لم تنتظر إيران كثيراً بعد اللقاء، الذي وصفه البعض بالتاريخي، بين زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وقادة مليشيات "الحشد الشعبي" في النجف، الأسبوع الماضي، حتى بدأت تحركاتها لعقد لقاء تصالحي بين مقتدى الصدر ورئيس "ائتلاف دولة القانون"، رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، بعد عشر سنوات من القطيعة التي وصلت إلى حد رفع السلاح بوجه المالكي من قبل أنصار الصدر، وملاحقة الصدر وأتباعه في "جيش المهدي" من قبل الحكومة السابقة.
وكشف عضو في "التحالف الوطني" الحاكم، لـ"العربي الجديد"، عن وجود وساطات إيرانية لترميم خلافات التحالف، ولم شمل الكتل السياسية الشيعية، للتحضير لمرحلة ما بعد طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من الموصل، مؤكداً أن هذه الوساطة أثمرت عن عقد لقاء بين مقتدى الصدر وقادة مليشيات "الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس، وهادي العامري، وقيس الخزعلي، وأكرم الكعبي، وغيرهم. وأشار إلى أن لقاء الصدر بخصومه السابقين في "الحشد الشعبي"، كان تمهيداً للقاء أكبر وأهم، يجمع الصدر برئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، مؤكداً أن مسؤولين في السفارة الإيرانية في بغداد أجروا، خلال الأيام الماضية، زيارات منفصلة إلى الصدر والمالكي في النجف وبغداد، وحصلوا على إشارات إيجابية تمهّد الطريق لعقد اجتماع بين الجانبين، يتم خلاله التفاهم على جميع القضايا المختلف عليها، وتصفير المشاكل التي تهدد وحدة "التحالف الوطني". وأضاف أن "الوفد الإيراني الذي زار العراق أخيراً برئاسة مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي، التقى رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم، وقادة الكتل السياسية المنضوية ضمن التحالف، وحثهم على الضغط باتجاه عقد مصالحة قريبة بين الصدر والمالكي"، مشيراً إلى وجود رغبة إيرانية لضمان حصول "التحالف الشيعي" على أغلبية المقاعد البرلمانية في الانتخابات المقبلة، فضلاً عن خشية إيران من حدوث اقتتال "شيعي - شيعي"، بعد انتهاء معركة الموصل، وزوال خطر "داعش".
وأسفرت الجهود الإيرانية عن عقد لقاء جمع مقتدى الصدر، مع رئيس مليشيا "بدر"، هادي العامري، ونائب رئيس مليشيا "الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس، ورئيس مليشيا "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، ورئيس مليشيا "النجباء"، أكرم الكعبي، وقيادات أخرى، في منزل الصدر في محافظة النجف، جنوب العراق. وقالت مصادر مقربة من مكتب الصدر إن المجتمعين ناقشوا الآليات المناسبة لتنسيق مشاركة مليشيا "الحشد الشعبي" في معركة تحرير الموصل، والضغط على الصدر لتغيير موقفه الرافض لمشاركة المليشيا في المعركة، وتخليه عن وصف بعض فصائلها بـ"المليشيات الوقحة".
إلى ذلك، قال القيادي في "ائتلاف دولة القانون"، صلاح عبد الرزاق، إن الوضع السياسي والعسكري الحالي يتطلب تضافر الجهود لحل المشاكل، داعياً إلى عدم شخصنة الأمور في الخلاف بين الصدر والمالكي. وأشار عبد الرزاق، وهو من القيادات المقربة من المالكي، إلى أن الخلافات الثانوية لا تصب في مصلحة المعركة مع تنظيم "داعش"، مبيناً، خلال تصريح صحافي، أن الوضع الحالي يتطلب رص الصفوف، والتخلي عن المناكفات السياسية.
وفي سياق متصل، رحب عضو "التحالف الوطني"، أحمد الموسوي، بالجهود المبذولة لحل الخلافات داخل المنظومة الحاكمة المتمثلة بالتحالف، مبيناً، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الدعم الإيراني لوساطات تجمع زعيم التيار الصدري مع خصومه السياسيين ليس غريباً. وأشار إلى أن لدى أغلب قيادات "التحالف الوطني" علاقات تاريخية مع إيران، مشدداً على ضرورة تبني أية مبادرات للتخفيف من حدة الخلافات السياسية.
وساءت العلاقة بين مقتدى الصدر ونوري المالكي بشكل كبير بعد تولي الأخير رئاسة الحكومة في العام 2006، وشنه حملة عسكرية واسعة ضد مليشيا "جيش المهدي" التابعة للصدر في العام 2008 في البصرة (590 كيلومتراً جنوب بغداد)، ضمن عملية عسكرية سميت حينها "صولة الفرسان"، وأسفرت عن مقتل واعتقال المئات من عناصر التيار الصدري، وهروب مقتدى الصدر إلى إيران.