قال مصدر بنيابة الجيزة المصرية، إن تقرير الطب الشرعي المصري، أثبت تعرض جسد طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني للتعذيب على مدار عدة أيام، وإن التعذيب كان ممنهجاً بطريقة مقصود بها الإبقاء عليه حياً لأطول فترة ممكنة، لكن جسد الشاب لم يتحمل.
وأضاف المصدر القضائي، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "النيابة أرسلت تقرير الطب الشرعي إلى المباحث الجنائية للتساؤل عن الجهة التي يمكنها احتجاز شخص لفترة عدة أيام خارج إطار القانون، وكذلك الجهة التي يمكنها القيام بعملية "تعذيب احترافي لشاب بغرض الحصول على معلومات، أو التعرف على شيء غامض".
وأكد أن الشرطة لم تقدم حتى الآن أي تحريات، أو تقارير بحث جنائي تخص القضية، وأن النيابة العامة "تعاني الأمرّين"-حسب تعبيره- بسبب وجود ضغوط سياسية عليها لسرعة إنجاز التحقيقات في القضية.
وأشار إلى أن النائب العام المصري، نبيل صادق، رفع تقريراً عن تراخي المباحث الجنائية في تقديم أي معلومات للنيابة العامة عن القضية، إلى وزير العدل، أحمد الزند، بغية إيصاله إلى وزير الداخلية ورئيس الجمهورية.
يأتي ذلك بالتزامن مع قول، مصدرين في النيابة العامة، لـ"رويترز"، إن طبيبا شرعيا مصريا أبلغ المحققين أن التشريح الذي أجراه لجثة الطالب الإيطالي القتيل، جوليو ريجيني، أظهر أنه تعرض للاستجواب على مدى فترة تصل إلى سبعة أيام قبل قتله.
ويعد ما كشف عنه الطبيب أقوى مؤشر حتى الآن، على أن ريجيني قتل على أيدي بعض رجال أجهزة الأمن المصرية، لأنه يشير إلى أساليب في الاستجواب تقول جماعات حقوقية إنها طابع مميز للأجهزة الأمنية، ومنها الحرق بالسجائر وعلى فترات متباعدة على مدى عدة أيام، بحسب رويترز.
من جانبه، نفى المستشار شعبان الشامي، مساعد وزير العدل لشؤون الطب الشرعي، بصورة قاطعة، صحة صدور تقرير الطب الشرعي في شأن فحص جثمان الشاب الإيطالي القتيل، الذي تم العثور على جثته مؤخرا بطريق القاهرة– الإسكندرية الصحراوي.
وأكد الشامي، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، أن تقرير الطب الشرعي لم يصدر بعد، وأن الأطباء الشرعيين مازالوا– حتى الآن– يباشرون أعمال الفحص والتحليل لجثمان القتيل، ولم يتم الانتهاء من إعداد وكتابة التقرير.
وسبق أن نفت وزارة الداخلية اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. بينما نقلت "رويترز" عن المصدرين في النيابة، أن الطبيب هشام عبد الحميد، مدير مصلحة الطب الشرعي، أوضح ما كشف عنه تشريح الجثة ردا على ما وجهه إليه مسؤولو النيابة العامة من استفسارات الأسبوع الماضي.اقرأ أيضا:مصدر بالطب الشرعي المصري: الطالب الإيطالي تعرض للصعق بالكهرباء
وقال محقق في النيابة- طلب عدم ذكر اسمه- "استدعينا الطبيب الشرعي هشام عبد الحميد، للحضور أمام النيابة العامة لسؤاله حول التقرير الشرعي والصفة التشريحية التي أجراها الطبيب واثنان من زملائه لجثة الطالب".
وقال إن "عبد الحميد قال في التحقيقات إن الإصابات والجروح الموجودة بالجثة وقعت على فترات زمنية مختلفة تتراوح من بين 10 و14ساعة بين كل جرح والآخر. وهذا معناه أن المتهمين كانوا يستجوبونه على فترات مختلفة من أجل إجباره على إعطائهم معلومات عن شيء ما".
وأكد مصدر في مصلحة الطب الشرعي أن الدكتور عبد الحميد هو الذي توجه إلى النيابة للرد على أسئلتها. واتصلت رويترز بالدكتور عبد الحميد هاتفيا لكنه امتنع عن التعليق. وكان ريجيني (28 عاما) قد اختفى في 25 يناير/كانون الثاني الماضي، في الذكرى السنوية الخامسة للثورة التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. وقالت صحيفة إيطالية إن ريجيني كتب عدة مقالات انتقد فيها الحكومة المصرية ونشرتها الصحيفة.
وعثر على جثة ريجيني في الثالث من فبراير/شباط ملقاة على جانب الطريق الصحراوي المؤدي من القاهرة إلى الإسكندرية. وكان الطالب الإيطالي يحضر رسالة دكتوراه في جامعة كمبردج تتركز على صعود نجم النقابات العمالية المستقلة في أعقاب ثورة 2011.
وقال مسؤولون في الطب الشرعي والنيابة العامة إن الجثة ظهرت عليها آثار تعذيب وحرق بالسجائر وإنه قتل بضربة بآلة حادة على مؤخرة رأسه. وذكر أحد المحققين "الطبيب قال أيضا إنه من خلال الصفة التشريحية والتقرير يظهر عدد من الإصابات في وقت واحد. وهناك عدد آخر من الإصابات في وقت لاحق وإصابات أخرى في وقت ثالث. الإصابات والجروح والكسور تمت في أوقات مختلفة في مدة تراوحت بين 5 و7 أيام".
وسلطت القضية الضوء على اتهامات توجه للشرطة بأنها تستعمل أساليب وحشية. وقال أصحاب المتاجر في الحي الذي كان ريجيني يسكن فيه بالقاهرة إنهم لم يروا ما يشير إلى أن الشرطة وجهت أي استفسارات للسكان في المنطقة منذ اختفائه أو موته.
وتتهم جماعات حقوقية الشرطة بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المصريين منذ أن أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي عام 2013. لكن مثل هذه الممارسات ليست شائعة بحق الأجانب.
وقالت إيطاليا إن على المحققين المصريين أن يسلموا ما لديهم من أدلة كشفت عنها تحقيقاتهم في مقتل ريجيني. ودعت مصر محققين إيطاليين للمشاركة في التحقيق لكن مصادر قضائية في روما تقول إن التعاون بين الجانبين محدود لأنهما لا يتبادلان معلومات كافية.
وقال وزير الداخلية الإيطالي، أنجلينو ألفانو، دون الخوض في التفاصيل، إن تشريحا ثانيا لجثة ريجيني في إيطاليا "واجهنا بشيء غير إنساني. شيء حيواني".
وتسببت القضية في إثارة توترات بين مصر وإيطاليا. وقالت وزارة الداخلية المصرية إن من الدوافع المحتملة للقتلة نشاطا إجراميا أو رغبة في الانتقام "لأسباب خاصة".
وتقول المصادر القضائية الإيطالية إن فريقا إيطالياً في القاهرة لم يتلقّ أي معلومات ذات قيمة من الجانب المصري. وقال مصدر قضائي "لم يعطونا شيئا". وكان من المقرر تقديم التفاصيل الكاملة عن التشريح الذي أجري للجثة في إيطاليا للمحققين يوم الإثنين.
اقرأ أيضا:الأكاديميون الأجانب مطاردون في مصر