يحتفل مسيحيو العراق بأعياد الميلاد وهم ناقمون على ما يتعرضون له من ضغوط وتدخلات في شؤونهم ومعتقداتهم بعد الدعوات التي نشرتها مليشيات مسلحة لإجبار المسيحيات على ارتداء الحجاب، وما يخشونه من تعرضهم لأعمال العنف و"الإرهاب" في خضم رحى الحرب التي تدور رحاها في عموم البلاد.
ووجد المسيحيون أنفسهم قبيل أعياد الميلاد في ظروف أمنية واقتصادية سيئة تعصف بالعراق، ورغم نصب أكبر شجرة للميلاد في الشرق الأوسط بوسط العاصمة بغداد، لم يجد المسيحيون فرحتهم التي ينشدونها كحال باقي طوائف الشعب العراقي.
وقال رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، لويس روفائيل ساكو، في تصريح صحافي إنَّ "المسيحيين في العراق سيحتفلون بميلاد المسيح هذا العام بالصمت والدموع بعيداً عن مظاهر استقبال أعياد الميلاد المعتادة".
وأضاف ساكو "ما يجري في البلاد جعل المسيحيين يمرون بأسوأ الظروف هذا العام، وما يعيشونه من غبن بسبب احتلال مناطقهم والتمييز والإقصاء الذي يتعرضون له".
وانتقد الدعوات التي ظهرت مؤخراً لفرض الحجاب على النساء المسيحيات، مشيراً إلى أنَّ "مجموعات مسلحة قامت بنشر ملصقات تحمل صورة السيدة مريم العذراء، داعية النساء المسيحيات لارتداء الحجاب في أحياء الكرادة والغدير وزيونة وسط بغداد".
لافتاً إلى أنَّ "المسيحيين في العاصمة بغداد فوجئوا بتلك الملصقات"، موضحاً أنَّ هؤلاء لم يفكروا أنَّ هذا الأمر "كان قبل ألفي عام مضت، وأنَّ الحجاب الحقيقي هو حجاب الأخلاق والعقل" بحسب قوله.
وكشف ساكو عن تعرض بيوت المسيحيين في بغداد، إلى عمليات سطو مسلح وتزوير سندات الملكية وسلب الأموال، فيما يعاني النازحون المسيحيون منذ عام ونصف الغام ظروفا معيشية قاسية في مخيمات النزوح دون أية عناية تذكر، سوى رعاية منظمات المجتمع المدني وبعض الكنائس.
وتابع "لن نستسلم للظلم وسنتمسك بأرضنا ووطننا وحبنا لكل إخوتنا المواطنين". منتقداً في الوقت ذاته، البرلمان العراقي لعدم تعديل قانون البطاقة الموحدة الذي يقضي بتسجيل أولاد المسيحيين والصابئة والآيزيديين كمسلمين في حال إشهار أحد الوالدين إسلامه".
واعتبر ساكو أنَّ مسيحيي العراق يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، ويشعرون أنَّ الحقوق والحريات في العراق ليست للجميع بل لطرف واحد، على حد قوله.
ومع إعلان أمانة العاصمة بغداد عن نصب أكبر شجرة ميلاد في الشرق الأوسط، بارتفاع 25 متراً، وهي الشجرة المزينة بأحدث أنظمة الإنارة، لازال المسيحيون يشعرون بالخوف والقلق مما يحيط بهم.
وكان الوقف المسيحي في العراق، أعلن في بيان سابق أنَّ "ما يزيد على نصف مليون مسيحي غادروا البلاد منذ عام 2003، أي أنَّ حوالي نصف المسيحيين غادروا بسبب أعمال العنف".
وأضاف البيان أنَّ "عدد المسيحيين في العراق قبل 2003، كان يربو على مليون و200 ألف مسيحي، فيما يتراوح عددهم حالياً بين 400 إلى 500 ألف فقط، نتيجة التدهور الأمني في البلاد والاستهداف الذي تعرضوا له من قبل المليشيات والجماعات المتطرفة، ما دفع كثيرين منهم للهجرة إلى مختلف دول العالم".
وذكرت بيانات وتقارير لبطريركية الكلدان في العراق أنَّ "تنظيم الدولة الإسلامية هجر 120 ألف مسيحي من بيوتهم بسبب دينهم، فيما يتعرض المسيحيون في بغداد لأعمال سلب لممتلكاتهم وتزوير سندات الملكية الخاصة بمنازلهم".
وأعرب المسيحي العراقي يوسف حنا، من بغداد، عن حزنه الشديد لمرور أعياد الميلاد في ظروف أمنية متردية وقاسية على الشعب العراقي عامة والمسيحيين خاصة، وقال حنا لـ"العربي الجديد": "لا نشعر بفرحة عيد الميلاد ونحن نرى إخوتنا العراقيين يقتلون في كل مكان، والحرب تدور وتطحن الجميع. نحن نشعر بالقلق البالغ بسبب أعمال العنف التي تستهدفنا بين آونة وأخرى، وسنكتفي بالاحتفال بالصمت والدموع والصلاة ليعم السلام على الأرض".
والطوائف المسيحية التي تعيش في العراق هي الكلدان والسريان الأرثوذكس والسريان الكاثوليك واللاتين الكاثوليك والآشوريين، فضلاً عن البروتستانت والأقباط والأرمن.