يعيش نحو ألفي فلسطيني في قرابة 11 تجمعاً بدوياً وخربة، واقعة في مسافر يطا جنوب الضفة الغربية المحتلة، حياة صعبة، بعد أن صعّدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءاتها هناك وأغلقت الطرقات، وحاولت بكل الطرق المتاحة سد منافذ الحياة عليهم، لإجبارهم على الرحيل.
50 ألف دونم تقام عليها خربة المسافر، يريدها الاحتلال بغرض التدريبات العسكرية، وهي مصادرة للهدف ذاته، ما جعل الفلسطينيين هناك على خط نيران الاحتلال بشكل مباشر، عدا عن هجمات المستوطنين، واستهداف ما يسمى بـ"تنظيم الإدارة المدنية". كل ذلك يأتي في محاولة لكسر صمودهم، بعد أن فشل الاحتلال في تهجيرهم بالهدم والتهديد والوعيد.
ويصرّ السكان، الذين يغلب عليهم طابع البداوة، على البقاء ورفض الرحيل، رغم أن "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال تنهكهم بعمليات الهدم والإخطار، ومنع البناء والتوسع، وحتى التزود بمقومات الحياة الأساسية. في المقابل، يشن قطعان المستوطنين هجمات على المنازل والخيم البدائية التي يعيش فيها الأهالي هناك.
كما يواصل الاحتلال الإسرائيلي مخططات الهجرة، وبدأ في محاولة أخرى هي ضرب عصب الحياة في المسافر، إذ شرع، منذ منتصف الشهر الماضي، بإغلاق كافة الطرقات والمداخل المؤدية إلى المسافر، في الوقت الذي أغلق فيه الطرق الواصلة بين المسافر مع بعضها البعض وقطع أواصرها.
ويقول رئيس المجلس القروي لمسافر يطا، نضال يونس، لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال يستهدف، بشكل أكثر جدية، المسافر في هذه المرة، وعملية إغلاق الطرق، هي بمثابة حصار يفرض على السكان، لكن الأهالي بطابعهم البدوي يتصدون لكل تلك المحاولات، وقاموا بفتح بعض الطرق، وأوجدوا البديل لأخرى، رغم الصعوبة والمغامرة.
ومع ذلك، بقيت خربتان محاصرتين حتى اللحظة، ويصعب الوصول إليهما بالمركبات، وهما "جنبة، والمركز"، ويبعدان عن خربة "الفخيت"، وهي الأقرب إليهما، بنحو خمسة كيلومترات، ومن هنا تبدأ المعاناة.
ويضيف المتحدث أنه لا يكاد يمر يوم على أهالي الخرب، إلا ويتم تسجيل اعتداء لقوات الاحتلال أو المستوطنين، أو ما يسمى بتنظيم الإدارة المدنية، مشيراً إلى أن الأحداث هناك تتصاعد بشكل تدريجي بغية تنغيص الحياة، وأن عملية إغلاق الطرقات ستجعلها أكثر تعقيدا في فصل الشتاء، لكن الأهالي سيلجأون إلى الطرق البديلة والاعتماد أكثر على الجرار الزراعي من أجل البقاء.
إلى ذلك، تصل المياه إلى الخربتين بصعوبة بالغة، باستخدام الجرار الزراعي فقط، فيما يصعب إدخال المواد التموينية والغذائية سوى بتلك الجرارات، عدا عن صعوبة ومعاناة المعلمين في المدرسة الأساسية والتأخر عن دوامهم، نظرا لأن مركباتهم ذات الدفع الرباعي تعلق في الطرقات الوعرة، ويلجأ أهالي الخربة إلى الجرار الزراعي لسحب سيارات المعلمين، ما يؤدي إلى تعطيل الحياة الدراسية هناك في بعض الأيام، بحسب رئيس المجلس القروي.
أما طلاب المدرسة الثانوية فيقطعون، بعد إغلاق الطريق في الخربتين، خمسة كيلومترات نحو خربة "الفخيت"، ويتلقون تعليمهم هناك، بعد تعذّر وصول المركبة التي كانت تقلّهم.
الجانب الأصعب في حياة الخربتين، هو عدم تمكن العيادة الطبية المتنقلة التي تقدم خدمات صحية للسكان من الوصول إليهم، ويبقى أصحاب الأمراض المزمنة والذين هم بحاجة إلى فحص دوري من دون رعاية حتى اليوم، بسبب إغلاق الطرق والحصار الممنهج الذي ضربه الاحتلال لتهجير سكان تلك الخرب الصغيرة.
ويتذرّع الاحتلال الإسرائيلي بأن أراضي المسافر تتبع لدولته، ويمنع تواجد الفلسطينيين عليها، إلا أنه في الوقت ذاته لا يمكنه مجابهة أصحاب الأرض الذين يملك أغلبهم أوراقا ثبوتية للبقاء هناك، ما يجعله يتذرّع في كل مرة بأن المصادرة تأتي لأغراض عسكرية، ما يشكل خطرا على حياة كل فلسطيني ينوي البقاء في أرضه، بينما يسمح للمستوطنين الأكثر قربا من بعض الخرب بمهاجمة الأهالي ليلاً، ومحاولة إحراق منازلهم، وحتى قتلهم.