أجّلت محكمة جنايات القاهرة المصرية، اليوم الثلاثاء، الجلسة الثامنة عشرة بالقضية المعروفة إعلامياً بـ"مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية"، والتي يحاكم فيها 739 من رافضي الانقلاب العسكري، على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم التجمهر في اعتصام رابعة العدوية، للاعتراض ورفض الانقلاب العسكري الذي وقع في البلاد في 3 يوليو/ تموز 2013، إلى جلسة 25 فبراير/ شباط الجاري، لاستكمال عرض أحراز القضية، وقررت المحكمة إخلاء سبيل معتقل لتدهور حالته الصحية.
وسلم ممثل النيابة العامة في بداية جلسة اليوم إلى المحكمة، تقريرًا طبيًا خاصًا بالمعتقل "عبد الباسط عبد الصمد"، الذي تبينت إصابته بتضخُّم في الكبد، إلى جانب تورُّم الفص الأيمن من الكبد، وتدهور حالته الصحية، فقررت المحكمة إخلاء سبيله.
وواصلت المحكمة بجلسة اليوم، عرض أحراز القضية، والتي كانت عبارة عن مقاطع فيديو عن اعتصام رابعة، لم تظهر أي أعمال عنف أو حمل سلاح، بل أظهر أحد الفيديوهات لعملية استخراج الجثث من تحت منصة الاعتصام بميدان رابعة، من ضحايا المذبحة، التي ارتكبتها العناصر الأمنية.
وطالب فريق الدفاع عن المعتقلين خلال الجلسة الماضية، بإخلاء سبيل المعتقل مصطفى محمد السيد لتدهور حالته الصحية، ورفض الإفراج عن مرضى آخرين.
وطالب فريق الدفاع عن المعتقلين خلال جلسة اليوم، بإخلاء سبيل المعتقل مصطفى محمد السيد، لإصابته بمرض التليّف الكبدي، وتدهور حالته الصحية، مما يعرضه لخطر الموت، كما طالب بإخلاء سبيل المعتقل محمد سعيد عثمان لإصابته بتمزق في الطحال، وتدهور حالته الصحية أيضًا.
وقد شهدت الجلسة نشوب مشادة كلامية بين القاضي وأعضاء هيئة الدفاع عن المعتقلين بالقضية، وذلك بعدما سلم ممثل النيابة العامة تقرير الكشف الطبي على بعض المعتقلين للمحكمة، ليصمم فريق الدفاع على الاطلاع عليها، إلى جانب تمسكهم بإخلاء سبيل باقي المعتقلين المرضى على ذمة القضية.
ومن ناحيته رد القاضي، على مطالب الدفاع، بأنه سينظرها عقب الانتهاء من فض الأحراز بالقضية، ليعترض الدفاع بشكل بالغ لمخالفة ذلك الإجراءات القانونية المنظمة لسير الجلسة، فيما عنّف القاضي أحد المحامين قائلاً له: "اتكلم كويس"، ليرد عليه المحامي "أنا بتكلم كويس وبتكلم في القانون".
وقامت المحكمة بعد ذلك، بالبدء في عملية فض أحراز القضية، حيث عرضت المحكمة الحرز الأول وهو عبارة عن أسطوانة عليها 4 مقاطع فيديو.
وجاء في المقطع الأول أحداث شغب وتظاهر بجامعة الأزهر، والثاني يظهر حدوث اشتباكات أمام المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 3يناير/ كانون الثاني 2014، والثالث يظهر أحداث شغب بشارع الهرم عقب مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية، ومقطع رابع يظهر اشتباكات بمنطقة جسر السويس بشارع البن البرازيلي.
وعلق الدفاع على الفيديوهات الأربعة قائلاً: "إن ما عُرض من فيديوهات لا يتعلق بالقضية، وهي حدثت في مناطق وأزمنة مختلفة، وإن جميع المعتقلين كانوا على ذمة الحبس الاحتياطي وقت نشوب هذه الأحداث"، وهو ما أيدته المحكمة في محضر الجلسة.
وقدم ممثل النيابة العامة في الجلسة الماضية، التقارير الطبية الخاصة ببعض المعتقلين في القضية وعددهم 10 معتقلين، والتي جاءت لتؤكد تدهور حالتهم الصحية بشكل خطير، فقررت المحكمة إخلاء سبيلهم صحياً على ذمة القضية.
حيث تم إخلاء سبيل، "أحمد محمد زاهر، وشريف كامل الورداني، ونزيه نزيه محمد، وحسين جاد عبد الموجود، وأحمد السيد عبد الرحيم جاويش، ومصطفى أحمد (مريض بالصرع والتشنجات)، وهشام جودة، وعزوز سعد (مريض بتليّف الكبد)، وأحمد حسن حنفي، وعزمي عبدالسلام".
وقد اعترض الدفاع الحاضر مع باقي المعتقلين على قرارات الإفراج عن بعض المعتقلين دون غيرهم، بالرغم من عدم توافر مبررات الحبس الاحتياطي، مؤكدين وجود معتقلين آخرين مرضى وحالتهم متدهورة، وآخرين أمضوا فترة الحبس الاحتياطي، وحبسهم أصبح غير قانوني، متهمين النيابة العامة بتعمد تأخير الكشوف الطبية الخاصة بالمرضى.
مما أدى إلى حدوث مشادة كلامية بين المحكمة وأحد أعضاء هيئة الدفاع، انتهت بطلب المحامي التقدم بدعوى رد مخاصمة ضد المحكمة، إلا أن باقي الدفاع تدخل لإنهاء المشكلة، وقرر المحامي سحب طلب إقامة دعوى المخاصمة، واستمرت المحكمة بعدها في نظر القضية وفض الأحراز.
وقامت المحكمة بعد ذلك بعرض الفيديوهات المحرزة بالقضية كدليل إدانة ضد المعتقلين، إلا أنه تبين أنها لم تكن لها علافة بالقضية، وأثبتت هيئة الدفاع اعتراضها على ما عُرض من فيديوهات، وعددها 4 فيديوهات، وذلك بسبب أنها لا علاقة لها بأحداث القضية، ولا النطاق المكاني أو الزمني بالقضية فضلاً عن أن المحتوى الموجود لا يمكن إثباته.
حيث تبين أن الفيديوهات كانت من أحداث أخرى، وهي أحداث الحرس الجمهوري، واقتحام مبنى أمن الدولة في مارس/ آذار 2011، وأحداث أخرى جميعها تبين أنها من ثورة 25 يناير، لا علاقة لها بالقضية، فقررت المحكمة استبعاد هذه الفيديوهات من القضية.
وسمحت المحكمة خلال الجلسة قبل الماضية، بخروج أسامة محمد مرسي نجل الرئيس محمد مرسي، من القفص الزجاجي، والحديث إلى المحكمة في أول ظهور له بعد القبض عليه، واعتقاله من مقر سكنه بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية يوم 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وقال أسامة إنه ينكر الاتهامات المنسوبة إليه من جانب النيابة العامة في القضية الماثلة، وأكد أنه لا يعلم أي شيء عن الدعوى ولم يطلع على أوراقها، وأن المضبوطات المالية التي نسبتها له النيابة تخصه بالفعل وهي مبلغ ألفي دولار و35 ألف جنيه مصري.
وتابع قائلاً، "تلقيت عدة رسائل من بداية نظر الدعوى منذ 12 شهراً، من بينها مكالمة على هاتفي الخاص من جهاز الأمن الوطني -أمن الدولة- وقالوا لي خلالها (هتقعد في البيت وتسكت وتتلم هنهدى عليك، لكن لو رددت شعارات هننفذ قرار الضبط والإحضار عليك)".
وأضاف، "إحنا مش على رأسنا بطحة علشان حد يحسس عليها، وبناءً عليه كنت مقيما في منزلي طوال تلك الفترة وكنت أمارس حياتي بشكل طبيعي، ولكني أصبت بحالة من الفزع بعدما فوجئت بالعشرات من المدرعات وآلاف الضباط أمام منزلي للقبض عليّ، وهو أمر غير مسبوق... وعقب ذلك توجهت لنيابة شمال القاهرة وانتظرت هناك وأنا لا أعرف أي تفاصيل في هذه القضية، إلى أن أجبروني على الإمضاء على أمر الإحالة، وقولتلهم هاتوا القلم أمضي على أمر الإحالة خلوني أروّح... وأنا ولا فرحان إن الناس دي كانت بتحرسني من 3 سنين، ولا زعلان دلوقتي أنهم بيتشفّوا فيا".
وفي نهاية حديثه طالب من المحكمة تسليم المبالغ المضبوطة بحوزته عقب القبض عليه لأهله كون القضية لا يوجد فيها فساد مالي، قائلا "إن المبالغ المضبوطة هي نقطة سبوع ابني".
وبعدها طالب أحد المعتقلين في القضية ويدعى رضا محمد، من المحكمة بتوفير الحماية له، بسبب تعرضه للتعذيب الممنهج داخل سجن برج العرب، حيث مقر اعتقاله.
واشتكى المعتقل من تعرضه للضرب المبرح خلال الجلسة الماضية التي لم يحضرها، وأن الأمن لم يحضره للجلسة لأن الإصابات كانت ظاهرة عليه وقتها، وعقّب قائلًا، "لم يتوقف الأمر عند الضرب بل ومحاولة قتلي حيث تعرضت لإطلاق الغاز السام بزنزانتي بسجن برج العرب"، ليعلق القاضي عليه متهكما، "أومال ماموتش ليه؟"، وهو ما اعترض عليه الدفاع، حتى لو كان الأمر على سبيل الدعابة لأن موكلهم يعاني من التعذيب داخل السجن.
وخلت قائمة الاتهام من رجال اﻷمن والجيش، الذين أشرفوا ونفذوا عملية فض الاعتصام، التي خلفت أكثر من ألف قتيل، من المعتصمين المدنيين السلميين في أكبر مذبحة شهدها التاريخ المعاصر.
واقتصرت القائمة على قيادات جماعة اﻹخوان المسجونين في مصر، والمتهمين بالتحريض على الاعتصام والتخريب، وتعطيل المرافق العامة والطرق، باﻹضافة إلى بعض القيادات المتواجدة في الخارج، وأنصار الاعتصام، فضلاً عن معظم اﻷفراد الذين شاركوا في الاعتصام، وتم اعتقالهم خلال عملية الفض.
ومن المتهمين، المرشد العام لجماعة اﻹخوان د. محمد بديع، والنواب السابقون عصام العريان ومحمد البلتاجي وعصام سلطان، وعضو مكتب اﻹرشاد عبد الرحمن البر، والوزيران السابقان أسامة ياسين وباسم عودة، والقياديان اﻹسلاميان، عاصم عبد الماجد، وطارق الزمر، والداعيتان صفوت حجازي ووجدي غنيم.
كما تضم القائمة المصور الصحفي، محمود أبوزيد، الشهير بـ "شوكان" الذي طالبت نقابة الصحافيين المصريين أكثر من مرة بإخلاء سبيله في القضية، لعدم وجود أي صلة تنظيمية بينه وبين جماعة اﻹخوان، ووجوده في مكان الاعتصام لأداء عمله.
وبخلاف ذلك تضم القائمة العشرات من رجال الدين والشيوخ وأساتذة الجامعات والأطباء وأئمة المساجد والمهندسين والمحامين والصيادلة والطلاب وعدداً من المسؤولين إبان حكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وغيرهم من فئات المجتمع.
ويحاكم المتهمون في القضية رغم كونهم معتدى عليهم، وارتكبت بحقهم أكبر مذبحة في التاريخ المعاصر في مصر، خلال عملية مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية، ورغم سقوط أقارب وأهالي وأصدقاء ومعارف المتهمين إلا أن السلطات المصرية لم تكتف بالانقلاب على الشرعية والمذبحة الدموية بل وحوّلت ذويهم إلى متهمين وجناة وأحالتهم للمحكمة.
وتنظر القضية أمام دائرة المستشار حسن فريد بمحكمة جنايات القاهرة، والتي سبق أن أصدرت أحكاما في قضية خلية الماريوت وأحداث مجلس الشورى، والمعروف بمواقفه العدائية لرافضي الانقلاب العسكري.