وتلفت مصادر في وزارة العدل، إلى أنّ عدد المواطنين الذين فرضت لجنة إدارة أموال جماعة "اﻹخوان" قرارات التحفظ عليهم وعلى أملاكهم، زاد في الفترة اﻷخيرة، من حوالي 1500 مواطن عام 2014 إلى نحو 4 آلاف في العام الحالي، وذلك بعد إدخال جميع أعضاء وأنصار "الجماعة" المسجونين على ذمة قضايا إلى قائمة التحفظ، باﻹضافة إلى أعضاء حزب "الحرية والعدالة"، من غير المسجونين.
وتشير المصادر ذاتها في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن اللجنة تعتمد فقط على تقارير اﻷجهزة اﻷمنية متمثّلة في اﻷمن الوطني (أمن الدولة سابقاً) والمخابرات العامة، وﻻ تشترط ﻹضافة اﻷسماء، صدور أحكام قضائية أو قرارات اتهام من النيابة العامة، وهو ما يفسّر الزيادة الكبيرة في عدد المشمولين بالتحفظ.
أما القيمة المالية للأموال المتحفظ عليها، فتعجز المصادر عن ذكر مبلغ محدد أو يقارب الحقيقة، ذلك ﻷنّ نسبة كبيرة من الأملاك المتحفّظ عليها، لا تزال تحتفظ بطبيعتها العقارية أو المؤسسية أو التجارية، وبالتالي لم يتم تقييمها بعد. بينما تتضاءل، بشكل ﻻفت، نسبة اﻷموال السائلة، المتحفّظ عليها في البنوك لـ"الإخوان" وأنصارهم.
وتعبّر مصادر وزارة العدل عن قلقها حيال بعض المشاكل القانونية التي بدأت تظهر، وتهدّد الدولة مالياً، مشيرة إلى أنّ "المشكلة اﻷولى، هي أن اﻷحكام القضائية التي أصدرها مجلس الدولة ببطلان قرارات التحفّظ منتصف العام الماضي، لم تنفّذ بعد في ظلّ توسّع اللجنة في قوائم التحفظ رضوخاً لتوجيهات اﻷجهزة اﻷمنية، باﻹضافة إلى أن اللجنة أدارت وتصرفت في أموال بعض الشركات والمؤسسات، لذلك، فإذا أيّدت المحكمة الدستورية العليا أحكام بطلان التحفظ، فسيؤدي ذلك، إلى إثارة نزاعات قانونية طويلة اﻷمد بين الأشخاص، ضحايا التحفظ وبين اللجنة المنبثقة عن وزارة العدل، حول شرعية تصرفها في اﻷموال طوال فترة التحفظ غير القانونية، وهو ما قد يؤدي في الوقت عينه، إلى صدور أحكام بالتعويض المالي للضحايا، ترهق خزينة الدولة المنهكة أساساً.
اقرأ أيضاً: مصر.. 3 تناقضات في عمل لجنة حصر أموال الإخوان
ويُذكر في هذا اﻹطار، أنّ لجنة إدارة أموال "الجماعة"، لم تكتف بمجرد التحفظ على الشركات واﻷموال والعقارات أو إدارتها كما هي، بل توسّعت في ذلك من دون ضابط أو رابط، إذ أعلن رئيس اللجنة، منذ شهرين، أنّ الأخيرة سدّدت بعض مستحقات الدولة من ضرائب ورسوم، وأنّها منحت العاملين في هذه الشركات حوافز ومزايا مالية إضافية، لم تكن مقررة لهم من قبل، وجرى كل ذلك، بمعزل عن رقابة القضاء، في ظل التجاهل المستمر ﻷحكام مجلس الدولة.
أما المشكلة الثانية، بحسب مصادر وزارة العدل، فتكمن في أنّ اللجنة لم تعد تحظى قانونياً بأي صفة قضائية، ما يهدّد جميع تصرفاتها بالبطلان، إذ كانت وزارة العدل تحتج على أحكام مجلس الدولة، بأن هذه اللجنة مشكّلة من قضاة فقط، ويرأسهم مساعد أول وزير العدل، المستشار عزت خميس، وهو قاض، وهذا اﻷمر قد تغيّر فعلياَ في 30 يونيو/حزيران الماضي، إذ أُحيل خميس إلى التقاعد لبلوغه سن السبعين، وأصبح قاضياً سابقاً، وزالت عنه صفة القضاء، وعلى الرغم من ذلك، فهو مستمر بصفته رئيساً للجنة بالمخالفة لقرار تشكيلها الذي كان قد صدر في عهد حكومة حازم الببلاوي.
أما المشكلة الثالثة، فتعيدها المصادر العدلية، إلى وجود تقاطع وتعارض بين عمل هذه اللجنة وعمل النيابة العامة التي تفرض الحراسة على أموال قيادات جماعة "اﻹخوان" الذين تصدر أحكام قضائية بحقهم، باعتبارهم أعضاء في تنظيم إرهابي، بموجب قانون الكيانات اﻹرهابية الذي أصدره الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، مطلع العام الحالي.
وتعتمد قرارات النيابة على حيثيات اﻷحكام القضائية الصادرة فقط، بما يسمى "قضايا اﻹرهاب"، وﻻ تعتمد على التحريات اﻷمنية المجردة، وبالتالي فالوضع الحالي يسمح بتحفظ لجنة وزارة العدل على أموال أشخاص قد تصدر أو أصدرت المحاكم أحكاماً بتبرئتهم في القضايا المتهمين فيها.
وتعكس هذه الصورة من الفوضى القانونية، رغبة النظام في اﻻنتقام من جماعة "اﻹخوان" وتجويع أعضائها وأنصارها، تحت ذريعة تجفيف منابع تمويلها، على الرغم من أنّ جميع الشواهد القانونية المذكورة في اﻷحكام القضائية اﻷخيرة وقرارات اتهام النيابة العامة، تؤكد ما وصلت إليه عناصر "الجماعة" من عوز وفقر، بما في ذلك، تلك اللجان التي تطلق عليها النيابة العامة، وصف "اللجان النوعية"، وتتّهمها بارتكاب عمليات تخريب للمرافق العامة بواسطة قنابل بدائية أو أسمنتية بسيطة التركيب.
اقرأ أيضاً مصر: تأجيل تظلم مرشد الإخوان السابق بالتحفظ على أمواله