قال وزير البترول المصري شريف إسماعيل، إن المساعدات النفطية التي تحصل عليها مصر من دول خليجية منذ يوليو/تموز 2013 ستستمر حتى نهاية أغسطس/آب الحالي، وإن مصر تسعى حاليا لتأمين احتياجاتها لمدة عام اعتبارا من الشهر المقبل.
وقدمت السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة مساعدات سخية إلى مصر في أعقاب إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز من العام الماضي، تتجاوز 12 مليار دولار، ثلثها من النفط.
وقال إسماعيل في مقابلة مع رويترز اليوم الأحد، إن بلاده تسعى للاقتراض من بنوك محلية وأجنبية لسداد 1.5 مليار دولار على الأقل من مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة في مصر خلال أغسطس/آب الحالي، وذلك بعد أن بلغ الإجمالي نحو 5.9 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران.
وأضاف أن الحكومة ستنتهي هذا الشهر من التعاقد على استئجار محطة عائمة لتخزين الغاز.
وتوقع وصول المحطة إلى مصر خلال ديسمبر/كانون الأول مع بدء وصول أول شحنات من الغاز المسال المتعاقد عليه خلال الشهر نفسه.
وأوضح وزير البترول أن "مديونية الشركاء الأجانب متراكمة منذ عام 2003 تقريبا وليس خلال السنوات الأربع الماضية فقط".
وتقوم الشركات الأجنبية بضخ استثمارات في قطاع النفط المصري على أن تسترد الأموال التي أنفقتها من خلال الحصول على نسبة من الإنتاج من حقول النفط والغاز.
وقال إسماعيل إن مصر تلجأ للاقتراض "حتى لا نضغط على الاحتياطي لدى البنك المركزي".
ولم يذكر تفاصيل عن حجم القرض أو أسماء المصارف المشاركة فيه.
وقال إن سداد مستحقات الأجانب سيفتح الباب أمام تعزيز استثمارات الشركات الأجنبية في مجال التنقيب.
وتدرس الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) حاليا العروض التي تلقتها في مزايدة عالمية للتنقيب عن النفط والغاز في 22 منطقة امتياز بنظام تقاسم الإنتاج.
وقال الوزير إن الوزارة ستعلن نتيجة ذلك المزاد في منتصف سبتمبر/أيلول.
وتأخرت مصر في سداد مستحقات شركات النفط والغاز الأجنبية العاملة على أراضيها، بعد تأثر اقتصادها باضطرابات سياسية متواصلة، ازدادت حدتها بعد إطاحة الجيش بنظام مرسي.
وكانت الحكومة قد وعدت في نهاية العام الماضي بسداد جزء من مستحقات شركات النفط في الربع الأول من العام الحالي، إلا أنها لم تفعل، ثم جددت وعدها في أبريل/ نيسان الماضي، بدفع 1.5 مليار دولار من هذه المديونية في مايو/أيار، في إطار خطة لإحياء ثقة شركات النفط في مصر، ولم تفعل أيضاً.
وتهيمن الشركات الأجنبية على قطاع الطاقة في مصر، أكبر منتج للنفط في أفريقيا خارج منظمة أوبك، وثاني أكبر منتج للغاز في القارة بعد الجزائر.
وأبرز شركات الطاقة الأجنبية العاملة في مصر هي "إيني" و"اديسون" الإيطاليتان و"بي.بي" و"بي.جي جروب" البريطانيتان.
وتأمل معظم شركات النفط الحصول على مستحقاتها كاملة لكنها تقر بأنّ ذلك قد يستغرق عدة سنوات.
وبالرغم من أن تلك الشركات لا تزال تخطط للاستثمار في مشروعات جديدة في مصر إلا أن مسألة الديون تظل تحدياً.
وتسعى حكومة إبراهيم محلب إلى طمأنة الشركات الأجنبية، التي تتباطأ في عمليات تنمية الحقول والبحث والاستكشاف نتيجة تراكم المستحقات، وسط مخاوف من خفض الشركات استثماراتها في القطاع خلال الفترة المقبلة.
وتشهد مصر حاليا أسوأ أزمة طاقة منذ عقود بسبب الانخفاض المتواصل في إنتاج الغاز.
وقال الوزير إن مصر ستطرح مناقصة خلال أغسطس/آب "لاستيراد الغاز من الخارج لتأمين احتياجات البلاد حتى لا تتعرض مصر لأي مشكلة".
وأضاف أن بلاده "بصدد التعاقد على المركب"، مشيرا إلى المحطة العائمة لإعادة الغاز لحالته الغازية.
وقال "نحن في المراحل النهائية وسينتهي التعاقد قبل نهاية أغسطس/آب. تقديرنا أن المركب سيصل في ديسمبر/كانون الأول، وأيضا نسعى أن يكون استيراد أول شحنة غاز مسال خلال الشهر نفسه".
ولم يحدد الشركة التي سيجري استئجار المنشأة منها.
وتبذل مصر جهودا منذ عامين لشراء محطة لاستيراد الغاز المسال، لكنها تواجه التأخير تلو التأخير رغم حاجتها الماسة إلى الغاز لتشغيل محطات الكهرباء.
وتوصلت وزارة البترول المصرية وشركة هوج النرويجية في مايو/أيار إلى اتفاق مبدئي يسمح لمصر باستخدام إحدى الوحدات العائمة التابعة للشركة لمدة خمس سنوات.
وكان ذلك قبل أن يواجه الاتفاق عقبات أجبرت المسؤولين في مصر على استئناف المحادثات مع منافستها الأميركية "إكسيلريت إنرجي".
وتقول مصادر في القطاع إن مصر لن تستطيع استيراد شحنات من الغاز المسال هذا العام، لأن بدء تشغيل المنشأة سيستغرق ستة أشهر من تاريخ التوصل إلى اتفاق.
وتستطيع مصر تصدير الغاز المسال، لكنها عاجزة عن استيراده بدون المحطة المخصصة لذلك.
وقال وزير البترول "لدينا اتفاق مبدئي مع "سوناطراك" الجزائرية لاستيراد خمس شحنات من الغاز وقد تزيد، واستيراد نحو سبع شحنات من غاز بروم الروسية".
ويتعين الآن تعديل اتفاق مبدئي أبرمته مصر مع سوناطراك الجزائرية في يونيو/حزيران لتسليم خمس شحنات قبل نهاية العام، بسبب تأخر المحطة العائمة وأيضا تعديل الاتفاق مع "غاز بروم" بسبب تأخر وصولها.
وبسؤال الوزير عن حجم إنتاج البلاد من الغاز والنفط، قال "خلال السنة المالية الماضية
(2013 /2014) أنتجنا 5.1 مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز و675 ألف برميل من الزيت والمكثفات.
"وفي السنة الحالية نستهدف إنتاج 5.4 مليار قدم مكعب يوميا من الغاز و695 ألف برميل من الزيت والمكثفات واستيراد 6.5 مليون طن سنويا من الغاز والمنتجات".
وتوقع إسماعيل بدء تشغيل عدد كبير من الحقول والآبار بنهاية العام مما سيزيد الإنتاج ليعود لمعدلاته السابقة. لكنه أضاف "سنواصل الاستيراد حتى نؤمن إمدادات الطاقة لمصر".
وسبق أن قال شركاء في حقلي "لوثيان" و"تمار" الإسرائيليين للغاز الطبيعي قبالة السواحل الفلسطينية المحتلة، نهاية يونيو/حزيران الماضي، إنهم وقعوا اتفاقات مع شركتي "بي.جي" البريطانية، و"يونيون فينوسا" الإسبانية لتصدير الغاز لمصر عبر الشركتين، حيث تتجاوز قيمة الاتفاق مع الشركة البريطانية وحدها 30 مليار دولار لمدة 15 عاما.