تجتمع اليوم الأربعاء لجنة إدارة أزمة فيروس كورونا في مصر لاتخاذ قرار نهائي بطريقة التعامل مع التدابير الوقائية خلال شهر رمضان، سواء بتمديد ساعات حظر التجول والتدابير الخاصة بغلق المحلات والمطاعم وأماكن التجمع، أو بتخفيف القيود، خصوصاً في ما يتعلق بمدة الحظر. ورجحت مصادر في مجلس الوزراء، لـ"العربي الجديد"، أن يتم تقليص ساعات الحظر، لتبدأ من التاسعة أو العاشرة مساء بدلاً من الثامنة كما هو الحال الآن، وذلك بغية تخفيف الضغط على شوارع العاصمة القاهرة ووسائل المواصلات، في الفترة الممتدة من انتهاء ساعات العمل الرسمية الحكومية وحتى صلاة العشاء.
وذكرت المصادر أن التدابير لن تشهد جديداً في ما يتعلق باستمرار غلق دور العبادة ومنع التجمعات الرمضانية، خصوصاً موائد الرحمن والخيم الرمضانية الترفيهية والمقاهي والشواطئ والمدن الساحلية، وقصر دخول الأخيرة على سكانها، وذلك حتى إشعار آخر. وأوضحت المصادر أن أغلبية الآراء داخل الأجهزة السيادية والأمنية والحكومية تتجه نحو تخفيف الحظر، مع العلم بأن تقليص عدد ساعاته سيعني عملياً اقتصاره على فترة لا تشهد بطبيعتها نزولاً كثيفاً إلى الشوارع إلا خلال فترة السحور في رمضان، وبالتالي فإن الاتجاه لتخفيف التدابير في هذا الشهر قد يفتح الباب في ما بعد لرفع الحظر بشكل عام، واستئناف الحياة بصورة طبيعية، بل وأيضاً إعادة تشغيل بعض المصالح الحكومية والخدمية الرسمية المتوقفة تدريجياً.
وفي السياق نفسه، قال مصدر شرطي في الأمن العام إن التعليمات الجديدة الخاصة بفترة الحظر خلال رمضان لم تصل حتى مساء أمس بشكل رسمي، ولكن هناك مؤشرات على "تخفيف قريب في قطاعات مختلفة"، إذ تم منح المجندين والضباط إجازات للمرة الأولى منذ شهر ونصف الشهر، عدا في المحافظات التي سجلت نسب إصابة عالية. وأضاف المصدر الشرطي أن الداخلية لم تقدم على هذه الخطوة إلا بعد تخفيف الجيش القيود على الإجازات منذ أسبوع تقريباً، والسماح بخروج المجندين والضباط من المعسكرات، وحتى عودتهم من مناطقهم التي فيها نسب إصابة عالية بعد الكشف عليهم، موضحاً أن الشرطة حصلت على عدد كبير من أجهزة الكشف السريع من الجيش، والتي تستخدم حالياً في الأقسام ومعسكرات الأمن المركزي.
وعلى الصعيد الحكومي، ذكرت مصادر مجلس الوزراء أن تعديلات قانون الطوارئ، المزمع إصدارها رسمياً خلال ساعات، ستكون مقدمة لاتخاذ قرارات عاجلة من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ببعض التدابير الجديدة، في ما يتعلّق بتخصيص المدارس والمعاهد ومباني الشركات الحكومية كمراكز لتجميع مصابي كورونا المتماثلين للشفاء، وذلك لعدم كفاية المباني المستخدمة حالياً لهذا الغرض من مراكز ونزل الشباب.
كذلك تم تحضير قرارات أخرى خاصة باستمرار مواعيد رفع القضايا والطعون والاستئناف في بعض المحافظات والمراكز التي انتشر فيها الوباء، ما أعجز، أو أخاف، المحامين والمتقاضين من مباشرة إجراءات إيداع الدعاوى والطعون في المواعيد المقررة قانوناً، وذلك استجابة لمقترحات المحامين والقضاة بإسقاط تلك المواعيد، وعدم الاعتداد بها، وفتح الباب أمام مباشرة تلك الإجراءات، باعتبار أن الوباء حالة قوة قهرية يجب مراعاتها. فضلاً عن استمرار تنفيذ العديد من التعاقدات السارية بين الحكومة والمستثمرين، من شركات وأشخاص، وكذلك بين الجهات الحكومية، التي توقفت أو عُطلت بسبب قرارات حظر التجول وتعطيل بعض الأعمال بالكامل، لضمان عدم المساس بحقوق الأطراف المختلفة، وعدم ترتيب أضرار على هذا التعطيل.
لكن هذه التدابير لن تغير من منحى التعامل مع القضايا ذات البعد السياسي، أو الوقائع الجنائية العادية، حيث سيتم العمل خلال رمضان بقرارات النيابة السابقة بتقليص ساعات العمل إلى الخامسة مساء، ما سيؤدي إلى استمرار إبطاء إجراءات التحقيق مع المتهمين الجدد، ووقف التحقيقات تقريباً مع المتهمين المحبوسين احتياطياً، والاكتفاء بالتجديد لهم، أو إخلاء سبيلهم مع الإحالة للمحاكمة دون حصولهم على فرصتهم الطبيعية في الدفاع. ويأتي هذا الأمر في ظل القيود الموضوعة على وجود المحامين داخل مقار النيابات، وقصر حضورهم على جلسات التجديد والتحقيق المحدودة والقصيرة، ما أثر بالسلب على إمكانية لقاء المحامين بموكليهم، فضلاً عن منع ذويهم من الحضور واللقاء بهم، حتى في حالة الحبس الاحتياطي. ويستمر حتى الآن عمل الدوائر الخاصة بنظر قرارات تجديد الحبس، واستئناف النيابة على إخلاء السبيل، لكن بوتيرة أقل كثيراً من عدد الجلسات المعمول بها حتى فبراير/ شباط الماضي، ما سمح بإبقاء المئات من المحبوسين احتياطياً في السجون في انتظار عقد جلسات المشورة الخاصة بهم.
وعلى المستوى الصحي، قال مصدر في وزارة الصحة إنه لا يمكن الاستجابة بشكل عاجل لمطالبات منظمة الصحة العالمية زيادة عدد التحاليل اليومية لحالات الاشتباه في كورونا، موضحاً أن المنظمة تُوصي بزيادة العدد اليومي إلى 1500 لمدة شهر، وهو ما يفوق طاقة المعامل المركزية، وحتى المعامل المساعدة بالمحافظات، حتى بعد وصول المساعدات الصينية، التي أدت إلى إجراء ألف فحص يومياً في بعض أيام الفترة الماضية. وكشف المصدر أن أكثر من 60 في المائة من التحاليل اليومية، التي أجريت في مصر خلال الأسبوع الماضي، هي للعاملين بالأطقم الطبية، حيث تم مسح نحو 40 مستشفى ومركزاً طبياً كبيراً ظهرت فيها حالات كورونا، أو عمل فيها مصابون من الأطباء والممرضين.
وتجاوز عدد الحالات المسجلة في مصر حتى الآن 3400 إصابة منذ بداية الأزمة، إذ تم تسجيل رقم قياسي للمعدل اليومي للإصابات والوفيات أول من أمس، بتسجيل 189 حالة جديدة، و11 وفاة، بينما تبلغ نسبة الوفيات من إجمالي الإصابات حالياً 7.5 في المائة، وهي نسبة مرتفعة، وتزيد بنحو 1.5 في المائة عن المتوسط العالمي. وأرجعت وزارة الصحة هذا الأمر لوصول نسبة كبيرة من الحالات للمستشفيات في مرحلة متأخرة، وعدم القدرة على منحها العلاج المناسب.