وانطلقت التظاهرة من موقع النصب التذكاري لداعية الحرية، مارتين لوثر كينغ، الذي يحتفل الأميركيون، غدا الإثنين، بذكرى ولادته، وتوقفت خلف أسوار البيت الأبيض. وقال أحد المتظاهرين لـ"العربي الجديد"، إن رفع العلم السوري السابق لا يمثل رفضاً لراية البلاد أو شعار الدولة، وإنما رفضاً لراية النظام وشعاراته التي سئم السوريون من تغني النظام بها.
وأمام تمثال لوثر كينغ صرخت فتاة سورية قادمة من دير الزور في وجوه عدد من زوار النصب التذكاري قائلة لهم: "لماذا تخافون من استلام منشوراتنا؟ نحن لا نتحدث في السياسة، إننا هنا من أجل محاصرين يموتون برداً وجوعاً في دولة اسمها سورية، نحن نوزع هذه الأوراق في الموقع ذاته الذي أعلن فيه هذا الرجل العظيم رفضه للاستعباد، وتقديسه للحرية"، مشيرة بيدها إلى تمثال الملك.
اقرأ أيضاً: 13 منطقة سورية محاصرة.. على غرار مضايا
وتواصل الفتاة السورية حنان الصباغ، التي تتابع دراستها الجامعية في جامعة جورج واشنطن، مهمتها وتقول بلغة إنجليزية طليقة، تحمل نبرات غضب أهالي البوكمال، وهي تمد بيديها الاثنتين في إصرار وتحد نسخاً من منشور وصور محزنة لضحايا التجويع المتعمد في بلدة مضايا ومثيلاتها في سورية، فما كان من المترددين، إلا أن تلقفوا أوراقها بشغف لمعرفة محتواها.
وكان رجل شرطة أميركي يقف أسفل النصب التذكاري لملك الحرية، وقال بهدوء لأحد منظمي المظاهرة إن عدد المحتجين تجاوز الحد المسموح به للتظاهر بدون ترخيص، فرد عليه المتظاهر السوري بأن المتجمعين ليسوا كلهم متظاهرين، بل بينهم مخبرون صحافيون ومخبرون للطاغية وأطفال، ولا يجب حسبانهم في العدد. ظهرت على وجه الشرطي علامات الاحمرار خجلاً، وهو يطلب من الجمع أن يتفرقوا.
وكان مراسل "العربي الجديد" يرقب الوضع عن بعد، عندما تقدم متظاهر من حماه من رجل الشرطة مخاطباً إياه بعصبية، بأن المسيرة ستنطلق خلال دقائق باتجاه البيت الأبيض، فانفرجت أسارير الشرطي، ولم يطل قلقه، لأن المسيرة اتجهت نحو الساحة الخلفية للبيت الأبيض، التي يصعب فيها عدّ المحتجين أو التفريق بينهم وبين الموجات البشرية من الزوار والمصورين القادمين من كل حدب وصوب.
اقرأ أيضاً: عيادة متحرّكة في طريقها إلى مضايا السورية
وفي الوقت الذي كانت فيه فتيات سوريات صغيرات يهتفن بالحرية لسورية ويرددن عبارات استغاثة محرجة للرئيس الأميركي وللرؤساء العرب، رددن عبارات باللغتين العربية والإنجليزية مضمونها واحد هو "الحرية للمحاصرين" والنجدة للجوعى والموت للقتلة والمجرمين.
ولكن أوباما في الساعة الرابعة عصراً، عندما أصبحت المسيرة على بعد خطوات قليلة من مكتبه البيضاوي، لم يكن ليستمع إلى تلك النداءات الإنسانية والمطالب العاجلة، فقد كان منهمكا بالتوقيع على قرارات رئاسية تاريخية، لرفع الحصار عن النظام الرئيسي الداعم لبشار الأسد، بما يؤكد أنه لن يتم الإفراج عن الأغذية لأطفال البلدات السورية المحاصرة، بل سيتم الإفراج عن مليارات الدولارات الإيرانية التي من المؤكد أن جزءا منها سيدعم آلة النظام السوري القمعية بالمزيد من الأسلحة.
اقرأ أيضاً: يوم عالمي لمضايا "ضد حصار الجوع"