كيف يمكن أن أتفادى وجوه الأطفال الذين ماتوا؟ أن أغمض عيني عن لوعة الأم وهي تلوّح لابنها الذي انتظرته طويلاً، طويلاً، قبل أن يأتي.. ثم رحل!.. أن أتفادى حزن الآباء ودموعهم.
الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت مدينة الفلوجة كبرى مدن محافظة الأنبار غربي العراق، بدأ قائد الطائرة التابعة للجيش العراقي بأداء مهامه الصباحية الموكلة إليه لهذا اليوم، فتوجّه نحو مستشفى النسائية والأطفال الواقعة غرب الفلوجة، خلف نهر الفرات، وألقى فوقها ثلاثة براميل متفجّرة، وقع أحدها فوق دار الأطباء، وقد كان فارغاً، والثاني في غرفة المختبر حيث وقع العدد الأكبر من القتلى، والثالث في كافتيريا المستشفى حيث وجدوا عامل الكافتيريا محترقاً.
تروي الطبيبة الشابة "ميساء كامل" التي كانت تقوم بأداء وظيفتها في المشفى، ما حدث، تقول: "كنت أحادث زميلي الطبيب حول بعض التحليلات التي أمامي، وفجأة حدث انفجار كبير، وأغمي عليّ، لم أشعر بشيء، وبعد غيبوبة قصيرة استيقظت وإذ بزميلي الطبيب الذي كنت أحادثه ملقى أمامي وقد فقد رأسه، شعرت بالهلع، لكن ما حدث في المشفى كان أكبر، لقد كانت جثث الأطفال والنساء في ممرات المشفى وقد اختلطت بأجزاء البناء، وجدنا صعوبة كبيرة في انتشال جثث الضحايا من بين الركام.
ثم تكمل: "المشفى بناؤه قديم جداً، بني من أيام الاحتلال الإنكليزي للعراق في القرن الماضي، وهو صغير وضيّق، لذا كان تأثير البراميل المتفجّرة أكبر من المتوقع، لقد تهدّم المبنى فوق الأجساد، فاختلطت اللحوم بالبناء ولم يعد باستطاعتنا تمييز أجساد القتلى أو انتشالهم".
طريق الخروج: تقرير طبيّ
"إبراهيم عيسى" وهو مواطن من الفلوجة وقع الانفجار قريباً من بيته يروي لنا ويقول: "بيتي قريب من المشفى لذا تأثرنا كثيراً حين سقطت البراميل، لقد كان باستطاعتي رؤية حجم الدمار والدخان، منذ فترة طويلة قام تنظيم الدولة "داعش" بمنع العوائل من الخروج من الفلوجة، يريدونهم دروعاً بشرية في حال حدث هجوم، فصارت أغلب العوائل تلجأ للمستشفيات للحصول على تقرير طبيّ يسمح لها بالخروج من الفلوجة، فكان إثبات المرض الطريق الوحيد للخروج من الفلوجة والحصار الخانق الذي تعيشه، إضافة للقصف الذي لا يتوّقف".
لقد كان في المشفى هذا الصباح عدد كبير من المراجعين مع عوائلهم، وعدد كبير من النساء اللواتي قدمن للولادة، فالمشفى أساساً هو مشفى للأطفال والنساء، وحين سقط البرميل وقع عدد كبير من القتلى لكثرة المراجعين والأطفال، وكان الأطفال الضحية الأكبر.
وبحسب بيان طوارئ مستشفى الفلوجة، فقد استقبلت المستشفى اثنين وعشرين قتيلاً، ست نساء وثمانية أطفال، واثنين وخمسين جريحاً بينهم ثماني عشرة امرأة، وسبعة عشر طفلاً.
تكمل الطبيبة "ميساء" رواية ما حدث، تقول: "أعرف عائلة "أبو أحمد" من الفلوجة، كان يحاول منذ أشهر الحصول على تقرير طبيّ أو أمر يسمح له بالخروج وعائلته من الفلوجة، لقد كان مشفى النساء أمله الأخير في استحصال التقرير، فقدم هذا الصباح مع عائلته للحصول عليه، لكن البرميل المتفجّر عاجله فراح معظم أفراد أسرته من النساء والأطفال ضحية البرميل الذي سقط فوق المختبر، كذلك حال إحدى السيدات، السيدة "أمل" التي قدمت فجر الخميس لولادة طفلها الأول بعد سبع سنوات من الانتظار، لكن الطفل لم تكد تمر عليه ساعة في هذه الحياة حتى أرداه البرميل قتيلاً، إنه قتيل عمره أقل من ساعة".
حرب مستمرة
ليست هذه المرّة الأولى التي تتعرض فيها مدينة الفلوجة للقصف، فمنذ أكثر من سنة ونصف السنة والقوات العراقية تقوم بطائراتها ودباباتها بقصف الفلوجة، منذ أن قام رئيس الوزراء العراقي السابق بفضّ اعتصامات الأنبار، ومدينتا الفلوجة والرمادي تعيشان قصفاً يومياً، سواء بالصواريخ أو البراميل المتفجّرة، وازداد الأمر سوءاً بعد سيطرة تنظيم الدولة "داعش" على المدينة، حيث صارت القوات العراقية تقصف كل أنحاء المدينة بحجة ضرب الإرهاب، وكان المدنيون هم الضحية الأولى للقصف المستمر، لكن هذه المرّة الأولى التي يتم فيها قصف مشفى لا أحد فيه سوى النساء والأطفال، قصف لم يذهب ضحيته سوى الأبرياء.
(العراق)
الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت مدينة الفلوجة كبرى مدن محافظة الأنبار غربي العراق، بدأ قائد الطائرة التابعة للجيش العراقي بأداء مهامه الصباحية الموكلة إليه لهذا اليوم، فتوجّه نحو مستشفى النسائية والأطفال الواقعة غرب الفلوجة، خلف نهر الفرات، وألقى فوقها ثلاثة براميل متفجّرة، وقع أحدها فوق دار الأطباء، وقد كان فارغاً، والثاني في غرفة المختبر حيث وقع العدد الأكبر من القتلى، والثالث في كافتيريا المستشفى حيث وجدوا عامل الكافتيريا محترقاً.
تروي الطبيبة الشابة "ميساء كامل" التي كانت تقوم بأداء وظيفتها في المشفى، ما حدث، تقول: "كنت أحادث زميلي الطبيب حول بعض التحليلات التي أمامي، وفجأة حدث انفجار كبير، وأغمي عليّ، لم أشعر بشيء، وبعد غيبوبة قصيرة استيقظت وإذ بزميلي الطبيب الذي كنت أحادثه ملقى أمامي وقد فقد رأسه، شعرت بالهلع، لكن ما حدث في المشفى كان أكبر، لقد كانت جثث الأطفال والنساء في ممرات المشفى وقد اختلطت بأجزاء البناء، وجدنا صعوبة كبيرة في انتشال جثث الضحايا من بين الركام.
ثم تكمل: "المشفى بناؤه قديم جداً، بني من أيام الاحتلال الإنكليزي للعراق في القرن الماضي، وهو صغير وضيّق، لذا كان تأثير البراميل المتفجّرة أكبر من المتوقع، لقد تهدّم المبنى فوق الأجساد، فاختلطت اللحوم بالبناء ولم يعد باستطاعتنا تمييز أجساد القتلى أو انتشالهم".
طريق الخروج: تقرير طبيّ
"إبراهيم عيسى" وهو مواطن من الفلوجة وقع الانفجار قريباً من بيته يروي لنا ويقول: "بيتي قريب من المشفى لذا تأثرنا كثيراً حين سقطت البراميل، لقد كان باستطاعتي رؤية حجم الدمار والدخان، منذ فترة طويلة قام تنظيم الدولة "داعش" بمنع العوائل من الخروج من الفلوجة، يريدونهم دروعاً بشرية في حال حدث هجوم، فصارت أغلب العوائل تلجأ للمستشفيات للحصول على تقرير طبيّ يسمح لها بالخروج من الفلوجة، فكان إثبات المرض الطريق الوحيد للخروج من الفلوجة والحصار الخانق الذي تعيشه، إضافة للقصف الذي لا يتوّقف".
لقد كان في المشفى هذا الصباح عدد كبير من المراجعين مع عوائلهم، وعدد كبير من النساء اللواتي قدمن للولادة، فالمشفى أساساً هو مشفى للأطفال والنساء، وحين سقط البرميل وقع عدد كبير من القتلى لكثرة المراجعين والأطفال، وكان الأطفال الضحية الأكبر.
وبحسب بيان طوارئ مستشفى الفلوجة، فقد استقبلت المستشفى اثنين وعشرين قتيلاً، ست نساء وثمانية أطفال، واثنين وخمسين جريحاً بينهم ثماني عشرة امرأة، وسبعة عشر طفلاً.
تكمل الطبيبة "ميساء" رواية ما حدث، تقول: "أعرف عائلة "أبو أحمد" من الفلوجة، كان يحاول منذ أشهر الحصول على تقرير طبيّ أو أمر يسمح له بالخروج وعائلته من الفلوجة، لقد كان مشفى النساء أمله الأخير في استحصال التقرير، فقدم هذا الصباح مع عائلته للحصول عليه، لكن البرميل المتفجّر عاجله فراح معظم أفراد أسرته من النساء والأطفال ضحية البرميل الذي سقط فوق المختبر، كذلك حال إحدى السيدات، السيدة "أمل" التي قدمت فجر الخميس لولادة طفلها الأول بعد سبع سنوات من الانتظار، لكن الطفل لم تكد تمر عليه ساعة في هذه الحياة حتى أرداه البرميل قتيلاً، إنه قتيل عمره أقل من ساعة".
حرب مستمرة
ليست هذه المرّة الأولى التي تتعرض فيها مدينة الفلوجة للقصف، فمنذ أكثر من سنة ونصف السنة والقوات العراقية تقوم بطائراتها ودباباتها بقصف الفلوجة، منذ أن قام رئيس الوزراء العراقي السابق بفضّ اعتصامات الأنبار، ومدينتا الفلوجة والرمادي تعيشان قصفاً يومياً، سواء بالصواريخ أو البراميل المتفجّرة، وازداد الأمر سوءاً بعد سيطرة تنظيم الدولة "داعش" على المدينة، حيث صارت القوات العراقية تقصف كل أنحاء المدينة بحجة ضرب الإرهاب، وكان المدنيون هم الضحية الأولى للقصف المستمر، لكن هذه المرّة الأولى التي يتم فيها قصف مشفى لا أحد فيه سوى النساء والأطفال، قصف لم يذهب ضحيته سوى الأبرياء.
(العراق)