئة العامة للاستثمار تشرف على المدن الصناعية الصغيرة الخفيفة، ولا تدخل المدن الكبيرة في صلاحياتها، ولو كان هناك مرجع أعلى للمدن لما تعرضت بعضها للمشاكل الحالية.
ويبدو أن السعودية انتبهت، أخيراً، لخطأ تشتت المدن الاقتصادية تحت عدة جهات، فقررت، أخيراً، إنشاء مجلس أعلى للمدن لمنحها المزيد من الاستقلالية وحرية العمل.
ويؤكد خبراء أن تعدد الجهات المسؤولة داخل هذه المدن، كان السبب الأول في تعثر الكثير منها، نتيجة لكثير من البيروقراطية، معربين عن أملهم في أن ينجح المجلس الذي تم تسميته، الأسبوع الماضي، في إعادة المدن القائمة حالياً للطريق الصحيح.
ويقول رئيس اللجنة الصناعية في غرفة الشرقية، فيصل القريشي، إن فشل العديد من المدن الاقتصادية يعود إلى أسباب إدارية ومالية، كما أن القطاع الخاص لم يكن قادراً على تحمل تطوير مدن بهذه المساحات الكبيرة، حتى لو جمع مئات ملايين الريالات، لأن بناءها يجب أن يكون بالشكل المناسب الذي يجعلها متكاملة، بعكس أن تقوم الدولة بتطويرها.
ويضيف القريشي في تصريح خاص "مهما بلغت قوة القطاع الخاص وخبرته، فإنه لم يكن يستطيع تطوير مدن بهذا الحجم والتي تعادل إحداها مساحة جدة تقريباً".
وفي السياق ذاته، يؤكد الخبير الصناعي، عبدالمجيد العبدالمحسن، أنه بعد عشر سنوات لم يتحقق الكثير من رؤية المدن الاقتصادية، لأنه من البداية لم يكن معروفاً من سيكون المسؤول عنها، ولهذا فشلت في جذب الاستثمارات الأجنبية.
ويقول "نحتاج لإعادة هيكلة المدن الاقتصادية، لكي نعيدها للطريق الصحيح، وأن تُرسم لها سياسات طويلة المدى وليس إجراءات مفاجئة، فالاستثمارات الأجنبية تحتاج إلى رؤى واضحة حتى تضمن نجاحها في المنطقة".
ويضيف: "يجب أن تكون هذه المدن الصناعية الاقتصادية الشريان الحي، الذي يجب الانطلاق منه من خلال التسويق والإعلان المستمر لجلب كبريات الشركات والمصنعين لإنشاء استثماراتهم داخل هذه المدن، وهذا يحتاج لإعادة بلورة من جديد لكل شيء فيها".
وتطمح السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم في تنويع اقتصادها المعتمد بنحو 90% على النفط، في محاولة لخلق فرص عمل للسعوديين وكذلك الحفاظ على معدلات نموها. وأثر تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية بأكثر من 50% منذ منتصف العام الحالي، على إيرادات الدول النفطية في منطقة الخليج.
ودفع التراجع في أسعار النفط العديد من الدول إلى إعادة التفكير في بنية اقتصاداتها، لكنها ما تزال تراهن على عودة الاستقرار إلى سوق النفط.
وتوقع صندوق النقد الدولي، أن يدخل نحو مليونيْ شخص إلى سوق العمل في دول مجلس التعاون الخليجي، بحلول عام 2020، في إشارة إلى أن انخفاض أسعار النفط لن يؤثر على نسق مشروعات الدول الخليجية.
وتحتضن منظومة العمل الخليجية أعداداً كبيرة من العمالة الوافدة، تقدرها أبحاث متخصصة بنحو 17 مليون عامل في العام الجاري 2015، وذلك انتقالاً من نحو 250 ألف عامل فقط في عام 1975.
اقرأ: السعودية تتجه لإصدار أول سندات خارجية لتغطية عجز الموازنة