كما توقع "العربي الجديد" قبل أيام، اضطر البنك المركزي المصري إلى خفض قيمة الجنيه أمام الدولار 10 قروش وسط هجمة السوق الموازية على شراء الدولارات، وعدم قدرة البنك على توفير العملات الصعبة الكافية للتدخل في السوق ودعم الجنيه، إضافة الى هدفه الأساسي، وهو الحفاظ على الاحتياطي الأجنبي وعدم انزلاقه نحو الانهيار.
وارتفع سعر الدولار في السوق الموزاية غير الرسمية، أمس الخميس، إلى 8.25 جنيهات بعد سماح البنك المركزي بخفض جديد لقيمة العملة المحلية بعشرة قروش.
ويتوقع خبراء أن يشهد سعر الجنيه المصري مزيداً من الانخفاض وسط جفاف الهبات التي كانت تحصل عليها حكومة المشير عبد الفتاح السيسي من السعودية والإمارات والكويت وتراجع موارد البلاد من النقد الأجنبي، خصوصاً من قطاعات رئيسية كالصادرات والاستثمارات الأجنبية والتحويلات الخارجية وقناة السويس.
كما يتوقع محللون، تحدثوا لـ "العربي الجديد" عن حدوث موجة تضخمية وارتفاع في أسعار السلع والخدمات داخل السوق المصرية، خلال الأيام القادمة، إذ إن مصر تستورد 70% من احتياجاتها من الخارج.
وقال عاملون في البنوك المصرية، إن خطوة البنك المركزي كانت متوقعة، منذ فترة، وإنها تستهدف تقريب قيمة الجنيه من مستواه الحقيقي وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
وقال أحدهما: "إن خفض الجنيه، أمس الخميس، يأتي "في ضوء التطورات المتعلقة بالاقتراض من البنك الدولي".
وخفض البنك المركزي السعر الرسمي للجنيه أمام الدولار 10 قروش في عطاء بيع العملة الصعبة، أمس، ليصل إلى 7.83 جنيهات للدولار مقارنة مع 7.73 جنيهات يوم الثلاثاء.
ويسمح المركزي بتداول الدولار في البنوك في نطاق أعلى أو أقل من السعر الرسمي بما يصل إلى 10 قروش مع إضافة 5 قروش فوق ذلك بالنسبة لمكاتب الصرافة.
ولذلك صعد الدولار في البنوك إلى 7.93 جنيهات للبيع، و7.88 جنيهات للشراء، أمس، فيما بلغ السعر الرسمي في الصرافات في القاهرة 7.98 جنيهات للبيع.
وفضلت الصرافات، خصوصاً في العاصمة القاهرة عدم بيع الدولار، أمس، والاحتفاظ به على أمل تحقيق أرباح رأسمالية عقب حدوث مزيد من الانخفاض في قيمة الجنيه، خلال الأيام المقبلة، وبالتالي ارتفاع سعر الدولار.
اقرأ أيضاً: الدولار يقفز إلى 8.5 جنيهات بالسوق السوداء في مصر
وكان البنك المركزي قد سمح في يناير/ كانون الأول الماضي بهبوط سعر الجنيه أمام الدولار إلى مستوى 7.53 بعد أن ثبته لما يزيد على ستة أشهر عند مستوى 7.14 جنيهات.
وفي يوليو الماضي، سمح بانخفاض جديد بقيمة الجنيه 20 قرشاً في سعر الجنيه ليصل إلى مستوى 7.73 أمام الدولار.
ويتوقع عدد من بنوك الاستثمار المصرية والعالمية وصول سعر الدولار في السوق الرسمية إلى 8 جنيهات قبل نهاية العام و 8.50 في العام القادم.
وقال أشرف سالمان، وزير الاستثمار في مؤتمر اليورومني الشهر الماضي، إن "تخفيض الجنيه المصري لم يعد اختياراً" في ظل الظروف الاقتصادية المحلية والعالمية حالياً. وأضاف إما أن نخفض سعر الجنيه أو نضحي بالاحتياطي الأجنبي.
واعتبرت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني أن تراجع الاحتياطيات من العملات الأجنبية، في سبتمبر/ أيلول الماضي وللشهر الثالث على التوالي، يعكس اعتماد مصر عل الهبات والمعونات الخارجية.
وقالت المؤسسة الدولية، في تقرير أصدرته، الاثنين الماضي، إن هذا الوضع يؤثر بشكل سلبي على تصنيف مصر الائتماني المتعلق بوضع السيولة المتاحة لتعاملاتها الخارجية.
وتراجعت احتياطيات مصر من العملات الأجنبية إلى 16.3 مليار دولار في سبتمبر، مقارنة بـ18.1 مليار في أغسطس، مسجلة أدنى مستوى لها، منذ مارس الماضي، بحسب ما أعلنه البنك المركزي يوم الأربعاء الماضي.
وتواجه مصر أزمة في العملة الصعبة بعد أربع سنوات من الاضطرابات السياسية والاقتصادية.
وتفاقمت الأزمة بفعل تقويم الجنيه بأعلى من قيمته الحقيقية حسبما يرى كثير من الاقتصاديين، ودفعت الأزمة الحكومة المصرية للاقتراض الخارجي.
وأعلنت الحكومة المصرية، بداية الأسبوع، أنها تتفاوض على قرض حجمه ثلاثة مليارات دولار من البنك الدولي لتخفيف حدة نقص العملة الصعبة.
اقرأ أيضاً: مصر تفاوض صندوق النقد للحصول على 5.5 مليارات دولار