أكدت مصر مساء الأحد ما أعلن عنه السودان باستئناف مفاوضات سد النهضة الثلاثاء المقبل مع إثيوبيا، حيث شارك وزيرا الخارجية والموارد المائية والري اليوم في اجتماع سداسي دعت إليه جنوب أفريقيا بصفتها رئيس الاتحاد الأفريقي كلاً من مصر والسودان وإثيوبيا لبحث تطورات مفاوضات سد النهضة.
فقد قرر الاجتماع أن تُستأنف المفاوضات اعتباراً من يوم الثلاثاء الموافق 18 أغسطس/آب الجاري بهدف التوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة في أقرب فرصة ممكنة.
وبحسب بيان مصري؛ أكدت القاهرة خلال الاجتماع على أهمية التفاوض من أجل إبرام اتفاق مُلزم قانوناً ينظم عمليتي ملء وتشغيل سد النهضة، بما يحفظ حقوق الدول الثلاث ويؤمن مصالحها المائية ويحد من أضرار هذا السد وآثاره على دولتي المصب.
وتسعى إثيوبيا إلى اقتران اتفاق الملء والتشغيل باتفاق جديد ينظم محاصصة جديدة لمياه النيل الأزرق، وبصورة "عادلة"، على حد زعمها، تتعامل واقعياً مع استفادة مصر من كميات أكبر بكثير من حصتها المنصوص عليها، واستفادة السودان المتوقعة من كميات إضافية أيضاً حال البدء في ملء سد النهضة وتفعيل مصفوفات التدفق في حالتي الفيضان والشح المائي.
وقال مصدر سياسي إثيوبي مطلع، لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، إن موقف بلاده لم يتغير عما كان عليه منذ شهرين، ولكن ما تغير فقط هو عنصر الملء الأول الذي "جعل حكومته في حل من توسل الموافقة من دولتي المصب" على حد تعبيره، مؤكداً أن رئيس الوزراء أبي أحمد أبلغ عدداً من قيادات حزبه ووزرائه خلال اجتماع الأسبوع الماضي لعرض الموقف التفاوضي بأن أي اتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة "استرشادي فقط وليس ملزماً" طالما استمرت مصر والسودان في تمسكهما باتفاق المحاصصة الموقع عام 1959 باعتبار أنه من المستحيل الوفاء بذلك التقسيم المائي في حالة الأخذ بأي مصفوفة من أي طرف تتعلق بتتظيم تدفق المياه من السد.
وحتى الآن؛ تستفيد مصر من فوائض الحصص أو بواقي الفيضان ورغم أهميتها، فإن إثيوبيا والسودان تبالغان في تقدير كميتها وتعتبران أن مصر تستفيد منها بشكل كبير، وكانت تقولان خلال مفاوضات واشنطن إن مصر يصلها حالياً أكثر من 80 مليار متر مكعب، أي بأكثر من الحصة المنصوص عليها في اتفاقية 1959 مع السودان بواقع 30 ملياراً، وتجادل إثيوبيا بأن ملء بحيرة سد النهضة سيخفض الحصة المصرية (الفعلية) إلى رقم يتراوح بين 52 و55 مليار متر مكعب، شاملة بواقي الفيضان، مقابل ارتفاع نصيب الخرطوم الفعلي) إلى ما يتراوح بين 18 و20 مليار متر مكعب، بدلاً من 8 مليارات كان منصوصاً عليها في اتفاقية 1959.
وترفض السودان ومصر تلك الحسابات وذلك الاتجاه الإثيوبي، خاصة الخرطوم التي صرح مسؤولوها أكثر من مرة بعد فشل المفاوضات الفنية الأخيرة بأن الاتفاق المنشود لا يجوز أن يمتد لإعادة المحاصصة، كما أشارت إلى ذلك -ضمنياً- في خطابها إلى مجلس الأمن.
أما مصر فرغم أنها ستكون المتضرر الأكبر من إعادة المحاصصة، وهي أيضاً الهدف الأول من التصعيد الإثيوبي في هذا الاتجاه، فيبدو أنها ستستخدم الطلب الإثيوبي كوسيلة لفتح حديث أوسع عن الموارد المائية المتاحة لدى كل بلد، لإثبات أنها الطرف الأضعف في المعادلة والأكثر تضرراً على الدوام، وليس الجانب الإثيوبي الذي يروج على نطاق واسع لرواية مفادها أن مصر هي الطرف الأكثر استفادة من النيل وأنها تحرم إثيوبيا من الاستفادة من مواردها الطبيعية، وترغب في استمرار حرمانها.