كما أدخلت الحكومة بعض التعديلات على منح الإقامة لغير المصريين في مايو/أيار الماضي ومنها منح الأجنبي من غير السائح إقامة عام عند شرائه عقارا بقيمة 100 ألف دولار وخمس سنوات، إذا زاد الرقم لـ 400 ألف دولار، كما اشترطت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، على الحاجزين بمشروع إسكان المصريين العاملين بالخارج بنظام التمليك، أن تكون المبالغ المحولة عن طريق حساب بنكي خارجي بالدولار، وليس من حسابات الحاجز داخل مصر.
فهل تنجح مصر في الحصول على موطئ قدم على خريطة التصدير العقاري؟
استثمار محفوف بالمخاطر
يقول عبدالحافظ الصاوي، الباحث الاقتصادي: الدولة تتجه للتصدير العقاري، كأحد الأبواب لتنمية الموارد الدولارية، والخطاب هنا موجه للمصريين العاملين بالخارج، والعرب ثم الأجانب خارج المحيط العربي، فكما هو معلوم فإن مصريي الخارج بعد تعويم الجنيه ارتفعت ارصدتهم من العملة المحلية لأكثر من الضعف، وهو ما أغرى البعض بالدخول في سوق العقارات ، منهم من قرر الاستثمار في العقارات كمدخرات تحقق لهم شريحة من الربح عند البيع، وهذا استثمار محفوف بالمخاطر، في ظل حالة عدم الاستقرار في مصر، وآخرون اشتروا بغرض السكن، أو التوسعة.
ويضيف الصاوي أن "العرب وخاصة منطقة الخليج، فالأجواء السياسية غير المستقرة حاليا، دفعت البعض للبحث عن شراء شقق في دول أخرى، تحسبا لأي ظروف طارئة، ومنها مصر مثلا، ولكن ليس بحجم إقبال الخليجيين على الشراء في تركيا، لما تتميز به من توافر الخدمات الحياتية بشكل جيد مع الاستقرار السياسي والاقتصادي".
وأشار إلى أن "البحث عن سوق عقارية خارج محيط المنطقة أمر صعب، فما الذي يغري الأوروبي مثلا لشراء عقار في مصر؟ في ظل تواضع مستوى الخدمات الحياتية، مع اختلاف الثقافة واللغة، مما يصعب من مهمة الاندماج داخل المجتمع، بالإضافة إلى عدم وجود استقرار أمني".
ويشير الصاوي إلى أن الدولة في حاجة إلى مليون وحدة سكنية سنويا، منها 600 ألف وحدة للأسر الفقيرة، وهي الشريحة التي لا تسمح مداخيلها بالتعامل مع مؤسسات التمويل العقاري، وبالتالي أصبحت خارج نطاق ما يسمى بالإسكان الاجتماعي، فتلجأ لنظام الإيجار، في الأماكن الأرخص، والتي تفتقر بطبيعة الحال للكثير من الخدمات الحياتية "العشوائيات"، فتكون النتيجة تعليماً غير جديد، مستوى صحيّاً متواضعاً، إنتاجية العامل أقل لبعده عن مكان العمل، بالإضافة للكثير من النتائج السلبية، والتي مع تراكم السنوات، تنعكس آثارها على الحالة العامة في مصر.
ويلفت الصاوي النظر إلى أنه رغم حاجة هذه الشريحة إلى السكن الاجتماعي، إلا أن دعم الإسكان الاجتماعي في الموازنة العامة للدولة 2017/2018 يكاد لا يذكر.
فجوة عقارية
يؤكد الدكتور أشرف دوابة، الخبير المالي، أنه بعد تعويم الجنيه، انخفضت دخول المصريين، وبالتالي ضعفت قوتهم الشرائية، وخاصة بعد أن وصل الارتفاع في أسعار بعض المنتجات إلى 120%، مما أصاب السوق المصرية بشكل عام بحالة ركود، ومنها قطاع العقارات بالرغم من أن أسعاره، لم ترتفع بنفس نسبة القطاعات الأخرى.
وأشار إلى أن بعض الخليجيين والمصريين العاملين بالخارج، ونتيجة انخفاض قيمة الجنيه عقب التعويم لأكثر من الضعف، تشجعوا على شراء العقارات بغرض السكن أو الاستثمار العقاري.
وأضاف دوابة قائلا: " أعتقد أنه مهما وضعت الدولة، في وضعها الحالي، من محفزات لتنشيط السوق العقارية الخارجية، فلن تتحرك كثيرا، لأن مصر الآن ليست سوقا جاذبة، فهي تفتقر للكثير من الخدمات كالتعليم والصحة مثلا، ناهيك عن حالة عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي، في ظل وجود حكم عسكري مستبد".
ويرى دوابة أن الاستثمار العقاري في مصر الآن تحفه الكثير من المخاطر، فنتيجة لعدم الاستقرار الأمني والاقتصادي قد تحدث فجوة عقارية، تؤثر بالسلب على حالة السوق، موضحا أن الحفاظ على أرصدة المصريين بالخارج بالعملة الأجنبية، أفضل من المخاطرة في الاستثمار العقاري، وخاصة مع صعوبة "التسييل" في هذا النوع من الاستثمارات.
خريطة التصدير العقاري
سألت "العربي الجديد" المهندس حازم الجندي، وهو خبير دولي في التسويق العقاري، حول إمكانية دخول مصر سوق التصدير العقارية؟
فأجاب أن "الأسعار ارتفعت في كل القطاعات، ومن ضمنها القطاع العقاري، منذ تعويم الجنيه العام الماضي، ومع انخفاض القوة الشرائية للمواطنين، ومع ارتفاع أسعار الوحدات السكنية، كانت النتيجة الحتمية إصابة السوق بحالة ركود".
وأشار الجندي إلى أن "ارتفاع أسعار العقارات كان بنسبة أقل من باقي القطاعات لوجود مخزون عقاري تم بناؤه قبل مرحلة التعويم، ومن ثم فإن بيعها يستلزم فترة طويلة من الوقت، لذا فلن تتحرك أسعار العقارات كثيرا خلال الفترة المقبلة".
وأضاف أن فرص مصر للتصدير العقاري ضعيفة، والمنافسة في المنطقة ليست في صالحها، مشيرا إلى أن السوق قد تتحرك على استحياء، كإقبال بعض العرب والمصريين العاملين بالخارج على التملك للضرورة بغرض السكن وليس الاستثمار لأن الوضع الأمني والاقتصادي غير مستقر.
ونوه الجندي إلى أن سوق العقارات حاليا في مصر متعثرة، مقارنة ببعض الدول في المنطقة كتركيا، التي نجحت في جذب الاستثمارات العقارية، وخاصة من دول الخليج، لا سيما السعودية، مشيرا إلى أن السوق التركية تشهد حاليا حراكاً من السعوديين تجاه الاستثمار العقاري في هذه المرحلة.
وأكد خبير التسويق العقاري أنه بالرغم من أن أسعار تركيا قد تكون أغلى من مصر، إلا أن المستثمر دائما يبحث عن الربح والأمان، وهذا غير متوفر الآن في السوق العقارية المصرية.
ويرى الجندي أن مصر ما زالت بعيدة عن الخريطة العالمية للتصدير العقاري، والتي تتصدرها الولايات المتحدة وإنكلترا وروسيا وتركيا.