في تطور جديد لأزمة جزيرة الوراق المصرية، التي تسعى الدولة لتهجير أهلها، من أجل تحويلها إلى مركز استثماري وسياحي عالمي، بعد بيعها لمستثمرين إماراتيين، فوجئ أهالي الجزيرة، على مدار الأسبوع الماضي، بمسؤولين في هيئة المساحة العسكرية بالنزول إلى الجزيرة، ومحاولة إجبار الأهالي على توقيع إقرارات تلزمهم ببيع ممتلكاتهم، سواء من الأراضي أو العقارات، وإما مصادرتها تحت بند المنفعة العامة. وأكد مندوبو هيئة المساحة العسكرية، التابعة للهيئة الهندسية في القوات المسلحة، التي يترأسها اللواء كامل الوزير، بحسب بعض الأهالي، الذين تحدثوا لـ"العربي الجديد"، أنه في حالة عدم توقيع الأهالي على تلك الإقرارات في الوقت الراهن لبيع ممتلكاتهم والحصول على المبالغ المقررة سلفاً، والتي تقدر بـ4 ملايين و800 ألف جنيه للفدان، لن يحق لهم طلب التوقيع بعد ذلك، وسيتم سحب الأراضي بالقوة، على الرغم من أنها ملكيات خاصة محفوظة بنص الدستور، ولا يجوز إجبارهم على التفريط فيها.
وعلى مدار اليومين الماضيين نظم الأهالي مسيرات بالأكفان طافت أرجاء الجزيرة، لتأكيد تمسكهم بحقهم في الأرض، وعدم التفريط فيها تحت أي ظرف، رافضين المحاولات التي يقودها الجيش، ممثلاً في الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، لتهجيرهم قسراً من أراضيهم. وقال أحد القيادات الشعبية في الجزيرة "بعد أن وعدنا اللواء كامل الوزير خلال المؤتمر الذي جمعنا به على أرض الجزيرة أخيراً بعدم المساس بأي شبر من الأرض قبل التوصل إلى تفاهمات ترضي جميع الأطراف، والإفراج عن الشباب الـ19 المقبوض عليهم منذ أحداث 19 يوليو/تموز الماضي، فوجئنا بعدها بمندوبين من هيئة المساحة العسكرية ينزلون إلى الجزيرة ومعهم الإقرارات، مهددين الأهالي إما التوقيع بقبولنا بيع أراضينا أو سحبها"، متسائلاً "هل هذا هو جزاء استقبالنا له وسماعه بعد أن ظننا أنه جاء بحل للأزمة؟".
وكانت مصادر في وزارة العدل المصرية كشفت، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، عن صدور تعليمات من هيئة المساحة العسكرية، التابعة للهيئة الهندسية في القوات المسلحة، بوقف التعامل على أراضي مجموعة من الجزر النيلية، الصادر بشأنها قرار من رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، بإخراجها من نطاق المحميات الطبيعية. وشمل قرار إسماعيل 17 جزيرة نيلية مأهولة بالسكان، يقع معظمها في نطاق إقليم القاهرة الكبرى، وفي مقدمتها الوراق والدهب والقرصاية في محافظة الجيزة. وأوضحت المصادر أن القرار الصادر عن هيئة المساحة العسكرية يقضي بعدم تسجيل أي عقود ملكية لسكان تلك الجزر بالشهر العقاري نهائياً، وهو ما يكشف عن نوايا لدى الدولة لإخلاء تلك الجزر من السكان، لتنفيذ مشروعات سياحية وإسكان سياحي عليها، نظراً لمواقعها المميزة في قلب القاهرة الكبرى.
واجتمع مدير الإدارة الهندسية في القوات المسلحة، التي باتت تُشرف على كافة المشاريع الحكومية التي يتم تنفيذها بعد إقصاء شركات المقاولات التابعة لقطاع الأعمال الحكومي وكذلك شركات القطاع الخاص، مع أهالي الجزيرة، قبل أسبوع، في لقاء شابه الكثير من التوتر، ولم ينتهِ إلى أي قرارات ملموسة، في ظل تمسك الأهالي بحقهم في عدم مغادرة الأراضي. وأصدرت هيئة المساحة العسكرية قراراً، رفضه الأهالي، لتوسيع حرم الطريق الخاص بمحور روض الفرج، الذي يمر فوق الجزيرة، إلى 100 متر على جانبي الطريق، متجاوزة بذلك المتعارف عليه بشأن حرم الطرق، والذي يبلغ 25 متراً فقط على جانبي الطرق والمحاور الكبرى. وكان موقع "العربي الجديد" كشف في تقرير منتصف يوليو الماضي، عن قيام شركة "أر إس بي" الهندسية، التي تمتلك فروعاً في دبي ولندن وسنغافورة، وعدة مدن كبرى أخرى، بنشر بعض الصور على موقعها على شبكة الإنترنت، مشيرة إلى أنها "تصميم مقترح" لتطوير جزيرة الوراق في القاهرة. وأشار موقع "سي بي سي بالعربية" إلى أنه تواصل مع مقر الشركة في دبي عبر الهاتف، وتم التحدث مع المسؤول عن التسويق في الشركة، رانجان رادها كريشنان، للاستفسار عن طبيعة المشروع. وقال كريشنان إن "الشركة لم يعد لها علاقة بالمشروع بعدما أنهت التصميم، بناء على طلب أحد عملائها"، رافضاً إيضاح أي تفاصيل عن هوية العميل أو جنسيته.