مصر: استنكار حقوقي دولي لمحاولات إقفال "مركز النديم"

19 فبراير 2016
مقر المركز (فيسبوك)
+ الخط -


تعالت الأصوات الحقوقية في مصر والعالم، منددة بقرار الحكومة المصرية، غلق مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، بحجة تحويل نشاطه من "العلاج الحر للعمل الحقوقي"، بحسب وزارة الصحة المصرية.

وأكد حقوقيون مصريون أن إغلاق مركز النديم، جاء في سياق فضحه للانتهاكات والعنف والتعذيب الذي تمارسه قوات الشرطة المصرية، بحق المعتقلين.

وتم افتتاح مركز النديم، عام 1991، لتقديم الدعم الطبي والحقوقي لضحايا التعذيب. فيما تعود البدايات الحقيقية، لتأسيس المركز إلى 1989، عندما عاينت الباحثة بالمركز، عايدة سيف الدولة، وزملاؤها، آثار تعذيب قامت به قوات الأمن المصرية على عمال، بعد إضراب لعمال الحديد والصلب، فقرروا فتح عيادة تأهيل نفسي، ومع تنامي نشاط المركز، بدأ يعالج ضحايا التعذيب فضلا عن النساء المُعنفات، وبدأ في إدارة مركز قانوني.

وقال الباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، إنه يتضامن مع "النديم" والعاملين به، ضد قرار غلقه، وناشد الجماعة الصحافية المصرية، دعم المركز، وإطلاق حملة إعلامية حقوقية للدفاع عن كل المراكز العاملة في الدفاع عن حريات المصريين.

كما اعتبر الناشط اليساري، وعضو حركة الاشتراكيين الثوريين، هشام فؤاد، أن قرار إغلاق مركز النديم لا يجب أن يمر، ودعا لتنظيم حملة واسعة في القاهرة والمحافظات، شعارها "مش هتقفلونا"، تنظم فعاليات متنوعة في ضوء الظرف الراهن.

وكان آخر إصدارات مركز النديم، تقرير بعنوان "من الإعلام: حصاد القهر في يناير 2016"، رصد فيه الحالات التي نشرتها وسائل الإعلام المصرية، عن انتهاكات تعرض لها المواطنون، وشملت "195 حالة قتل، و42 حالة تعذيب انتهت ثمان منها بالوفاة ومنها ثلاث حالات تكدير جماعي وحالة تعذيب جماعي، و65 حالة إهمال طبي انتهت 11 منها بالوفاة، و20 حالة عنف شرطة جماعي، و66 حالة إخفاء قسري، و32 حالة ظهور بعد اختفاء، لم يظهر أحد منهم على الحدود مع سورية، وإنما في نيابات أمن الدولة بالأساس تليها النيابات العامة ثم قسم الشرطة أو السجن".


في السياق ذاته، ذكر دار الخدمات النقابية والعمالية، في بيان، مساء أمس الخميس، إن قرار إدارة الطب الحر بوزارة الصحة إغلاق مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف، يعد مؤشرًا خطيرًا على تقلص القليل المتاح من الحريات في مصر، وحجم التهديدات التي يعانيها المجتمع المدني بكافة مؤسساته.

ووصفت المؤسسة الحقوقية العمالية، قرار الحكومة المصرية، بأنه "إقصاء للمشاركة المجتمعية ولحق أصيل من الحقوق المواطنة في التنظيم وفي وجود مجتمع مدني محايد ومراقب لممارسات الحكومة كي لا تتغول وتنسى وظيفتها الأساسية؛ وهي تسيير مصالح المواطنين وحفظ أمنهم وإقرار الحقوق".

وأضاف البيان "يأتي قرار الغلق الصادر من الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية التابع لوزارة الصحة، بزعم وجود مخالفات في المركز، غير مذكورة أو محددة، مثيرًا للسخرية أمام حجم الإهمال الذي تعاني منه المستشفيات الحكومية".

وبحسب البيان ايضاً فإن "قرار إغلاق مركز النديم، أيًا كانت أسبابه، إدارية أو أوامر عليا، لن ينهي فضيحة مقتل الطالب الإيطالي، ولن يحل أزمة الدولار، ولن يغير من سجل الداخلية القبيح في انتهاكاتها المستمرة واليومية في حق المصريين؛ بل يكشف بشكل واضح أن السبب الحقيقي هو منع مركز النديم من كشف انتهاكات الداخلية لحقوق الإنسان في أقسام الشرطة، وفي أقبية السجون المظلمة داخل تقاريره الحقوقية التي تلقى احتراما دوليا ومحليا".

رسالة التضامن ذاتها، أعلنت عنه كل من منظمة "هيومن رايتس ووتش"، ومنظمة العفو الدولية "أمنيستي"، وأشارت الأخيرة في بيان لها قبل يومين، إلى أن الخطوات التي اتخذتها السلطات المصرية لإغلاق مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب والعنف؛ إنما تمثل على ما يبدو توسيعاً لنطاق القمع المستمر لنشطاء حقوق الإنسان.

وقال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، سعيد بومدوحة، "إن مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب والعنف يقدم حبل النجاة لمئات من ضحايا التعذيب وعائلات الأشخاص الذين تعرضوا للاختفاء القسري. ويبدو لنا أن هذا الإجراء بمثابة محاولة مكشوفة لإغلاق منظمة ما فتئت تشكل حصناً لحقوق الإنسان، وشوكة في خاصرة السلطات على مدى أكثر من 20 عاما".

وأضاف بومدوحة، "يتعين على السلطات تجميد أمر إغلاق المركز، وتقديم تفسير واضح للأسباب التي تقف خلف هذا الإجراء. كما يجب أن تُتاح لمركز النديم فرصة الطعن في أمر الإغلاق أمام المحاكم".

وقالت "هيومن رايتس ووتش"، في بيان لها أمس، إنّ على السلطات المصرية سحب أمر غلق أبرز مؤسسة مصرية توفر خدمات طبية منتظمة ودعم نفسي لضحايا تعذيب الشرطة والانتهاكات الأخرى.

ولفتت إلى أن تحرك الحكومة لغلق مركز النديم يتزامن مع ضغوط حكومية متصاعدة على منظمات حقوق الإنسان في مصر. خلال العام الماضي، فرضت الحكومة حظر سفر على عدد من باحثي حقوق الإنسان المصريين، وزار مسؤولون حكوميون مقار مؤسسات معنية بحقوق الإنسان في إطار تحقيق جنائي حول تمويلها.


اقرأ أيضا:"مركز النديم" المصري: مقرنا لم يُغلق بعد والقرار إداري