اللغة هي نظام من العلامات والرموز اتفق عليها جماعة من الناس للتفاهم في ما بينهم، ولقد مرت اللغة، وضعاً وحفظاً، بخمس مراحل؛ أما المرحلة الأولى فهي مرحلة التوقيف؛ حيث علم الله آدم عليه السلام الأسماء كلها، وقد أخبرنا بذلك في محكم التنزيل؛ حيث يقول الله تعالى: "وعلّم آدم الأسماء كلها"، فكان ابن عباس يقول: علمه الأسماء كلها، وهي هذه الأسماء التي يتعارفها الناس من دابة وأرض وسهل وجبل وجمل وحمار.
وأما المرحلة الثانية فهي مرحلة التوفيق؛ حيث تطورت حياة الإنسان وتعددت المجالات وتنوعت، فكان لزاماً على الإنسان أن يزيد من الكلمات والمصطلحات التي تستوعب هذا التطور، فاتخذ لذلك مما كان وقفاً أصلاً اشتق منه الكلمات والمصطلحات التي تناسب الطور الجديد من الحياة.
والمرحلة الثالثة، مرحلة الجمع والحفظ؛ حيث اتسعت الدولة الإسلامية، ودخل الكثير من غير العرب في الإسلام فانبرى جماعة من العلماء يجمعون اللغة ويؤسسون لذلك المعاجم اللغوية مثل معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي. وهناك معجم مقاييس اللغة والمجمل في اللغة، وكلاهما لابن فارس، وهؤلاء جميعاً كان همّهم جمع اللغة وحفظها من الضياع.
وكان لجامعي اللغة منهاج قويم؛ حيث اجتمعوا على أن يأخذوا اللغة من القبائل الموثوق بعربيتها؛ فأخذوا من قريش وقيس وتميم وأسد وهذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين، ولم يأخذوا عن حضري قط، ولا عن المجاورين للأمم غير العربية.
أما المرحلة الرابعة فهي مرحلة ضبط شكل الكلمة ووضع علم النحو، وكان للبصرة قصب السبق في وضع علم النحو؛ حيث انشغلت بوضعه منذ القرن الأول الهجري على أيدي أعلامها الأوائل؛ ابن أبي إسحق الحضرمي وسيبويه.
وأما المرحلة الخامسة فهي مرحلة التعليم والتلقين؛ فوضعت في ذلك مصنفات تهدف إلى تعليم النشء النحو والصرف على نحو أكثر تيسيراً وتفصيلا، مثل مفصّل الزمخشري وشروحه.
ولا نزال حتى يومنا هذا في مرحلة التعليم والتلقين، ولكن اللغة العربية تعاني وتشكو إلى الله هجر أهلها؛ فقد نبذوها واستبدلوا بها لغات أخرى كالإنجليزية والفرنسية، بل إن البعض يرى في لغات العجم قدرة على التواصل يزعمون أن العربية تخلو منها، وقد يرجع هذا إلى عوامل عدة؛ منها:
أولاً: عوامل سياسية واقتصادية؛ فالأنظمة الأقوى في العالم تفرض لغة بلدانها على بلدان أخرى تتأخر عنها، وتصبح مع الوقت موضع إعجاب وتقدير من الدول الأقل قوة وتأثيراً.
ثانياً: التشجيع على الدراسة باللغات الأجنبية منذ مراحل التعليم المبكرة، مع تقديم الامتيازات المادية والمعنوية وفرص العمل لخريجي المدارس والمراكز التعليمية التي تدرس العلوم بلغات أجنبية.
ثالثاً: في المرحلة الجامعية قد يكلف الطلاب بدراسة مقررات لا تشتمل بالضرورة على قواعد النحو العربي كله، مما ينشئ خللا عميقاً في تكوين اللغة لديه ويجعله غير متمكن من التعبير والتواصل باستخدامها.
ويمكن أن نضيف إلى ما سبق:
* استخدام أفراد الأسرة اللهجات العامية في الحياة اليومية
* اعتقاد البعض أن اللغة العربية غير قادرة على استيعاب المصطلحات العلمية، وبالتالي جاءت مناهج اللغة العربية في أغلبها منفصلة عن حياة الطالب واهتماماته.
* نقص المعلمين الأكفاء، ولسد النقص يتم إسناد تعليم اللغة العربية ــ بصفة خاصة في المرحلة الابتدائية ــ إلى معلمين غير مؤهلين لتدريسها.
* عدم اقتناع العاملين في الميدان التعليمي باستخدام الوسائل التكنولوجية في تعلم اللغة العربية وتعليمها.
* عدم التزام كثير من معلمي اللغة العربية باستخدام اللغة العربية الفصحى في أثناء تدريسهم.
* عدم اهتمام كثير من معلمي اللغة العربية بتصحيح الأخطاء اللغوية التي يقع فيها الطلاب.
إذا كان القوم قد اجتمعوا لوضع نظام من العلامات والرموز ليتمكنوا من التفاهم في ما بينهم فمن الواجب عليهم أن يجتمعوا لحماية هذا النظام من الضياع، وقد يكون الحديث عن سن القوانين التي تلزم الفرد العربي أن يتحدث بالعربية الفصحى في كل مكان في الوطن العربي، وألا يسمح باستخدام لغة أخرى في غير ضرورة ضرباً من ضروب الخيال، لكن التجارب المعاصرة وشواهد التاريخ تدلل في كثير من المواقف على قدرة الأمم على التقدم وبلوغ غايتها دون الحاجة إلى التنازل عن هويتها ولغتها.
إننا بحاجة إلى وضع منهاج قويم متكامل ممتد على مختلف مراحل التعليم، هدفه تيسير النحو وإثراء الدارسين في جميع المجالات بالمفردات العربية بما يخدم مجالات العلوم المختلفة، فيحفظ لغتنا من الضياع ويعيد إليها وإلينا الحياة، وكما أن هناك مدرسة الإحياء والبعث في الشعر فكذلك ينبغي أن يكون هناك مدارس لإحياء وبعث اللغة العربية في كل ميدان من ميادينها.
وأما المرحلة الثانية فهي مرحلة التوفيق؛ حيث تطورت حياة الإنسان وتعددت المجالات وتنوعت، فكان لزاماً على الإنسان أن يزيد من الكلمات والمصطلحات التي تستوعب هذا التطور، فاتخذ لذلك مما كان وقفاً أصلاً اشتق منه الكلمات والمصطلحات التي تناسب الطور الجديد من الحياة.
والمرحلة الثالثة، مرحلة الجمع والحفظ؛ حيث اتسعت الدولة الإسلامية، ودخل الكثير من غير العرب في الإسلام فانبرى جماعة من العلماء يجمعون اللغة ويؤسسون لذلك المعاجم اللغوية مثل معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي. وهناك معجم مقاييس اللغة والمجمل في اللغة، وكلاهما لابن فارس، وهؤلاء جميعاً كان همّهم جمع اللغة وحفظها من الضياع.
وكان لجامعي اللغة منهاج قويم؛ حيث اجتمعوا على أن يأخذوا اللغة من القبائل الموثوق بعربيتها؛ فأخذوا من قريش وقيس وتميم وأسد وهذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين، ولم يأخذوا عن حضري قط، ولا عن المجاورين للأمم غير العربية.
أما المرحلة الرابعة فهي مرحلة ضبط شكل الكلمة ووضع علم النحو، وكان للبصرة قصب السبق في وضع علم النحو؛ حيث انشغلت بوضعه منذ القرن الأول الهجري على أيدي أعلامها الأوائل؛ ابن أبي إسحق الحضرمي وسيبويه.
وأما المرحلة الخامسة فهي مرحلة التعليم والتلقين؛ فوضعت في ذلك مصنفات تهدف إلى تعليم النشء النحو والصرف على نحو أكثر تيسيراً وتفصيلا، مثل مفصّل الزمخشري وشروحه.
ولا نزال حتى يومنا هذا في مرحلة التعليم والتلقين، ولكن اللغة العربية تعاني وتشكو إلى الله هجر أهلها؛ فقد نبذوها واستبدلوا بها لغات أخرى كالإنجليزية والفرنسية، بل إن البعض يرى في لغات العجم قدرة على التواصل يزعمون أن العربية تخلو منها، وقد يرجع هذا إلى عوامل عدة؛ منها:
أولاً: عوامل سياسية واقتصادية؛ فالأنظمة الأقوى في العالم تفرض لغة بلدانها على بلدان أخرى تتأخر عنها، وتصبح مع الوقت موضع إعجاب وتقدير من الدول الأقل قوة وتأثيراً.
ثانياً: التشجيع على الدراسة باللغات الأجنبية منذ مراحل التعليم المبكرة، مع تقديم الامتيازات المادية والمعنوية وفرص العمل لخريجي المدارس والمراكز التعليمية التي تدرس العلوم بلغات أجنبية.
ثالثاً: في المرحلة الجامعية قد يكلف الطلاب بدراسة مقررات لا تشتمل بالضرورة على قواعد النحو العربي كله، مما ينشئ خللا عميقاً في تكوين اللغة لديه ويجعله غير متمكن من التعبير والتواصل باستخدامها.
ويمكن أن نضيف إلى ما سبق:
* استخدام أفراد الأسرة اللهجات العامية في الحياة اليومية
* اعتقاد البعض أن اللغة العربية غير قادرة على استيعاب المصطلحات العلمية، وبالتالي جاءت مناهج اللغة العربية في أغلبها منفصلة عن حياة الطالب واهتماماته.
* نقص المعلمين الأكفاء، ولسد النقص يتم إسناد تعليم اللغة العربية ــ بصفة خاصة في المرحلة الابتدائية ــ إلى معلمين غير مؤهلين لتدريسها.
* عدم اقتناع العاملين في الميدان التعليمي باستخدام الوسائل التكنولوجية في تعلم اللغة العربية وتعليمها.
* عدم التزام كثير من معلمي اللغة العربية باستخدام اللغة العربية الفصحى في أثناء تدريسهم.
* عدم اهتمام كثير من معلمي اللغة العربية بتصحيح الأخطاء اللغوية التي يقع فيها الطلاب.
إذا كان القوم قد اجتمعوا لوضع نظام من العلامات والرموز ليتمكنوا من التفاهم في ما بينهم فمن الواجب عليهم أن يجتمعوا لحماية هذا النظام من الضياع، وقد يكون الحديث عن سن القوانين التي تلزم الفرد العربي أن يتحدث بالعربية الفصحى في كل مكان في الوطن العربي، وألا يسمح باستخدام لغة أخرى في غير ضرورة ضرباً من ضروب الخيال، لكن التجارب المعاصرة وشواهد التاريخ تدلل في كثير من المواقف على قدرة الأمم على التقدم وبلوغ غايتها دون الحاجة إلى التنازل عن هويتها ولغتها.
إننا بحاجة إلى وضع منهاج قويم متكامل ممتد على مختلف مراحل التعليم، هدفه تيسير النحو وإثراء الدارسين في جميع المجالات بالمفردات العربية بما يخدم مجالات العلوم المختلفة، فيحفظ لغتنا من الضياع ويعيد إليها وإلينا الحياة، وكما أن هناك مدرسة الإحياء والبعث في الشعر فكذلك ينبغي أن يكون هناك مدارس لإحياء وبعث اللغة العربية في كل ميدان من ميادينها.