حرق "قش الأرز" أزمة تتجدد كل عام في مصر مع حلول شهر أكتوبر/تشرين الأول. وتغطي السحابة السوداء معظم محافظات الدلتا، التي يتأثر بها أيضاً، سكان محافظات القاهرة الكبرى. ويعتبر مسؤولون بالأرصاد الجوية أن ما يسمى بـ"حرائق قش الأرز" تسبب ارتفاع درجات الحرارة في البلاد في هذا التوقيت، والتي زادت عن 40 درجة مائوية.
ويرى مزارعون أن الأزمة سببها فشل الحكومة المصرية في توفير "مكابس" للمزارعين لكبس القش، على الرغم من دعواتها المستمرة بتحويل "القش" إلى أعلاف للحيوانات، أو إدخاله في صناعة الأسمدة والأخشاب أو صناعة الورق.
في المقابل، يخشى كثيرون من مزارعي الأرز، من انتشار القوارض والحشرات الضارة نتيجة تخزين القش، فيبقى أمامهم حرق القش في أرضه، دون مبالاة لأضراره الصحية على المواطنين. وينتج عن غياب متعهدي جمع القش من البنوك الزراعية المنتشرة في المحافظات، تشكّل السحابة السوداء المنتشرة في هذه الأيام في سماء عدد من المحافظات. في حين أكد مسؤولون أن سلاح العقوبات الذي تتخذه الدولة ضد المزارعين غير مجدٍ في مواجهة تلك الظاهرة.
واستنكر مواطنون ردود فعل السلطات المتخاذلة، لعدم إيجادها حلاً لتلك الكارثة البيئية السنوية، كما استغاثوا بالمسؤولين في المحافظات والوزارات، سواء بإرسال شكاوى عبر البريد أو الفاكس، أو عن طريق نواب دوائرهم في البرلمان، لإنقاذهم من الأمراض التي لحقت بهم، خاصة الأطفال وكبار السن، الذين يعانون مشاكل صحية مزمنة.
ويشير أصحاب الشكاوى إلى أن سحب الدخان وارتفاع درجات الحرارة تسبب الموت، مقابل عدم تحرك مسؤولي وزارتي الزراعة أو البيئة، وتجاهل قوات الحماية المدنية استغاثات الأهالي لإطفاء النيران الناتجة عن الحرق، ويصرون على رصد الظاهرة والمخالفين على مدار الساعة بالقمر الصناعي.
من جهته، قال أستاذ أمراض الصدر في جامعة القاهرة، الدكتور محمد عبدالحكيم النادي، إن هناك زيادة كبيرة في أمراض الصدر تسجل سنوياً في مصر بسبب دخان قش الأرز، مؤكداً أن عدد مرضى الربو أو حساسية الصدر في مصر بلغ 9 ملايين.
ولفت إلى أن الربو الشُعبي يعد من أخطر الأمراض التي زادت في مصر بنسبة كبيرة جداً، مع ارتفاع نسبة التلوث من عوادم السيارات.
وأشار إلى أن "حرق قش الأرز" يزيد الأزمات الصحية أكثر، خصوصاً لدى سكان محافظات الوجه البحري والقاهرة، مع ارتفاع درجة الحرارة التي شعر بها كثير من المواطنين خلال الساعات الماضية، صاحبه صعوبات في التنفس وسعال، وأحياناً فشل في الجهاز التنفسي، يستدعي اللجوء إلى التنفس الاصطناعي، وزيادة حالات حساسية الصدر، فضلاً عن الأزمات القلبية والذبحات الصدرية، وحساسية الأنف والتهاب العيون.
قال خبير البيئة، الدكتور نادر نور الدين، إن أزمة "حرق قش الأرز" مستمرة في ظل عدم تطبيق الدولة حلولاً جذرية لها، مشيراً إلى أن ادعاء الحكومة بأن "السحابة السوداء" زادت هذا العام بسبب زيادة زراعة الأرز ادعاء كاذب، ولا أساس له من الصحة.
وأوضح أن "المكابس" التي أعلنت وزارة البيئة عن توفيرها للمزارع لم تصل. وأضاف أن الدولة على مدار 20 عاماً تؤكد أنها في طريقها لمعالجة تلك الأزمة، على الرغم من الأهداف الاقتصادية الكثيرة التي يمكن أن تستخدم في صناعة قش الأرز.