يسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تغيير العقيدة المهنية للسلك الدبلوماسي المصري من جذورها، فبعد 4 سنوات تم خلالها إبعاد جميع السفراء والدبلوماسيين غير المؤيدين للنظام أو المتعاطفين مع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 عن المناصب والمهام رفيعة المستوى، كرّس النظام استراتيجية جديدة لتأهيل الشباب الملتحقين بوزارة الخارجية للعمل بأول درجاتها المهنية، يتمثل في إرضاخهم للمفاهيم العسكرية والأمنية وجعل ولائهم للقيادة العسكرية. وكشفت مصادر عدة لـ"العربي الجديد"، أن "وزارة الخارجية اتبعت منذ بداية العام الحالي نظاماً جديداً لتأهيل الشباب الخرّيجين، الذين تم اختيارهم للتعيين في السلك الدبلوماسي، سواء من خريجي كليات العلوم السياسية أو الاقتصاد أو باقي التخصصات الذين يتم تأهيلهم للعمل بوظائف مختلفة داخل الوزارة. ويقوم هذا النظام على إلحاق الخريجين المقبولين بدورات تأهيل في أكاديمية ناصر العسكرية، وبمعسكرات مغلقة يحاضر فيها مسؤولون بوزارة الدفاع وعدد من الأجهزة الاستخباراتية والأمنية".
وذكر أحد المصادر، وهو شاب ممن تم قبولهم للالتحاق بتلك الدورات، أن "الموضوعات ذات الأولوية في دورات التأهيل الجديدة باتت تحمل في الأساس طابعاً أمنياً وعسكرياً استراتيجياً، ومن أبرزها كيفية التصدي لما يسمى بحروب الجيل الرابع، والتي ذكرها السيسي أكثر من مرة في خطاباته كجزء من المؤامرات الدولية التي تستهدف مصر استغلالاً لوسائط الإعلام الجديدة ومواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة لمحاضرات عن دور القوات المسلحة في حماية الأمن القومي، وخطوات إنقاذ مصر من مصير دول أخرى في الربيع العربي".
وأشارت المصادر إلى أن "هذه المحاضرات التأهيلية يقوم عليها عدد من الخبراء العسكريين المعتمدين لدى أكاديمية ناصر، وبعضهم لم يحصل على أي دورات خارج مصر، بالإضافة لمسؤولين أمنيين محليين من الاستخبارات العامة والأمن العام والأمن الوطني، وبعض المتخصصين في مجالات التقنية الإعلامية الحديثة والتسويق الشبكي".
وأكدت أن "هذا التأهيل الأمني والعسكري يضعف صلة الخريجين المقبولين بالقيم والتفاصيل المهنية التي كان يقوم عليها التدريب الدبلوماسي، نظراً لتركيز المحاضرين حديثاً على إعلاء الاعتبارات الأمنية والعسكرية ذات الطبيعة الاستراتيجية مقابل أي اعتبارات مهنية أخرى. وهو ما يتماشى مع التشديد الأمني الذي تمارسه الجهات المسؤولة عن التحري عن الخريجين المتقدمين للسلك الدبلوماسي، إذ أصبحت التحريات تجرى على نطاق عائلي ووظيفي أوسع من السابق بالنسبة لكل خريج".
وكانت وزارة الخارجية مسرحاً لتغييرات هيكلية واسعة منذ الإطاحة بحكم الرئيس المنتخب محمد مرسي في يوليو/ تموز 2013، بدأها السيسي مطلع عام 2014 بإبعاد جميع السفراء والملحقين والمستشارين الذين تم تعيينهم في عهد الإخوان بعد نشر شائعات عن انتمائهم للجماعة أو تعاطفهم مع ثورة يناير، ثم تفاقمت الظاهرة بتولي الوزير الحالي سامح شكري منصبه والذي قام بعملية إبعاد منظمة وتدريجية للدبلوماسيين والموظفين الإداريين المشكوك في ولائهم للنظام، اعتمدت بشكل أساسي على التحريات الأمنية.
وفي الوقت نفسه تم توزيع السفراء المجازين من الأجهزة الأمنية على العواصم الرئيسية والمناصب المهمة في ديوان الوزارة، مقابل إعادة العشرات من السفراء المشكوك في ولائهم أو المجاهرين بانتقاد تصرفات النظام إلى أعمال مكتبية بديوان الوزارة، وهو ما يعني تخفيض امتيازاتهم المالية وتقليل فرص تدرجهم مهنياً.