13 فبراير 2022
مستقبل مصر بين المشير والفريق والمحامي
تثير دراما الانتخابات الرئاسية المصرية، المقرّر إجراؤها في مارس/ آذار المقبل، شجوناً كثيرة بشأن حالة السياسة في مصر، وما وصلت إليه الأوضاع بعد مرور سبع سنوات على ثورة "25 يناير" في العام 2011، فقد بات أمل كثيرين ليس حدوث انعطافة ديمقراطية، تعيدهم إلى أجواء الحرية والانفتاح التي جاءت بها الثورة، وإنما مجرد التنفس ولو قليلاً، والخروج من النفق المظلم الذي دخلته البلاد قبل خمسة أعوام. يشعر كثيرون الآن أن وقت الثورة قد فات، وأنه ليس أفضل من واقعية سياسية قد تأتي بمخلّص، ولو من داخل أجهزة الدولة، ومن "بطن" مؤسستها العسكرية التي خرج من رحمها حكام مصر طوال العقود الستة الماضية. رغب المواطن الواقعي عن الديمقراطية، وانصرف عن الثورة، وأصبح أقصى طموحه جنرالاً أقل سوءاً، ورئيساً أقل فساداً، ومستبدّاً أقل قمعاً وأكثر رحمة، وليس بالضرورة عدلاً. سبع سنوات من الإرهاق والتعب السياسي كانت كفيلة بتغيير مزاج هذا المواطن وحساباته بشكل جذري.
كانت هذه الواقعية الصارمة وراء حالة الزخم التي رافقت إعلان الفريق، أحمد شفيق، ترشحه للرئاسة أوائل شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وذلك قبل أن يتراجع بفعل ضغوط قوية مورست عليه، ورأينا كيف تعلّق كثيرون بترشحه باعتباره قد يكون المنقذ من الأوضاع البائسة التي يمرّون بها. وقريبٌ من هذه الحال يمكن تلمسه مع إعلان الفريق سامي عنان ترشحه لانتخابات الرئاسة قبل يومين، والذي وجه فيه رسائل سياسية عديدة للرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، ولبقية القوى السياسية. ويبدو أن ثمة إصراراً لديه على الاستمرار في الترشح، على عكس المرة الماضية التي تراجع فيها عن خوض الانتخابات الرئاسية عام 2014، بعدما تم تهديده بفتح قضايا فساد واستيلاء على المال العام له، حسبما أوردت تقارير صحافية وإعلامية آنذاك.
حمل إعلان سامي عنان الترشح للرئاسة، والذي كُتب بعناية، رسائل عديدة، ليس أقلها أنه جاد في عملية الترشح، وأنه مصرّ على استكمالها حتى النهاية، ما لم يحدث ما يغيّر حساباته السياسية، سواء من خلال ضغوط قد يمارسها عليه النظام الحالي، كما فعل مع شفيق، أو من خلال فتح ملفات فساد قد يكون متورطاً فيها، أو من خلال تسجيلات أو تسريبات قد تورطه في بعض القضايا، وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة. هذا ناهيك عن الصعوبات البيروقراطية والإجرائية التي قد تعرقل ترشحه أصلاً.
حاول عنان، في خطابه، مغازلة شرائح سياسية وشعبية، ظلت ساكنة في السنوات القليلة الماضية، خوفاً من البطش والقمع. ويبدو أنه أصبح لديها موقف حذر من الانتخابات، ومن السياسة بشكل عام. كما أنه حمل مفرداتٍ كدنا ننساها، بفعل خبرة الأعوام القليلة الماضية، مثل الشراكة والحرية والتعددية وحكم القانون، .. إلخ. والتي حل محلها مفردات الأمن والقمع والقتل والتصفية تحت يافطة "الحرب على الإرهاب". وليس بالضرورة أن ينجح عنان في أن يصل إلى السباق الرئاسي، ولكن إعلان ترشّحه ألقى حجرا في مياه السياسة الراكدة والجامدة في مصر. والتي يبدو أن قدرها أن تظل تحت هيمنة حكم العسكريين، حتى وإن جاؤوا من خلال صندوق الاقتراع.
تأخر إعلان سامي عنان كثيراً، حيث جاء قبل أسبوع من إغلاق موعد التقدم للانتخابات الرئاسة المصرية، المفترض أن تجرى في مارس/ آذار المقبل. ويبدو أن الرجل كان يحاول ترتيب أوراقه طوال الفترة الماضية، خصوصاً مع مؤسسات الدولة، وما تبقى من القوى السياسية. ولعله لافت أن الرجل أعلن نتيه الترشح للرئاسة بعد ساعات قليلة من إعلان عبد الفتاح السيسي ترشحه، وبعد يومين فقط من إزاحة رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء خالد فوزي، وتكليف عباس كامل، مدير مكتب السيسي، بإدارتها والإشراف عليها مؤقتاً.
وبين المشير السيسي والفريق عنان، يقف المحامي والحقوقي خالد علي، الذي أعلن ترشحه للرئاسة أيضاً، قبل أيام، ويبدو أنه يقف في منتصف المساحة بين الثورة والإصلاح. وكم هو معبّر ألا يلقى علي الزخم والاهتمام نفسه الذي لقيّه كل من السيسي وعنان عند إعلان ترشحهما. وكأن ذلك المواطن الواقعي قد فهم قواعد اللعبة أكثر ممن قاموا بالثورة، وبات على يقين أن التغيير، أياً كان شكله، لن يأتي من خارج الدولة، وإنما من داخلها وبإرادتها، بل ومن داخل قلبها الصلب، وهو المؤسسة العسكرية. يزداد ذلك الفهم مع شعور المواطن العادي بقدرٍ غير مسبوق من الإرهاق السياسي والاقتصادي الذي أصابه، وهو الذي يرزح تحت مشكلات الحياة اليومية، وباتت السياسة بالنسبة له مجرد رفاهية لا يقوى عليها.
لم يعد المزاج العام في مصر ثورياً بأي حال، ويبدو طرح أي أجندة ثورية في الانتخابات المقبلة بمثابة انتحار مبدئي لمن يفكر القيام بذلك، فقد تم تشويه كلمة "ثورة"، وباتت مرادفةً للفوضى والتآمر، ومن يجرؤ على استخدامها يحكم على نفسه بالفشل، قبل أن يبدأ. ومن لا يدرك ذلك إما مجازف بطبعه، أو رومانسي حالم.
كانت هذه الواقعية الصارمة وراء حالة الزخم التي رافقت إعلان الفريق، أحمد شفيق، ترشحه للرئاسة أوائل شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وذلك قبل أن يتراجع بفعل ضغوط قوية مورست عليه، ورأينا كيف تعلّق كثيرون بترشحه باعتباره قد يكون المنقذ من الأوضاع البائسة التي يمرّون بها. وقريبٌ من هذه الحال يمكن تلمسه مع إعلان الفريق سامي عنان ترشحه لانتخابات الرئاسة قبل يومين، والذي وجه فيه رسائل سياسية عديدة للرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، ولبقية القوى السياسية. ويبدو أن ثمة إصراراً لديه على الاستمرار في الترشح، على عكس المرة الماضية التي تراجع فيها عن خوض الانتخابات الرئاسية عام 2014، بعدما تم تهديده بفتح قضايا فساد واستيلاء على المال العام له، حسبما أوردت تقارير صحافية وإعلامية آنذاك.
حمل إعلان سامي عنان الترشح للرئاسة، والذي كُتب بعناية، رسائل عديدة، ليس أقلها أنه جاد في عملية الترشح، وأنه مصرّ على استكمالها حتى النهاية، ما لم يحدث ما يغيّر حساباته السياسية، سواء من خلال ضغوط قد يمارسها عليه النظام الحالي، كما فعل مع شفيق، أو من خلال فتح ملفات فساد قد يكون متورطاً فيها، أو من خلال تسجيلات أو تسريبات قد تورطه في بعض القضايا، وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة. هذا ناهيك عن الصعوبات البيروقراطية والإجرائية التي قد تعرقل ترشحه أصلاً.
حاول عنان، في خطابه، مغازلة شرائح سياسية وشعبية، ظلت ساكنة في السنوات القليلة الماضية، خوفاً من البطش والقمع. ويبدو أنه أصبح لديها موقف حذر من الانتخابات، ومن السياسة بشكل عام. كما أنه حمل مفرداتٍ كدنا ننساها، بفعل خبرة الأعوام القليلة الماضية، مثل الشراكة والحرية والتعددية وحكم القانون، .. إلخ. والتي حل محلها مفردات الأمن والقمع والقتل والتصفية تحت يافطة "الحرب على الإرهاب". وليس بالضرورة أن ينجح عنان في أن يصل إلى السباق الرئاسي، ولكن إعلان ترشّحه ألقى حجرا في مياه السياسة الراكدة والجامدة في مصر. والتي يبدو أن قدرها أن تظل تحت هيمنة حكم العسكريين، حتى وإن جاؤوا من خلال صندوق الاقتراع.
تأخر إعلان سامي عنان كثيراً، حيث جاء قبل أسبوع من إغلاق موعد التقدم للانتخابات الرئاسة المصرية، المفترض أن تجرى في مارس/ آذار المقبل. ويبدو أن الرجل كان يحاول ترتيب أوراقه طوال الفترة الماضية، خصوصاً مع مؤسسات الدولة، وما تبقى من القوى السياسية. ولعله لافت أن الرجل أعلن نتيه الترشح للرئاسة بعد ساعات قليلة من إعلان عبد الفتاح السيسي ترشحه، وبعد يومين فقط من إزاحة رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء خالد فوزي، وتكليف عباس كامل، مدير مكتب السيسي، بإدارتها والإشراف عليها مؤقتاً.
وبين المشير السيسي والفريق عنان، يقف المحامي والحقوقي خالد علي، الذي أعلن ترشحه للرئاسة أيضاً، قبل أيام، ويبدو أنه يقف في منتصف المساحة بين الثورة والإصلاح. وكم هو معبّر ألا يلقى علي الزخم والاهتمام نفسه الذي لقيّه كل من السيسي وعنان عند إعلان ترشحهما. وكأن ذلك المواطن الواقعي قد فهم قواعد اللعبة أكثر ممن قاموا بالثورة، وبات على يقين أن التغيير، أياً كان شكله، لن يأتي من خارج الدولة، وإنما من داخلها وبإرادتها، بل ومن داخل قلبها الصلب، وهو المؤسسة العسكرية. يزداد ذلك الفهم مع شعور المواطن العادي بقدرٍ غير مسبوق من الإرهاق السياسي والاقتصادي الذي أصابه، وهو الذي يرزح تحت مشكلات الحياة اليومية، وباتت السياسة بالنسبة له مجرد رفاهية لا يقوى عليها.
لم يعد المزاج العام في مصر ثورياً بأي حال، ويبدو طرح أي أجندة ثورية في الانتخابات المقبلة بمثابة انتحار مبدئي لمن يفكر القيام بذلك، فقد تم تشويه كلمة "ثورة"، وباتت مرادفةً للفوضى والتآمر، ومن يجرؤ على استخدامها يحكم على نفسه بالفشل، قبل أن يبدأ. ومن لا يدرك ذلك إما مجازف بطبعه، أو رومانسي حالم.