وتأتي هذه الواقعة عقب استهداف تنظيم "ولاية سيناء"، التابع لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لكمين المطافي الأمني، في 9 يناير/كانون الثاني الجاري، في إطار سلسلة عمليات ضد عناصر الشرطة.
ونشرت (منظمة سيناء لحقوق الإنسان ) صورة ضوئية لمحضر شرطة صادر عن قسم ثان العريش عن اختطاف عناصر تنظيم "ولاية سيناء" لمدرعة تابعة للشرطة.
وذكر المحضر أن إدارة شرطة النجدة تلقت بلاغا بوجود اعتداء على المدرعة المتمركزة أمام مستشفى العريش العام، وانتقل مأمور قسم شرطة ثان العريش ورئيس ومعاون المباحث إلى موقع الحادث، لتبين، وفقًا للمعاينة، مقتل النقيب محمد عبد الفتاح عبد الجواد، واختفاء المدرعة رقم 7266/ب 13 بطاقمها، وعدده 3 أفراد من الشرطة، بسلاحهم الميري، وصديري وخوذة واقية من الرصاص لكل منهم.
الصورة الضوئية تكشف عدم صحة ادعاءات وزارة الداخلية حول عدم اختطاف مدرعة بطاقمها، في أعقاب هجمات التنظيم المسلح بقلب مدينة العريش منذ مطلع الشهر الجاري.
وكانت الرواية الأمنية شبه الرسمية حول اختطاف المدرعة بطاقمها تشير إلى أن عناصر مسلحة قامت بقتل طاقم مدرعة للشرطة أمام مستشفى العريش العام، دون الإشارة إلى عملية الاختطاف لطاقمها.
وفي وقت سابق، كشفت مصادر قبلية عن اختطاف مدرعة شرطة بطاقمها من قبل مسلحي "ولاية سيناء"، قبل أن يُحتجز أفراد الشرطة الثلاثة، وتترك المدرعة في مدينة العريش.
وعقب الواقعة، كثّفت قوات الأمن، بالتعاون مع قوات الجيش المصري، من حملاتها على عدة مناطق في محاولة للبحث عن المختطفين، الذين لم يعلن تنظيم "ولاية سيناء" عن احتجازهم.
وعقب واقعة اختطاف أفراد الشرطة الثلاثة، وتحديدا في 13 يناير/كانون الثاني الجاري، نفذت قوات الأمن عملية قتل خارج إطار القانون (تصفية جسدية) لعشرة من الشبان في مدينة العريش، بما يؤكد أن هذه التصفية جاءت كنوع من الانتقام لاختطاف أفراد الشرطة، بحسب مصادر قبلية.
وقالت المصادر إن قوات الجيش شنّت حملات على مدينتي الشيخ زويد ورفح، فضلاً عن منطقة وسط سيناء، خلال الأيام القليلة الماضية، في إطار البحث عن المفقودين، خاصة مع تكليف بعض المتعاونين معهم لمحاولة الوصول لمكان أفراد الشرطة المختطفين.
ميدانيًا، تواصل قوات الجيش والشرطة حملاتها في إطار مدينة العريش، وتحديدًا في منطقة الجنوب، لتمشيطها خوفًا من اندساس عناصر مسلحة بين الأهالي، تنفذ عمليات ضد قوات الشرطة في قلب مدينة العريش.
وأبدى عدد كبير من الأهالي ضيقهم تجاه حملات الجيش غير المبررة، والزعم بوجود عناصر مسلحة، وسط حملات اعتقالات عشوائية وتنكيل بالمدنيين، ومداهمة المنازل.
وشددت المصادر ذاتها على أن الحملات الأمنية هدفها في الأساس إرباك أي محاولات لانتفاضة أهالي العريش، ردًا على تصفية عدد من الشباب، خوفًا من تكرارها مرة أخرى، ولكن لم تتوقف الأجهزة الأمنية، حيث قامت بتصفية مواطن أمام أسرته.
ولفتت إلى أن الأوضاع في العريش باتت متوترة جدًا ومرشحة للتصعيد في أي لحظة مع تصاعد حملات الجيش، وتحديدًا في منطقة جنوب العريش، محذرة من استمرار هذه الانتهاكات التي تؤدي بسيناء إلى "مرحلة لا يريدها أحد مطلقًا، خاصة مع ميول الشباب إلى مسألة الثأر والانتقام للقتلى والمعتقلين".
من جهته، استغرب خبير أمني حالة التردي الأمني وعدم القدرة على التعامل مع الجماعات المسلحة، وخاصة أن "أجهزة الدولة تقف صفًا واحدًا لمواجهة الإرهاب بسيناء"، حسب قوله.
وقال الخبير إن "التعامل الأمني أصبح أسوأ مما كان"، متسائلاً: "كيف يحمي رجال الشرطة الأهالي وهم لا يستطيعون حماية أنفسهم ومدرعاتهم"؟ مشددا على أن "هذه الواقعة تستدعي تغيير القيادات الأمنية فورًا، ومحاسبتها حول درجة التدريب الذي يتلقّاه أفراد الشرطة".
وأضاف أنه "لا بد من مراجعة هذه الاستراتيجيات الأمنية المتبعة في مواجهة الجماعات المسلحة، وعدم التصعيد تجاه الأهالي، وإيجاد حالة من الاحتقان غير المبرر"، متابعا أن "الوضع في سيناء ينذر بكارثة، في ظل تعمد قوات الجيش والشرطة هدم النظام القبلي، بحيث إن السيطرة على الأوضاع ستكون أكثر صعوبة، فتجارب مواجهة الجماعات المسلحة في ظل النظام القبلي تفشل في ظل معاداة هذا النظام".