يُجهّز المسعف الفلسطيني مؤمن سعد، نفسه، في ساعات الصباح الباكرة من كل جمعة، منذ انطلاق أحداث مسيرة العودة الكبرى في 30 مارس/آذار الماضي، لتقديم الإسعافات الأولية لصالح المصابين برصاص الاحتلال الإسرائيلي.
وتنتشر الطواقم الطبية التي تقدم الإسعافات الأولية الطارئة للمصابين عبر خيام نصبت لهم من قبل القائمين على مسيرات العودة، فضلاً عن سيارات الإسعاف التابعة للكثير من الجهات الرسمية أو المؤسسات ذات الطابع الإغاثي التي تعمل على نقل المصابين للمستشفيات الرسمية.
ويلاحظ وجود حالة من الاستنفار والتجهيز الكبير داخل هذه الخيام، وتوزيع النقاط على المتطوعين المسعفين، إلى جانب الطواقم الطبية الرسمية، على حد سواء، منذ ساعات مبكرة أيام الجمعة، استباقاً لساعات الذروة التي تشهد استهداف الاحتلال للمتظاهرين الذين يصلون إلى الشريط الحدودي الذي يفصل القطاع عن الأراضي المحتلة منذ عام 1948.
ويعمل سعد مسعفاً متطوعاً، إلى جانب عدد واسع من المسعفين والطواقم الطبية التي تنتشر داخل هذه المخيمات التي جرى تجهيزها من قبل الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار المنتشرة في المناطق الشرقية للقطاع.
ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّ تجربته في العمل كمسعف متطوع جاءت بداية من الجمعة الأولى التي انطلقت فيها المسيرة، وشهدت إصابة واستشهاد أعداد كبيرة من المشاركين برصاص الاحتلال بالرغم من سلمية التظاهرة.
ويضيف أن العمل الميداني في مجال إسعاف المصابين يختلف كليا عن العمل داخل أروقة المستشفيات وغرف الطوارئ، نظراً للإمكانيات البسيطة المتوفرة، مقارنة مع الإمكانيات داخل المشافي.
وسبق للمسعف سعد أن شارك في العمل في مجال إسعاف الحالات المصابة برصاص الاحتلال، خصوصاً في الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وفي أوقات الأحداث الطارئة التي يشهدها القطاع؛ كون الأمر مرتبطاً بدراسته الجامعية في مجال التمريض.
ويحرص المسعف الغزي على توفير بعض اللوازم البسيطة التي تمكّنه من ممارسة عمله في تقديم الإسعافات الأولية، إلى جانب ما توفره بعض الفرق التطوعية المنتشرة داخل مخيمات مسيرات العودة الكبرى.
أما المسعف الغزي طارق أبو سيف، فقرر هو الآخر المشاركة في مسيرات العودة على طريقته الخاصة، إذ التحق بإحدى الفرق التي تقدم الخدمات الطبية بشكل تطوعي للمصابين والحالات التي تتعرض للاستهداف على يد قوات الاحتلال، سواء بالرصاص الحي أو الغازات السامة.
ويتجمع المسعف أبو سيف إلى جانب زملائه في الفريق الطبي، منذ ساعات الفجر الأولى كل يوم جمعة، ويعملون على تحضير المواد اللازم استخدامها للتعامل مع الحالات، بالإضافة إلى وضع خطة عمل وتوزيع المناطق على المسعفين المتطوعين.
ويقول أبو سيف، لـ"العربي الجديد"، إن التحاقه بمجال الإسعافات الأولية لم يكن إلا بعد الجمعة الأولى، نظراً لما شهدته من إصابات كبيرة في أوساط المشاركين لم تستطع المستشفيات أو الطواقم الطبية التعامل معها بشكل سريع بفعل حالة الضغط الشديدة.
ويوضح المسعف الفلسطيني، أن تجربته في هذا المجال التطوعي تعتبر الأولى، خصوصاً أنها أتت بعد تدريب خاضه طيلة الفترة الماضية للتعامل مع المصابين والحالات المرضية المختلفة في أوقات الحروب والطوارئ.
وينبه إلى أن التعامل الميداني مع الحالات المصابة يختلف بالمطلق عن التعامل داخل أقسام العمليات أو المستشفيات، خصوصاً في ظل استخدام الاحتلال للرصاص المتفجر والغازات السامة وغيرها من المواد المحظورة دولياً.
ويرى أبو سيف أن مشاركة المسعفين المتطوعين داخل النقاط الطبية المنتشرة في أروقة مخيمات مسيرات العودة لا يقل أهمية عن المشاركة الجماهيرية، خصوصاً أنهم يقومون بجهد مضنٍ يعرّضهم في بعض الأحيان للإصابة على يد قوات الاحتلال.
وسبق أن تعرضت الطواقم الطبية التي كانت تقدم الإسعافات الأولية العاجلة للمصابين إلى استهداف بالرصاص الحي أو الغاز السام، فضلاً عن استهداف بعض النقاط الطبية، وفقاً لما أعلنته وزارة الصحة في غزة، خلال الفترة الماضية.