مستقبل كردستان تحت المجهر بين الشمال وبغداد

21 ابريل 2014
يرغب الأكراد بحلّ في الموضوع النفطي (Getty)
+ الخط -
تتحكّم 3 بنود رئيسة بملف العلاقة بين بغداد وكردستان: آلية تصدير النفط، تنفيذ المادة 140 من الدستور، والحصة "المجحفة" للأكراد، في الموازنة السنوية العراقية. 3 بنود ستؤثر على عناوين المستقبل بين العاصمة والإقليم، قد تختار معه كردستان الانفصال عن حكم بغداد، كما لمّح مسؤولون أكراد أكثر من مرة.

دفعت تلك المشاكل رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، في أكثر من موقف وتصريح إلى وصف رئيس الحكومة العراقية، نوري المالكي، بـ"الديكتاتور"، مهدداً بالانفصال عن العراق في حال استمرت سياسة المالكي على نهجها الحالي.

وقالت مسؤولة مركز تنظيمات الاتحاد الكردستاني، شاناز ابراهيم أحمد، لـ"العربي الجديد": إن "الأكراد لم يشعروا طيلة الفترة الماضية بأنهم شركاء حقيقيين في العراق بسبب سياسة المالكي، وتهميش مطالبهم، وتأويل عدد من الفقرات الدستورية، مثل المادة 140، المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها".

وأشارت الى أن "من يعتبر تلك المناطق الكردية جزءاً من محافظات العراق الأخرى، إنما يكرّس قرارات صدام السابقة، بتعريب تلك المناطق وسيأتي اليوم الذي يندم فيه".
وتعتبر المادة 140 من الدستور، النقطة الخلافية الأبرز بين الطرفين، وتنصّ المادة، على إجراء استفتاء شعبي، خاص بالمناطق ذات الغالبية الكردية، والتي تقع خارج إقليم كردستان، بعد تنفيذ إحصاء سكاني بإشراف الأمم المتحدة، يحدّد من خلاله موقف السكان في تلك المناطق، من البقاء ضمن سلطة حكومة بغداد، أو الالتحاق بإقليم كردستان، وتعتبر مناطق كركوك وخانقين والحمدانية ومندلي وبلدروز ومخيم دوميز، أبرز المناطق المشمولة بهذا القرار، إلا أن المالكي يعطل إجراء الاستفتاء، ويعتبر المادة الدستورية بحاجة إلى تعديل برلماني وتوافق سياسي قبل كل شيء.

بينما يصف رئيس كتلة "التغيير" الكردية في مجلس النواب العراقي، لطيف مصطفى، لـ"العربي الجديد"، سياسات المالكي بـ"غير الصادقة تجاه الأكراد". 
وأكد عضو كتلة "التحالف الكردستاني" في مجلس النواب العراقي، النائب محمود عثمان، أن " االأكراد أكدوا حرصهم في كل مراحل الأزمات السابقة، على تنفيذ الدستور الذي صوّت عليه الشعب العراقي، بكل قومياته ومكوناته الدينية، وكرّس قيم الشراكة والتوازن والتوافق الوطني".
لكنه استدرك أن "مشاكل حكومة الاقليم مع العاصمة تفاقمت بشكل كبير، بسبب تهرّب الحكومة من التزاماتها إزاء الدستور، وخصوصاً المتعلقة بالمناطق المستقطعة من الإقليم".

وطالب بـ"الجلوس على طاولة مفاوضات، يكون الدستور الحكم بين الطرفين، ولكن للأسف فإن الدستور مغيّب".

وترفض حكومة المالكي منذ مطلع العام 2014 احتساب 21 في المئة من الموازنة المالية، لصالح كردستان، وهي النسبة التي اعتمدها الدستور وفقاً لعدد السكان والمساحة، وخفض المالكي النسبة الى 17 في المئة، بسبب "إصرار كردستان على التصرف والانفراد بسياستها النفطية وجذب شركات نفط عالمية وتصدير الانتاج، دون أن تستفيد الحكومة العراقية"، بحسب قوله.
وتنفي سلطات كردستان اتهامات المالكي، وتؤكد أن عملية جذب الشركات لحقولها النفطية ناجم عن الوضع الأمني الممتاز، وطالبت الحكومة بالموافقة على التعامل مع تلك الشركات، وصرف مستحقّاتها، لقاء تحويل واردات نفطها الى المدخول الفيدرالي العام للبلاد".

ويحاول الإقليم الكردي جاهداً منذ أشهر، تصدير نفطه بعيداً عن بغداد، عبر خط أنابيب يربطه مع ميناء جيهان التركي.
وأشار عضو البرلمان الكردستاني عن قائمة "الحزب الديمقراطي"، آري هرسين، الى أن "الدستور يسمح للإقليم التصرف بموارده، لكن المالكي يحاصر الإقليم، ويلعب معنا سياسة التجويع المقيتة ويمنعنا من التصرف بمواردنا".
ورأى أن "رئيس مجلس الوزراء العراقي لم يتمكن ومنذ استلامه المنصب، من ابعاد روح الشوفينية والطائفية من سياساته اليومية"، مؤكداً أنه "لا يستطيع أن يقف على مسافة واحدة من جميع القوميات والطوائف والمكونات العراقية، لأنه ببساطة لا يتصرف كرئيس عراقي، بل يتصرف كقومي عربي من جهة، وطائفي شيعي من جهة أخرى".
وتساءل هرسين "هل يستطيع قائد أن يقف على مسافة واحدة من جميع المواطنين، ويتصرف على هذا الأساس؟"، ليحسم "طبعاً لا".

من جهته، اعتبر أمين عام وزارة البيشمركة، في حكومة إقليم كردستان، جبار ياور، أنه "على الرغم من الهروب من تنفيذ الدستور، بخصوص الجيش العراقي والبيشمركة، لكن خيارنا كأكراد، متعلّق فقط بالمزيد من الحوار لحل المشاكل العالقة، لأننا لسنا في حرب مع الحكومة العراقية بل جزء من دولة العراق الفدرالية بحسب الدستور".
وأضاف "المباحثات متوقفة الآن ولم نحرز أي تقدم حتى الآن، بما يتعلّق بتسليح البيشمركة، ونسبتها داخل الجيش العراقي، فضلاً عن مستحقاته من الرواتب والتجهيز".
ويشير ياور إلى المادة التاسعة من الدستور العراقي، المتعلقة بتكوين القوات المسلّحة العراقية وتوزّعها الطائفي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييزٍ، الا أنه يقول: "إن نسبة الأكراد في الجيش العراقي لا تصل إلى 3 في المئة، بينما كان من المفترض أن تكون 7 في المئة".

بينما أصرّ المستشار الإعلامي للحكومة العراقية، علي الموسوي، على أن "الخلافات مع كردستان ليست شخصية أو سياسية، بقدر ما هي قانونية ودستورية".
واكد الموسوي، لـ"العربي الجديد"، أن "جميع تلك المشاكل يمكن ان تُحلّ بالقانون والعودة إلى الدستور، لكن حكومة الإقليم تمتلك رؤيا مخالفة للدستور، الذي أقر باستفتاء شعبي عام في كل العراق، ووافقوا عليه هم وكانوا أعضاء في لجنة كتابته".
ونفي القيادي في ائتلاف "دولة القانون"، المقرّب من المالكي، علي الشلاه، وجود أي مشاكل مع كردستان الشعب أو الاقليم كالنظام، مؤكداً أن "المشاكل هي مع الأسرة الحاكمة للاقليم"، بحسب قوله.

واعتبر الشلاه في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة الاتحادية حريصة على تأمين حقوق الشعب الكردي، لأنهم جزء من العراق ولهم حقوق كباقي العراقيين، لكن المشاكل الموجودة حالياً مع حكومة الإقليم، او بمعنى ادق مع الأسرة الحاكمة في الاقليم، بسبب تصرفاتها غير القانونية وغير الدستورية، عندما اقدمت على تصدير النفط دون الرجوع الى المركز الذي لم يعرف كميته وموارده المالية وأسعار بيعه".
واشار الشلاه إلى أن "الحكومة الاتحادية ورغم ذلك ما تزال ملتزمة بمبدأ الحوار والنقاش من أجل التوصل الى حلول، ترضي الطرفين وأن يكون هنالك معيار قائم، أساسه الدستور وأن لا يكون هناك أي تعدٍ على ثروات البلاد من أجل طرف ما أو شخص ما، لأن الثروات هي ملك للعراق وشعبه".