وأعرب المحتجون عن رفضهم هذا التقرير، معتبرين أن من شأنه تقسيم الشعب التونسي وزرع الفتنة، لأنه بعيد من الهوية التونسية والثوابت الإسلامية.
وتأتي هذه المسيرة بدعوة من التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة، وشاركت فيها جمعيات ومنظمات عدة، إضافة إلى منتمين إلى حركة النهضة الرافضة هذا التقرير.
ورفعت خلال المسيرة شعارات من قبيل: "لا لتقرير الفتنة"، و"لا لانتهاك قيم الإسلام والدستور"، و"التقرير يدعو إلى التجاهر بالفحش والاعتداء على الأخلاق الحميدة"، و"لا وألف لا ولا للاستقواء بالدولة وتغيير نمط المجتمع"، و"أحكام العدة في القرآن قطعية وثوابتنا خط أحمر"، و"تونس إسلامية لا شرقية لا غربية".
وقال عضو التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة فوزي الشعبانيفي، لـ"العربي الجديد": "التقرير يبين أن جزءاً منه قد يكون مقبولاً ولا اعتراض عليه، خصوصاً في ما يتعلق بقضايا التعذيب واحترام حرية التنقل والإقامة، وهي مسائل يتفق الجميع عليها. لكن ما ورد في مقدمة التقرير، الذي يحدد الأسس والمفاهيم العامة التي بُني عليها، تعد خاطئة. وعندما تكون البداية خاطئة، يكون كل ما ينتح عنه خاطئاً".
وأوضح الشعباني أن الظاهر من التقرير هو تجسيد لمبادئ الدستور، لكنه لا يخلو من مغالطات لأن الإصلاح يجب أن يبنى على قيم إسلامية، في حين أنه "يضرب القيم ويحاول الاجتهاد في نصوص دينية قطعية".
وفي ما يتعلق بالأسرة التونسية ومحاولة التقرير وضع تصور جديد للأسرة، رأى أنه "في الحقيقة ينسف الأسرة. وقد وضعت مجلة الأحوال الشخصية تصورات لمؤسسة الزواج تقوم على عقد بين المرأة والرجل، وعلى حقوق وواجبات، في حين أن التقرير يدعو إلى تغييرها".
واعتبر ما ورد في التقرير بخصوص الأمهات العازبات "ضربا للأسرة. كما أن الدعوة لرئاسة الأسرة، وأن تصبح المسؤولية مزدوجة بين المرأة والرجل، جلها مسائل تقوم على إدخال نمط دخيل على الأسرة التونسية". ويذهب التقرير إلى حد "القضاء على الأسرة الممتدة التي تعدّ أساس المجتمع في تونس".
وقال الشعباني إن معالجة القضايا والتغيرات التي تعيشها الأسرة التونسية تكون من خلال معالجة عقلانية وموضوعية، وليس حذف كل ما هو ديني. وأشار إلى أن التقرير أقصى الطرف الآخر، وصيغ من قبل أشخاص ذوي توجه واحد. وفي ما يتعلق بالميراث، الذي أثار جدالاً واسعاً، فإن التقرير أراد إلغاء أحكام قطعية، ما يعد خطراً على الأسرة في المستقبل، إذ ستكثر الصراعات والتجاذبات على الميراث لأن أحداً لن يتنازل عن حقه.
وأضاف أن اللجنة كلفها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وتحول الأمر إلى استقواء من الدولة على رغبة الشعب. وبدلاً من أن يكون التقرير مبنياً على حوار مجتمعي، ويضم كل الآراء، فقد صيغ بحسب نمط فكري وإيديولوجي واحد.
من جهته، قال القيادي في حركة النهضة نجيب مراد، لـ "العربي الجديد": "الحضور في هذه المسيرة فاق كل التوقعات. حضر التونسيون الرافضون ما ورد في تقرير لجنة الحريات من مختلف المحافظات"، مبيناً أن غالبية بنوده تهدد السلم الاجتماعي وتسلخ المجتمع من هويته.
وأوضح مراد أنّ التقرير ضم 235 صفحة، لكن بعض الفصول مرفوضة وتضرب قيم الشعب التونسي. وبيّن أن أحداً لم يجرؤ على مدى 14 قرناً على تغيير قيم إسلامية وأحكام قطعية تتعلّق بالميراث. أضاف أن الفصل 146 الوارد في التقرير لا يخلو من اعتداء صارخ على الدستور الذي نص الفصل السابع منه على حماية القيم الإسلامية، وعلى أن تونس دولة مسلمة.
ودعا مراد إلى عرض الباجي قائد السبسي على جلسة منح الثقة لأنه خالف الدستور، مشيراً إلى أن هموم المجتمع التونسي أكبر من هذا التقرير. فالبطالة والفقر أهم من تقرير لجنة الحريات.
من جهتها، أكدت المحامية والنائبة السابقة في مجلس نواب الشعب، هاجر عزيز، أنّ التقرير يتعارض مع الدستور، ولم تكن تتخيل يوماً أن دولة دينها الإسلام قد تصدر تقريراً مماثلاً، مبيّنة أن المشروع يبدو وكأنه دخيل على تونس، وأن جزءاً كبيراً مما ورد فيه مخالف للدستور والعادات والتقاليد والهوية التونسية، مؤكدة أنه لن يمر ولو بصوت واحد.