من "مصر تستيقظ" إلى "حكاية وطن" شعارات كبرى، ملأت آذان المصريين على مدار ما يقرب من أربع سنوات منذ وصول الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي إلى الحكم في الرابع من يونيو/ حزيران 2014، إلا أن المؤشرات الحقيقية التي تفصح عنها البيانات الرسمية تفتح الأعين على واقع مغاير.
من داخل بزته العسكرية، بدأ السيسي يداعب أحلام المصريين بدولة لم يروها من قبل، فهم لم يجدوا من يحنو عليهم، ويخرجهم من دائرة تردي مستوى المعيشة والغلاء والبطالة والفقر.
وعقب أشهر قليلة تحولت وعود "بكرا تشوفوا مصر" إلى "نحن في شبه دولة" و"احنا (نحن) فقراء أوي (بشكل كبير)، بينما أسكرت أزمات معيشية متلاحقة عشرات الملايين من الفقراء ومحدودي الدخل، فلا يكادون يخرجون من موجة غلاء حتى تداهمهم الأخرى، لتتأجل أحلامهم إلى أجل غير مسمى.
وبينما رفعت الحكومة شعار الإصلاح الاقتصادي، إلا أن المؤشرات الرسمية تؤكد استمرار جموح عجز الموازنة وانهيار العملة المحلية وبلوغ الديون مستويات غير مسبوقة تلتهم أي مردود للإنتاج.
ربما كانت صرخات الشاب المثير للجدل سائق التوك توك (عربة بثلاث عجلات)، الذي استوقفه الإعلامي عمرو الليثي ضمن إحدى حلقاته من الشارع في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، معبرة عن واقع يراه الكثيرون، لا سيما أن كلماته وجدت صدى واسعاً بعد أن لخصها في مقولته :" نتفرج على التلفزيون نلاقي مصر فيينا (عاصمة النمسا).. ننزل للشارع نلاقيها بنت عم الصومال".
تضخم
كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) عن أن معدل التضخم بلغ خلال العام الماضي 2017 نحو 30.7%، بينما سجل خلال يوليو/تموز 2014 في الشهر الأول لحكم السيسي 10.7%.
وبدأ التضخم في الصعود تدريجيا منذ الشهر الأول للسيسي، لكنه قفز بشكل متسارع منذ تعويم سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بناء على مطالب صندوق النقد الدولي، مقابل إقراض مصر 12 مليار دولار تصرف على ثلاث سنوات.
وسجل التضخم مستوى قياسياً، في يوليو/تموز 2017، عند 34.2%، لكنه تراجع تدريجياً اعتباراً من أغسطس/آب الماضي، وفق البيانات الحكومية. وقال الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في بيان في يناير/كانون الثاني الماضي، إن المعدل تراجع إلى 22.3%، في ديسمبر/كانون الأول 2017، مقابل 26.7% في الشهر السابق له، بينما شكك خبراء اقتصاد في شفافية هذه المؤشرات، مشيرين إلى أن النسبة الحقيقية للتضخم تصل إلى 50%.
وقالت عضو مجلس النواب (البرلمان) والخبيرة الاقتصادية، بسنت فهمي، إن مواجهة التضخم من أهم التحديات التى تواجه الحكومة حالياً، حيث أن ارتفاع الأسعار أصبح شكوى جماعية، خاصة مع تراجع قيمة الجنيه أمام باقي العملات، واستمرار ارتفاع معدل الاستيراد بسبب عدم وجود بدائل محلية جيدة لكافة السلع.
وقفز الدولار الأميركي بأكثر من الضعف، ليصل سعره حاليا إلى نحو 17.73 جنيهاً، مقابل 8.8 جنيهات قبيل ساعات من تعويم العملة المصرية.
فقر
انتقلت نسبة الفقراء وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء من 27.8% في عام 2015، بينما قال وزير التنمية المحلية السابق ، هشام الشريف، في تصريحات صحافية في فبراير/ شباط 2017 إن نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر الشديد تجاوزت حاجز الـ 40%، وعزا ذلك إلى تعويم الجنيه.
وتقدّر الحكومة المصرية خط الفقر بمن يحصلون على دخل شهري بنحو 482 جنيهاً (27.3 دولارا)، بينما خط الفقر العالمي يصل إلى 57 دولاراً شهرياً، وهو ما يعادل أكثر من ألف جنيه، وفق سعر الصرف الرسمي حالياً.
بطالة
يظل الحصول على فرصة عمل كريمة يراود الملايين من الشباب، فبينما تشير البيانات الحكومية إلى انخفاض البطالة من 13.4% إلى 11.9% خلال السنوات الأربع الأخيرة، إلا أن هذه المؤشرات لا تجد قبولاً من كثير من الباحثين وخبراء الاقتصاد، الذين يقدرون نسبة البطالة بأكثر من 25% خلافا لما تعلنه الحكومة، لا سيما في ظل عدم تعافي السياحة ومحدودية الصادرات وتعثر الكثير من المشروعات في ظل ارتفاع كلف الإنتاج وتزايد أعباء الاقتراض، بعد ارتفاع أسعار الفائدة بنحو 8% منذ 2104 لتلامس 20% حالياً.
وقال هانى توفيق، المحلل المالي، إن قرار تعويم الجنيه، أثر بصورة كبيرة على أرباح الشركات، وبالتالي تخفيض الاستثمارات المستهدفة، فضلا عن حاجة الاستثمار الأجنبي لبيئة مواتية لتعويض الفارق، مضيفا: "نحتاج إلى معدل نمو حقيقي لا يقل عن 7% حتى يحيا المواطن فى اقتصاد جيد نسبيا".
ورفعت الحكومة توقعاتها للنمو الاقتصادي المستهدف خلال العام المالي الحالي (ينقضي بنهاية يونيو/حزيران) إلى 6%، مدفوعة بمعدلات الاستثمار.
لكن بيانات البنك المركزي، تظهر أن الاستثمار الأجنبي المباشر بلغ خلال العام المالي الماضي 4.3 مليارات دولار، بينما هو رقم ضئيل مقارنة بمشتريات الأجانب التي اقتربت من 21 مليار دولار في الديون الحكومية منذ تعويم الجنيه ورفع أسعار الفائدة، ما يعني أن الأجانب مهتمون أكثر بالمضاربة في الديون للاستفادة من فوائدها المرتفعة وتحقيق مكاسب سريعة بعيدا عن الاستثمار في الإنتاج الحقيقي، وفق أحمد إبراهيم، المحلل المالي.
عجز مالي
أظهرت البيانات الرسمية التي أعلن عنها السيسي خلال مؤتمره الأخير "حكاية وطن" في يناير/كانون الثاني 2018، تراجع عجز الموازنة من 16.7% إلى 10.9%، إلا أن النسبة التي أشار إليها قبل توليه الحكم غير صحيحة وفق المحلل الاقتصادي، ممدوح الولي، في تدوينة له على حسابه على فيسبوك، مشيرا إلى أنها بلغت وفق بيانات وزارة المالية 12.9%.
وبحسب محللين فإن هناك تلاعباً بالأرقام، حيث بلغت قيمة العجز في آخر موازنة قبل وصول السيسي، وهي السنة التي قضاها الرئيس محمد مرسي في الحكم، نحو 240 مليار جنيه، بينما قفز إلى 380 مليار جنيه بالعام المالي الماضي ويتوقع وصوله إلى 400 مليار جنيه بنهاية العام المالي الحالي.
فقر
انتقلت نسبة الفقراء وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء من 27.8% في عام 2015، بينما قال وزير التنمية المحلية السابق ، هشام الشريف، في تصريحات صحافية في فبراير/ شباط 2017 إن نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر الشديد تجاوزت حاجز الـ 40%، وعزا ذلك إلى تعويم الجنيه.
وتقدّر الحكومة المصرية خط الفقر بمن يحصلون على دخل شهري بنحو 482 جنيهاً (27.3 دولارا)، بينما خط الفقر العالمي يصل إلى 57 دولاراً شهرياً، وهو ما يعادل أكثر من ألف جنيه، وفق سعر الصرف الرسمي حالياً.
بطالة
يظل الحصول على فرصة عمل كريمة يراود الملايين من الشباب، فبينما تشير البيانات الحكومية إلى انخفاض البطالة من 13.4% إلى 11.9% خلال السنوات الأربع الأخيرة، إلا أن هذه المؤشرات لا تجد قبولاً من كثير من الباحثين وخبراء الاقتصاد، الذين يقدرون نسبة البطالة بأكثر من 25% خلافا لما تعلنه الحكومة، لا سيما في ظل عدم تعافي السياحة ومحدودية الصادرات وتعثر الكثير من المشروعات في ظل ارتفاع كلف الإنتاج وتزايد أعباء الاقتراض، بعد ارتفاع أسعار الفائدة بنحو 8% منذ 2104 لتلامس 20% حالياً.
وقال هانى توفيق، المحلل المالي، إن قرار تعويم الجنيه، أثر بصورة كبيرة على أرباح الشركات، وبالتالي تخفيض الاستثمارات المستهدفة، فضلا عن حاجة الاستثمار الأجنبي لبيئة مواتية لتعويض الفارق، مضيفا: "نحتاج إلى معدل نمو حقيقي لا يقل عن 7% حتى يحيا المواطن فى اقتصاد جيد نسبيا".
ورفعت الحكومة توقعاتها للنمو الاقتصادي المستهدف خلال العام المالي الحالي (ينقضي بنهاية يونيو/حزيران) إلى 6%، مدفوعة بمعدلات الاستثمار.
لكن بيانات البنك المركزي، تظهر أن الاستثمار الأجنبي المباشر بلغ خلال العام المالي الماضي 4.3 مليارات دولار، بينما هو رقم ضئيل مقارنة بمشتريات الأجانب التي اقتربت من 21 مليار دولار في الديون الحكومية منذ تعويم الجنيه ورفع أسعار الفائدة، ما يعني أن الأجانب مهتمون أكثر بالمضاربة في الديون للاستفادة من فوائدها المرتفعة وتحقيق مكاسب سريعة بعيدا عن الاستثمار في الإنتاج الحقيقي، وفق أحمد إبراهيم، المحلل المالي.
عجز مالي
أظهرت البيانات الرسمية التي أعلن عنها السيسي خلال مؤتمره الأخير "حكاية وطن" في يناير/كانون الثاني 2018، تراجع عجز الموازنة من 16.7% إلى 10.9%، إلا أن النسبة التي أشار إليها قبل توليه الحكم غير صحيحة وفق المحلل الاقتصادي، ممدوح الولي، في تدوينة له على حسابه على فيسبوك، مشيرا إلى أنها بلغت وفق بيانات وزارة المالية 12.9%.
وبحسب محللين فإن هناك تلاعباً بالأرقام، حيث بلغت قيمة العجز في آخر موازنة قبل وصول السيسي، وهي السنة التي قضاها الرئيس محمد مرسي في الحكم، نحو 240 مليار جنيه، بينما قفز إلى 380 مليار جنيه بالعام المالي الماضي ويتوقع وصوله إلى 400 مليار جنيه بنهاية العام المالي الحالي.