وانتقد رئيس البرلمان علي عبد العال ظاهرة غياب النواب، بقوله إنه "لا يوجد إحساس بالمسؤولية لدى أعضاء المجلس". وبدا الغضب واضحاً عليه بسبب التغيب النيابي عن حضور جلسة التصويت، ما دفعه لمطالبة رؤساء اللجان النوعية بإنهاء الاجتماعات للمشاركة في الجلسة، قبل شروعه في الأخذ بأصواتهم برفع الأيدي، بعد تعطيله العمل بالتصويت الإلكتروني منذ أربع سنوات. وقلّ عدد الحاضرين كثيراً عن 298 نائباً، وهو العدد اللازم للانعقاد والتصويت.
ورأى المصدر أن "استمرار حالة الطوارئ يستهدف المعارضين قبل الإرهابيين، من خلال توظيف إجراءاته في تقييد العمل السياسي والحزبي، واستخدامها كذريعة لإجراء التحقيقات مع الناشطين والحقوقيين والصحافيين أمام نيابة أمن الدولة (طوارئ)"، مشيراً إلى أن "البرلمان لا يكترث بأحكام الدستور المنظمة لإعلان وتمديد حالة الطوارئ، طالما أن ذلك يصب في مصلحة النظام الحاكم". وأوضح المصدر، في حديثٍ خاص، أن حالة الطوارئ تقضي بعدم جواز الطعن على الأحكام الصادرة من محاكم "أمن الدولة"، وعدم اعتماد أحكامها بالبراءة إلا بمصادقة رئيس الجمهورية، فضلاً عن منح الأخير سلطة إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى، أو إلغاء العقوبة أو تخفيفها أو وقف تنفيذها، ما لم تكن الجريمة موضوع الحكم جناية قتل عمد أو اشتراكاً فيها.
ونصّ قرار إعلان الطوارئ على أن "تتولى القوات المسلحة، وهيئة الشرطة، اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، إلى جانب حفظ الأمن في جميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين، وتفويض رئيس الوزراء في بعض اختصاصات رئيس الجمهورية بشأن إعلان الطوارئ، والمُعاقبة بالسجن لكل من يُخالف الأوامر الصادرة من رئيس البلاد".
وأفاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أمام البرلمان أول من أمس الأحد، بأن قرار تمديد الطوارئ يهدف إلى "استكمال جهود القوات المسلحة والشرطة في مواجهة الإرهاب والإرهابيين، وتمكين أجهزة الدولة من مواصلة خطط التنمية في جميع ربوع مصر، لا سيما أن قوى الظلام تستغل الاضطرابات والتهديدات التي تشهدها المنطقة، للقيام بأعمال دنيئة ضد الأبرياء من المدنيين".
وشدد مدبولي على أن "الأعمال الإرهابية لم ولن تعطل عجلة الحياة في مصر، أو توقف تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية، أو برامج تحسين مستوى المعيشة، وتحقيق الحماية الاجتماعية لجميع أبناء شعب مصر"، مدعياً أن "الحكومة قطعت شوطاً كبيراً في تحقيق قدر كبير من الاستقرار اللازم لتدور عجلة الحياة، عبر تنفيذ إجراءات إصلاح اقتصادي بدرجة كبيرة من الكفاءة".
وكانت اللجنة العامة لمجلس النواب قد خلصت إلى الموافقة على إعلان الطوارئ، وما تضمنه قرار السيسي من أحكام، وكذلك ما تضمنه بيان رئيس الوزراء أمام المجلس عن الأسباب التي دعت إلى إعلان الطوارئ، مدعية أن "فرض الطوارئ هو إجراء ضروري في ضوء الظروف التي تمر بها مصر في المرحلة الراهنة داخلياً وإقليمياً، واستمرار جهود الدولة لاقتلاع جذور الإرهاب". وثمنت اللجنة ما ورد في بيان الحكومة عن التزامها بعدم استخدام التدابير الاستثنائية "إلا بالقدر الذي يضمن التوازن بين حماية الحريات العامة، ومتطلبات الأمن القومي"، مشيرة إلى موافقتها بأغلبية الحضور على القرار.
وبالتزامن مع إعلان حالة الطوارئ، فرض رئيس الوزراء المصري حظراً للتجوال في محافظة شمال سيناء، في المنطقة المحددة شرقاً من تل رفح مروراً بخط الحدود الدولية وحتى العوجة، وغرباً من غرب العريش وحتى جبل الحلال، وشمالاً من غرب العريش ماراً بساحل البحر وحتى خط الحدود الدولية في رفح، وجنوباً من جبل الحلال وحتى العوجة على خط الحدود الدولية.
ونصّ القرار على أن يكون توقيت حظر التجوال من الساعة السابعة مساءً، وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، عدا مدينة العريش والطريق الدولية من كمين الميدان وحتى الدخول إلى مدينة العريش من الغرب، ليكون الحظر فيها من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وحتى الساعة الخامسة من صباح اليوم ذاته، على أن يعمل بالقرار إلى حين انتهاء مدة حالة الطوارئ بموجب قرار رئيس الجمهورية.
وبحسب القانون المصري، فإن تطبيق حالة الطوارئ يستلزم مواجهة الأمن العام في أراضي الجمهورية، أو في منطقة منها، لأخطار "الحرب أو قيام حالة تهدد بوقوع حرب أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء"، مع إعطاء الحق في اعتقال أي شخص بموجب القانون، وإمكانية تظلمه أمام محكمة "أمن دولة" في حالة انقضاء ستة أشهر على اعتقاله من دون الإفراج عنه.
وتمنح الطوارئ صلاحيات استثنائية واسعة لرئيس الجمهورية، مثل "وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والمرور في أماكن أو أوقات معينة، ومراقبة الرسائل، أياً كان نوعها، والصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم، وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان، قبل نشرها، وضبطها ومصادرتها، وإغلاق أماكن طباعتها، والاستيلاء على أي منقول أو عقار".
كما تمنح الطوارئ الرئيس "سلطة فرض الحراسة على الشركات والمؤسسات، وسحب التراخيص بالأسلحة والذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها، والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات، وتحديدها بين المناطق المختلفة، وتحديد مواعيد فتح المحال العامة، وإغلاقها".
وفرضت حالة الطوارئ للمرة الأولى في مصر في أعقاب هزيمة عام 1967، حتى إيقاف العمل بها عام 1980 لمدة 18 شهراً، وإعادة فرضها مجدداً بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981، لتظل قائمة على مدى 30 عاماً هي فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، حتى توقفت مع إعلان تخليه عن الحكم في 11 فبراير/شباط 2011، نتيجة اندلاع ثورة شعبية أطاحت بحكمه.
وقرر المجلس العسكري فرض الطوارئ مرة أخرى بعد أحداث اقتحام سفارة إسرائيل بالقاهرة في سبتمبر/أيلول 2011، ومدّ العمل بها حتى مايو/أيار 2012. ولاحقاً فرض الرئيس المؤقت عدلي منصور العمل بالطوارئ لمدة شهر واحد اعتباراً من 14 أغسطس/آب 2013، إثر فضّ قوات الجيش والشرطة لاعتصامي "رابعة العدوية" و"نهضة مصر" لأنصار الرئيس الراحل محمد مرسي.
وفي عهد السيسي، فرضت حالة الطوارئ للمرة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2014، مقتصرة في البداية على محافظة شمال سيناء، مع فرض حظر التجوال في بعض مناطقها. وأعلنت الطوارئ في جميع أرجاء البلاد بعد اعتداءين استهدفا كنيستين قبطيتين في مدينتي طنطا والإسكندرية، في التاسع من إبريل/نيسان 2017، وأسفرا عن سقوط 45 قتيلاً.